حرب السنوات الست العظيمة
الأحد 5 أكتوبر 2025 - 8:00 م
** فى يومى 9 و10 يونيو 1967 أعلن الشعب المصرى رفضه للهزيمة حين خرج بالملايين إلى الشوارع عقب خطاب الرئيس جمال عبد الناصر الذى أعلن فيه التنحى عن منصبه والعودة إلى صفوف الجماهير. كان تحرك ملايين المصريين تلقائيا دون تعليمات من أحد كما سرت بعض الشائعات (كان عمرى 15 سنة وجريت فى الشارع يومها رافضا الهزيمة ومطالبا مثل غيرى الرئيس جمال عبد الناصر بالثأر) كان تحرك الشعب المصرى رفضا لهزيمة الأيام الستة، هو بداية حرب الاستنزاف، والتى انتهت بانتصار أكتوبر 1973، فى ملحمة عسكرية كتبت عنها الصحف البريطانية فى ليلة اليوم الأول للحرب: «معجزة.. المصريون يعبرون القناة فى 6 ساعات».
** كانت حرب أكتوبر ملحمة عسكرية وشعبية، وكذلك كانت حرب السنوات الست أو حرب الاستنزاف ملحمة وطنية مصرية عظيمة. وأترك التاريخ يحدد بداية تلك الحرب فهل بدأت فى الأول من يوليو 1967 بمعركة رأس العش أم فى 21 أكتوبر 1967 بعد إغراق المدمرة إيلات. أم فى 8 مارس 1969؛ حيث أعلن عبد الناصر بدء الحرب التى أسماها حرب الاستنزاف. تاريخ بدء الحرب بكل ما فيها من مشاق ونضال وقتال أعتقد أنه فى يومى 9 و10 يونيو عندما رفض الشعب المصرى الهزيمة. وخلال تلك الحرب حقق جيش مصر انتصارات مهمة فى معارك تاريخية مسجلة وموثقة، إلى أن أعلن الرئيس جمال عبد الناصر قبول مبادرة روجرز التى رفضتها منظمة التحرير الفلسطينية، وغضبت منها دول عربية، لم تحارب، إلا أن موافقة عبد الناصر كانت تكتيكيا لبدء واحدة من أهم المعارك العسكرية المصرية، وهى بناء حائط الصواريخ الذى شارك به آلاف من المدنيين لتحييد القوة الجوية الإسرائيلية، وهو الحائط الذى كان له دوره الفعال فى انتصار حرب أكتوبر 1973.
** للأسف يوصف الجيل الذى عاش حرب 1967 بأنه «جيل النكسة» أو «جيل الهزيمة». لا.. وألف لا كان جيلا عظيما وقويا وبطلا تحمل الهزيمة القاسية فى معركة عسكرية، ولم ييأس وتحمل كل صنوف الحرمان المدنى والاجتماعى والترفيهى ومخاطر القتال حتى بمشهد حوائط الحماية أمام كل عمارة ومبنى بما كان يعنى اقتراب الخطر من كل باب، لكنه تحمل. وكان جيلا واثقا فى الرئيس جمال عبد الناصر وفى الجيش وفى قياداته. وعاش الآلاف من أبناء المصريين على الجبهة ست سنوات فى مواجهة طلعات طائرات الفانتوم وسكاى هوك وميراج وصوتها فى لحظات الانقضاض على خنادق الجنود على الجبهة، وقام الجيش فى الوقت نفسه بعمليات فدائية خلف خطوط العدو وهى مسجلة فى التاريخ العسكرى المصرى. وكل معركة من تلك المعارك تصلح عملا دراميا يوثق لأجيال أن جيل السنوات الست وحرب الألف يوم كان جيلا عظيما وبطلا وقويا ويملك إرادة حديدية.
** قبل حرب أكتوبر 1973 خرج طلبة الجامعة فى مظاهرات تطالب بالحرب والثأر وظروف تلك المظاهرات معروفة الأسباب. كانت المشاعر التى حركت جموع الطلبة فى الجامعات وطنية صادقة، كان جيلنا قد تربى على الاهتمام بالشأن العام وبمعارك وطنه المدنية والاجتماعية. وكنا نغنى مع عبد الحليم حكاية السد، وصورة، وبالأحضان يا بلادنا يا حلوة. وعدى النهار. وكان الغناء لمصر وكانت المشاعر لمصر، وكانت من أجل مصر. وكان هذا الجيل قابلا بكل أشكال «ربط الحزام» من أجل معركة النصر، من أجل معركته هو وليس معركة عبد الناصر أو السادات فيما بعد. إن تاريخ حرب السنوات الست، أو حرب الاستنزاف حتى حرب أكتوبر تشهد لجيل عظيم من المصريين، جيل صبر، وتحمل، واستعد، وعبر القناة بشجاعة وإقدام وخلفه ملايين من الآباء والأمهات والأسر، يرفعون علم مصر. كان هذا الجيل يمثل أصدق تعبير وتعريف وفهم للوطنية.. فهى لأرض الوطن ومن أجل الوطن ولها أشكالها ومفاهيمها حتى ولو كانت معارضة سياسية بوجهات نظر مختلفة، وفى جميع الأحوال الوطنية ليست كما يترجمها الكثيرون دائما أنها لرؤساء وقادة ووزراء وشخصيات.. فى «شخصنة» تخفى أحيانا أهدافا مخفية.
** تحيا مصر كما هى وكما كانت وكما ستكون.. تحيا مصر فى يوم انتصارها وانتصار جيشها العظيم.
مقالات اليوم
قد يعجبك أيضا