إسرائيل فى الصومال.. الشجب وحده لا يكفى!

الأحد 28 ديسمبر 2025 - 7:40 م

جيد جدا أن تتوالى الإدانات العربية والإسلامية لاعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال المنشق كجمهورية مستقلة ذات سيادة. لكن هل ستتوقف هذه الدول عند الإدانات، أم يمكنها أن تتخذ إجراءات وقرارات عملية تجهض هذا المخطط الذى يمثل خطرا داهما على الأمن القومى العربى، ويمثل سابقة خطيرة فى العلاقات الدولية؟!

يوم أمس الأول السبت أصدر وزراء خارجية 21 دولة منهم مصر والصومال والجزائر والسعودية والعراق وباكستان والأردن وتركيا وإيران والكويت وجامبيا وجيبوتى ونيجيريا وقطر ومنظمة التعاون الإسلامى ومجلس التعاون الخليجى بيانا قويا يرفضون فيه اعتراف إسرائيل بإقليم أرض الصومال ويقدمون الدعم الكامل للصومال ويعتبرون الاعتراف سابقة خطيرة وتهديدا للسلم والأمن الدوليين، ورفض الربط بين هذا الإجراء وأى مخططات لتهجير أبناء الشعب الفلسطينى خارج أرضه. وأمس الأول السبت عقدت الجامعة العربية اجتماعًا مهمًا على مستوى المندوبين أدانت فيه الإجراء الإسرائيلى بأشد العبارات.

مرة أخرى هذا بيان دبلوماسى وسياسى جيد جدا؛ لأنه يمثل غالبية الدول العربية والإسلامية والسؤال الجوهرى: هل نكتفى بالبيانات والإدانات والشجب والاستنكار؟

الملفت فى هذا البيان الأول أن عدد الدول الموقعة عليه 21 فقط وبالتالى فالسؤال الذى يخطر على بال كثيرين وأين بقية الدول خصوصا الأعضاء فى جامعة الدول العربية ومنظمة المؤتمر الإسلامى؟!

قد يكون هذا السؤال شكليا، رغم أن مضمونه فى غاية الخطورة، لكن علينا أن ننتقل مما هو شكلى إلى ما هو جوهرى.

الدول العربية والإسلامية جربت لعقود طويلة سياسة الشجب والاستنكار والإدانات والرفض خصوصا فى مواجهة السياسات الإسرائيلية التى تتخذ دائما خطوات على الأرض وتغير الوقائع، وتترك للدول العربية والإسلامية «الرفض والاستنكار والإدانة بأشد العبارات الممكنة»!

نتذكر أن العرب والمسلمين فعلوا ذلك بالضبط فى مواجهة العدوان الإسرائيلى ضد قطاع غزة من ٧ أكتوبر عام ٢٠٢٣ وحتى أواخر سبتمبر من العام الحالى.

فما الذى حدث؟!

توحشت إسرائيل وأكملت تدمير قطاع غزة وجنوب لبنان واحتلت أجزاء واسعة من سوريا وهاجمت إيران واليمن، بل وتجرأت للمرة الأولى رسميًا على لسان رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو بالحديث عن «حلم إسرائيل الكبرى».

لم تتوقف هذه البلطجة نسبيا إلا حينما اجتمعت بعض الدول العربية والإسلامية الكبرى مع الرئيس الأمريكى دونالد ترامب فى أواخر شهر سبتمبر الماضى فى نيويورك ونقلت له رسالة محددة بأنه لا يمكن ضمان وجود علاقات عربية إسلامية قوية مع الولايات المتحدة فى ظل دعمها المفتوح والمفضوح لإسرائيل، خصوصا بعد قصف إسرائيل للدوحة وتهديد السعودية ودول خليجية بتوقيع اتفاقيات دفاعية مع دول أخرى ومنها باكستان، الأمر الذى جعل الولايات المتحدة تفرمل إسرائيل نسبيا وتجبرها على توقيع اتفاق شرم الشيخ لوقف إطلاق النار.

العدوان الإسرائيلى لم يتوقف ولكنه تفرمل إلى حد كبير. وبالتالى فالدرس هو أن إسرائيل ومعها إثيوبيا وكل الدول الداعمة لن تتوقف طالما أن رد الفعل العربى والإسلامى سوف يكتفى بالشجب والاستنكار.

الولايات المتحدة وإسرائيل والعقلية الغربية لا تفهم لغة البيانات والإدانات اللفظية، لأنها عقلية مصلحية نفعية تؤمن فقط بالمصالح ولغة القوة، وبالتالى، إذا استمر العرب والمسلمون فى سياسة الشجب والاستنكار فالمؤكد أن وجود إسرائيل ومعها إثيوبيا سوف يترسخ فى الصومال وفى سائر أنحاء المنطقة.

وإذا كان مفهومًا أن عددًا كبيرًا من الدول العربية والإسلامية لا يملك إلا بيانات الشجب والاستنكار بحكم مشاكله وهمومه وأزماته وابتعاده عن الانغماس المباشر فى القضايا الجوهرية، فالمطلوب أن تسعى بعض الدول العربية والإسلامية الأساسية خصوصا مصر والسعودية وتركيا إلى الاجتماع العاجل وأن تدرس بناء سياسة عملية واضحة للتصدى للأطماع الإسرائيلية فى البحر الأحمر مثلما نجحت نسبيا فى فرملة العدوان على غزة.

منتهى أمل إسرائيل أن يستمر العرب فى لغة الشجب والإدانة، فى حين تواصل هى تغيير الواقع على الأرض كما تفعل فيما يسمى بمنطقة الخط الأصفر فى غزة وتهويد الضفة، واستمرار الاعتداءات على لبنان وسوريا، بل والتهديد بضرب إيران.

 مرة أخرى، مصر هى المرشحة لقيادة هذا التكتل الذى يفترض أن يتصدى للبلطجة الإسرائيلية فى عموم المنطقة، والتصدى يكون بالعقل والحكمة ولغة المصالح وليس بالبيانات العنترية الجوفاء.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة