القضية ليست المنتخب الثانى فى كأس العرب ولكنها الكرة التى نلعبها فيما بعد المستويات المحلية
تعريف الكرة المصرية حائر بين المنتخبات وحقها الوطنى والأدبى.. وبين الأندية وحقها المادى والاحترافى والجماهيرى
تمريراتنا مشتركة مع المنافس.. وتسديداتنا خارج المرمى.. وسرعاتنا أبطأ من الآخرين.. ولياقتنا البدنية أقل.. ماذا بعد ذلك؟
لماذا لا نراقب «أكاديميات البيزنس» فى كرة القدم مثل رقابة المصنع والشركة والمدرسة والمستشفى؟!
اسمعوا شكاوى الأسر المصرية عن المجاملات وعما يحدث لهم ولأبنائهم فى ملاعب المستقبل والمواهب
** يوم الثلاثاء 26 مارس من عام 2024 لعب المنتخب الأول مع كرواتيا فى الدورة الرباعية الودية باستاد العاصمة وخسر 2/4. ويوم الثلاثاء 9 ديسمبر 2025 لعب المنتخب الثانى مع الأردن «الثانى أيضا». وخسر صفر / 3. هل تظنون أن هناك فارقا بين المباراتين؟
** أولا احترمت فى حينه قرار حسام حسن بالموافقة على المشاركة فى الدورة الودية. وأحترم نتائجه مع المنتخب منذ أن تولى المسئولية، وأسجل كما سجلت من قبل أننا تأهلنا إلى نهائيات كأس الأمم بجهد مشترك من مدربين عملوا مع المنتخب قبل حسام حسن الذى أكمل الطريق، وتأهلنا من مجموعة سهلة إلى نهائيات كأس العالم. وكان طبيعيا أن نتأهل.

** من كرواتيا إلى الأردن الفرق هو فى كل شىء يجب أن يكون فى المستويات الدولية والأعلى من المستوى المحلى. اللياقة، القوة، السرعة. ومعها الخطط والتكتيك والجمل. فلماذا تكون تمريراتنا مشتركة مع المنافسة فتقطع، ولماذا تكثر تكريرات الضالة؟ ولماذا لا نرى المرمى جيدا؟ ولماذا يستلم لاعبنا الكرة ويحتفظ بها لأنه لا يجد من يمررها إليه ؟ ولماذا يلقى بها إلى المنافس إذا مررها؟ ويمكن إضافة عشرات المواقف التى تكشف ضعف الثقة وضعف الدقة وضعف اللياقة وضعف الإرادة، والأسوأ هو الاستناد على طفرات رائعة مثل اللعب أمام البرازيل بقوة، الفوز على إيطاليا باستحقاق. دون النظر لضياع فرصة اللعب على اللقب بهزيمة أمام أمريكا.
** مع الأردن بدأ الكابتن محمود الجوهرى مشروعه الكروى ومنح كل الصلاحيات ونال كل التكريم وهو حى وبعد رحيله رحمه الله.. وحين أراد الكابتن محمود الجوهرى صناعة نفس المشروع تقريبا فى الكرة المصرية لم يصمد سوى بضعة أشهر!
** اخترت كرواتيا لأنها مباراة قريبة وما حدث للمنتخب الأول أمام كرواتيا هو نفسه ما حدث للمنتخب الثانى فى كأس العرب أمام رديف الأردن القوى. وأقصد من تلك المقارنة أن الذين يتحدثون وينتفضون ويصرخون على ما جرى لمنتخب كأس العرب لم يكن تقييمهم للكرة التى نلعبها دقيقا. فالأمر عندهم خلافات بين جهازى المنتخبين سببا، وهانى أبو ريدة سببا، وعدم مشاركة لاعبى بيراميدز سببا، والرابطة التى رفضت تأجيل مباريات بيراميدز سببا وهم أنفسهم الذين هاجموا الرابطة والاتحادات المتعاقبة على موضوع تأجيل المباريات وتأجيل التأجيلات وتعديل التعديلات.
** القضية ليست المنتخب الثانى فى كأس العرب ولا المنتخب الأول. والقضية ليست حلمى طولان ولا حسام حسن. القضية هى الكرة التى نلعبها. وحين قلت هنا إن مستوانا لا يليق بالمستوى الدولى وشرحت الأسباب، قالوا إنى ضد النجاح. والنتيجة أن مستوانا لا يليق بالمستوى الدولى ولا المستوى العربى. كل الفرق العربية التى لعبت فى كأس العرب قدمت أداء أفضل من منتخبنا. وقد قلت مائة مرة إن المشكلة ليست لاعبًا أو لاعبين يشاركون هنا أو هناك، وإنما هى مشكلة فريق ومشكلة لعبة نمارسها ومشكلة تقييمات سطحية للانتصارات وتقييمات سطحية للهزائم.
** وحتى لا يقول أحد إننا أبطال إفريقيا 7 مرات وأنديتنا تتفوق فى بطولتى القارة، أسارع بالتوضيح، وهل عرفتم لماذا فزنا 7 مرات ببطولة إفريقيا؟ وهل تعلمون أننا كنا نستحق أيضا الفوز ببطولتى 1974 و1984 لولا عدم التوفيق؟ وهل لديكم دراسة عن أسباب الفوز بكأس القارة 3 مرات متتالية وهل لديكم دراسة عن أسباب عدم تأهلنا لنهائيات كأس القارة ثلاث مرات متتالية أيضا؟

لو كانت عندكم إجابة واحدة عن أى سؤال لكنا أصبحنا الآن نلعب كرة قدم بجد. لكن للأسف تختصرون الهزائم فى أسماء مدربين ولاعبين وإداريين، ولا أعفى الجميع ولا أعفى الأندية أيضا التى جعلت كرتنا «فلوس» تلقى فى الملاعب على أقدام مستوى لا يليق، لا فنيا ولا رياضيا ولا أخلاقيا. أندية جعلت اللعبة «خناقة كونية». تصدر بيانات تشعل الاحتقان وتقودها جماهير.
** طرحنا حلولا وضربنا المثل بتجربة المغرب وبلجيكا من قبل. وقدمنا الحلول فى سلاسل مقالات فى أيام القراءة. إلا أن كل شىء مضى إلى الخلف. وفى عام 2007 حين حضر رئيس رابطة البريميرليج طلبت البدء فورا فى ترتيب لوائحنا استنادا على من سبقونا ولم يحدث شىء، وطالبت بعدم مشاركة الهيئات فى المسابقة المحلية الأهم ومنحها 3 سنوات توفيق أوضاع ولم يجرؤ أحد على «مجرد التفكير»، وطالبت بالمشهد الكامل لصناعة كرة القدم. ملاعب صالحة للعب، وحضور جماهيرى، وإحياء الأندية الجماهيرية، وقيام الشركات برعاية تلك الأندية بدلا من منافستها ولم يجرؤ أحد على مناقشة الأمر. وكل كلمة هنا موثقة ومسجلة صوتا وصورة ونصا مكتوبا على مدى سنوات.
** للأسف لوائحنا، بحسن نية، منحت الاتحادات تفصيل لوائحها الداخلية وهى فى قلب حجرة الإدارة؟ وللأسف نعانى من عدم متابعة وتحليل مستويات المنتخبات العربية الآسيوية والعالمية وتقييم الفروق بيننا وبينهم، سواء كانت لصالحنا أو علينا. وهى المستويات التى حذرنا منها ومن سرعات لاعبيها قبل البطولة؟ وهل تابع الذين يعملون فى كرة القدم مستويات الكرة العربية الآسيوية وكيف وصف "الفيفا" آسيا بأنها قارة المستقبل لثرائها الذى يسمح لها بمزج العلم مع المواهب؟ هل يمارس المتطوعون عملهم باحترافية فى الاتحادات فيذهب وقتهم لرعاية لعبتهم بدوام كامل؟
** أنتم لا تعرفون ما هى الكرة المصرية. لا يوجد تعريف سليم لها، فهى أحيانا المنتخبات حين تلعب فى بطولة، ثم يتوقف نشاط المنتخبات، وتطل الأندية فى أحيان أخرى وتصبح بعد الاحتراف من حقها احتكار لاعبيها الذين دفعت لهم ملايين الجنيهات والدولارات؟ وهى فى أحيان ثالثة إقحام مصر والوطنية فى مسابقات رياضية قارية أو دولية، تسلب من المسابقات المحلية انتظامها، ونجاحها، وهو نجاح سيعود إلى المنتخبات؟ والكرة المصرية بتعريفها الدقيق هى المدربون والحكام والطب والأجهزة الطبية وأحدث نظم تدريب الناشئين وتنمية مهارات القوة واللياقة واختيار أصحاب السرعات الفطرية. وكرة القدم فى تعريفها أوسع ألف مرة من مجرد أنها منتخب أو ناد.. بل تمتد إلى «معهد يساوى إسباير».
** من لا يعرف تأثير ملعب سيئ على المستوى ننصحه بترك كرة القدم التى يديرها، ومن لا يعرف أن صيانة ملعب كرة قدم عملية هندسية زراعية معقدة أنصحه بمشاهدة كيف يمسك المهندسون فى بريطانيا وهولندا وأوروبا بعدسات مكبرة ويراجعون كل شعرة نجيل، ويصنعون الملاعب بطبقات وبشبكات صرف مياه، فيسقط المطر ساعات أثناء مباراة فى الدورى الإنجليزى ويستمر اللعب. بينما يسقط المطر فوق رءوسنا نصف ساعة فيتعذر اللعب. ألا تسألون أنفسكم لماذا؟ نحن نمتلك ملاعب قليلة جدا تصلح لممارسة كرة القدم، لكن ألا تفكرون كيف يلعب الجميع والملايين فى درجات المسابقات المظلومة وكذلك الناشئون كيف يلعبون كرة القدم فى حقول ذرة؟
** وفى الرياضة وفى كرة القدم ظاهرة الأكاديميات التى تحول معظمها إلى استنزاف للأسرة المصرية واستغلال حلمها بتكرار قصة صلاح مع الأبناء جعل الأسر ترضخ لنفقات لا يتحملونها فزادت الأعباء بدروس خصوصية فى كرة القدم ودروس خصوصية فى التعليم؟ وكل الأسر المصرية عندها قصص وحكايات عن تلك الأكاديميات فهل هذا البيزنس لا يجد من يسيطر عليه مثل المدرسة والمستشفى والمصنع والمزرعة أم أنكم لا تدركون قيمة كرة القدم وأهميتها سواء عند الهزائم التى تتحقق وتصدم كبرياء الأمة أو عند الانتصارات إذا تحققت فتشعل الفرح فى الأمة؟
** أنتم لا تعلمون أن الرياضة نشاط إنسانى عظيم. وأن كرة القدم هى النشاط الوحيد الذى يمكن أن يتابعه 50 مليون شخص على الهواء مباشرة فيكون الانفعال مباشرا ولحظيا ومؤثرا ومنتشرا بينما لا يوجد نشاط إنسانى آخر يمكن أن يتابعه 50 مليون شخص على الهواء.. وللأسف لا تعلمون تأثير تلك المشاهدة الفورية وردود أفعالها.
** من كرواتيا إلى الأردن مسافة زمن قصيرة، لكنها مسافة مستوى بعيدة جدا كما شاهدنا.
