نشرت جريدة الرأى الكويتية مقالا للكاتبة سارة النومس، تناولت فيه استمرار وتفشى ظاهرة العنف ضد المرأة (وخاصة العنف المنزلى) رغم كثرة الحركات النسائية وجهود الحكومات لتمكين المرأة وسن القوانين، لذا تدعو الكاتبة إلى تركيز هذه الجهود على توفير حلول عملية وملموسة، بدلاً من مجرد دراسة المشكلة وتوثيقها.. نعرض من المقال ما يلى:
على الرغم من كثرة الحركات النسائية فى العالم خصوصا فى الآونة الأخيرة، اختلفت المطالبات بشكل أدى إلى عدم وضوح الجمعيات النسائية أو تلك الحركات.
قمت بزيارة المكتبة الوطنية العامة فى روتردام قبل أيام عدة، حيث يعتبر 2025 هو عام المرأة فى المدينة الهولندية، تخليدا لذكرى ظهور الحركات النسائية فى عام 1975.
وشهدت عرضا تقديميا أنا وزميلات لى بهذه المناسبة، والأسباب التى أدت لظهور تلك الحركات، وأهمها العنف المنزلى.
إن معظم الحكومات اليوم تساهم بشكل كبير فى دعم المرأة وتمكينها فى بيئات العمل ومساندتها فى المجالات المتعددة ومنها السياسية، لكن ورغم ذلك لا يزال بعض النساء يعانين من العنف المنزلى والاضطهاد الوظيفى فى بعض بيئات العمل التى يتركز عليها الجانب الذكورى.
لقد حضرت بعض المؤتمرات التى تطالب بالحد من العنف ضد المرأة، وسُنت قوانين تحافظ على سلامة المرأة ووجودها، لكن ذلك لم يحافظ بشكل كامل على أمنها فى المجتمع.. بعض الجرائم تُرتكب بدافع الشرف، على سبيل المثال، تبريرًا لقتل المرأة.
وما أثار استغرابى أن هذا السبب متداول أيضًا فى جرائم القتل ضد النساء فى هولندا.
من أهم الأسباب التى تدفع المرأة لعدم المطالبة بحمايتها فى مجتمعاتنا العربية وحتى الغربية، هو عدم استعدادها للتخلى عن منزلها وأطفالها والبقاء فى بيئة آمنة قد توفرها بعض الحكومات لحمايتها.. وبعض الشخصيات الذكورية لن تستطيع إيقاف عنفها ضد المرأة أو الطفل فى المنزل.
كما أن الخوف من الكلام الذى يُتداول أحيانًا بين الناس عن أسباب هروب النساء من منازلهن، قد يجعلها تخشى ذلك وتفضل البقاء معنفة على أن يتلوث سمعة منزلها بكلام الناس واتهاماتهم، وهذا من سمات المرأة التى تغلبها العاطفة ومع إعطاء فرص كثيرة ربما ينصلح حال المنزل.
كما أن عدم رغبة بعض الأسر بزيارة الإخصائيين لطرح المشكلة والبحث عن حلول لها، كانت من المسببات الرئيسية لتفاقم المشاكل فى المنزل.. قد يتدخل بعض الأبناء لحماية الأم أو الابنة من تسلط الأب أحيانا أو العكس. وتستشير بعض النساء جمعيات نسائية لحمايتها والبحث عن الحلول لها، لكنها تخشى أيضا التدخل القانونى الذى ربما يؤدى فى النهاية لتفكك الأسرة.
القول إن الاختيار كان خاطئا، هو قول فات أوانه، ولا مجال للعودة إلى الماضى وتغيير المصير، لكن لا بد أن نسلّط الضوء على جهود الدول فى سن القوانين وتوفير الجمعيات والمؤسسات التى تكفل حماية المرأة، ولكن لِمَ لا تعطى تلك الجمعيات والمنظمات، الحلول للنساء؟
فعندما تقوم بعمل دراسات عن نسبة العنف وأسبابه، لابد فى النهاية من توافر الحلول التى قد تساعد المرأة فى مواجهة العنف، ونشر تلك الحلول بالمجان وتوفيرها فى كل الأماكن، فبعض النساء لا يستطعن الوصول لتلك الجمعيات، كما يساهم الإعلام بشكل كبير عن طريق البرامج التثقيفية والمقابلات الحوارية بطرح تلك المشكلات وكيفية الوصول لحلها، وستساهم تلك البرامج فى مساعدة المرأة بالتفكير السليم للحل.
ليس هناك مجتمع فى العالم خالٍ من العنف ضد المرأة أو الطفل، مهما كثرت الجمعيات والمؤسسات التى تتحدث عن هذا الموضوع، وليست المرأة العربية وحدها التى تعانى. لا يستطيع أحد إيقاف الجريمة لكن يستطيع أن يحد من ارتكابها وربما تقليل الجرائم فى المجتمع، كما أن دور الجمعيات والمؤسسات لا يجب أن يكون حكرًا على المرأة وإنما حتى الرجل بحاجة لاهتمام تلك المؤسسات فى كيفية بحث السبل المهمة لإصلاحه وإعانته على إدارة منزله بالحكمة.
إنّ تلك الجمعيات والمنظمات لم تظهر كى تقوى شوكة النساء ضد الرجال كما يظن الكثيرون، وإنما لإعانتها على مواجهة الصعوبات وتأهيلها، فوجود امرأة مطمئنة فى بيت يعنى استقراره وراحة الأبناء بين ذويهم.
النص الأصلي
https://tinyurl.com/25tjtkzm