النازيون عائدون

الأربعاء 10 ديسمبر 2025 - 6:45 م

 خلال أول 11 شهرًا من العام الحالى شهدت الولايات المتحدة الأمريكية 397 حادث إطلاق نار جماعى أسفرت عن مقتل 387 شخصًا وإصابة 1779 آخرين؛ كما شهدت حادث اغتيال الناشط اليمينى المتطرف تشارلى كيرك على يد شاب أمريكى أبيض يدعى تايلر روبنسون، بسبب عدائه تجاه كيرك وآرائه.
ورغم عدم توافر إحصائيات دقيقة عن نسبة الحوادث التى ارتكبها مواطنون أمريكيون بيض خلال العام الحالى فإن الإحصائيات الخاصة بحوادث إطلاق النار فى الولايات المتحدة خلال الفترة من 1966 إلى 2024 تقول إن الأمريكيين البيض ارتكبوا 53% من إجمالى هذه الحوادث.
وقد مرت كل هذه الحوادث مرور الكرام على رموز اليمين الحاكم فى الولايات المتحدة، فلم يتوقفوا كثيرًا عندها، ولم يتحدثوا عن ضرورة التصدى للنزعة الدموية المتزايدة لدى الشباب الأمريكى، فى حين كان حادث إطلاق النار على اثنين من عناصر الحرس الوطنى فى واشنطن يوم 26 نوفمبر الماضى والمتهم فيه اللاجئ الأفغانى رحمان الله لاكانوال الذى نفى هذا الاتهام، كافيًا لكى يندفع المسئولون الأمريكيون فى موجة تصريحات معادية للمهاجرين واللاجئين وشعوب الدول النامية وبخاصة الدول المسلمة.
ففى منشور على منصة إكس للتواصل الاجتماعى دعت وزيرة الأمن الداخلى الأمريكية كريستى نويم إلى توسيع قائمة الدول المشمولة بحظر السفر إلى الولايات المتحدة، واصفة إياها بأنها تُغرق الولايات المتحدة بـ«قتلة» و«طفيليات».
كما قرر الرئيس الأمريكى دونالد ترامب وقف التعامل مع جميع طلبات اللجوء إلى الولايات المتحدة وفرض قيود على سفر مواطنى 19 دولة نامية إليها، ثم دراسة زيادة عدد الدول المحظورة إلى 30 دولة.
وبعد اكتشاف فضيحة فساد فى ولاية مينسوتا متهم فيها عدد من المهاجرين الصوماليين أو الأمريكيين من أصل صومالى وصف ترامب الصومال بقوله: «بلدهم نتن، نحن لا نريدهم فى بلدنا»، مضيفًا أن الولايات المتحدة سائرة فى الطريق الخطأ إذا استمررنا فى إدخال القمامة إلى بلادنا.
ومن الحزب الجمهورى الذى ينتمى إليه ترامب خرجت مرشحة الكونجرس اليمينية المتطرفة فالنتينا جوميز تعد ناخبيها بطرد «كل مسلم قذر» من ولاية تكساس، بعد أن نشرت فيديو لها، وهى تحرق نسخة من المصحف الشريف وكتبت عليه تعليق يقول: «سأقضى على الإسلام فى تكساس، فليساعدنى الله».
فى الوقت نفسه أسفر الخطاب اليمينى العنصرى المعادى للمسلمين فى الولايات المتحدة عن ارتفاع كبير فى حوادث العداء للمسلمين خاصة منذ هجمات 7 أكتوبر للمقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلى فى غزة. ووفقًا لإحصائيات منظمة كير للحقوق المدنية فى الولايات المتحدة، تم تسجيل 8061 شكوى من أنشطة معادية للمسلمين فى عام 2023 بزيادة نسبتها 56% وفى عام 2024 ارتفع الرقم إلى 8658 شكوى.
هذا الخطاب العنصرى المعادى للشعوب النامية والمسلمين خصوصًا لا يقتصر على الولايات المتحدة، وإنما يتمدد فى دوائر اليمين بأوروبا أيضًا، الأمر الذى يهدد بإعادة إحياء الفكر النازى ليحكم فى عواصم الغرب، لكنه سيستهدف هذه المرة المسلمين وشعوب العالم الثالث التى تراها رموز اليمين العنصرى مجرد «قمامة» أو «طفيليات» لا تستحق الحياة فى بلادهم.
يتهم الغرب دومًا شعوب الجنوب بالتطرف والعنف والتخلف، بينما تثبت الوقائع أن قطاعًا كبيرًا من النخب المسيطرة فى الولايات المتحدة، ومن خلفها دول أوروبا هم من يبذرون بذور العنف بعنصريتهم وتعاليهم على شعوب باقى دول العالم التى نهبوا ثرواتها وخيراتها خلال حقب الاستعمار المباشر، وحقبة الاستقلال المنقوص التى ما زالت قائمة، ويأبون إلى الآن أن تتحرر تلك الشعوب من هيمنتهم ونفوذهم، ثم يتهمونها بكل نقيصة.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة