x قد يعجبك أيضا

تمويل الأبحاث مقابل حرية التعبير.. معركة هارفارد مع إدارة ترامب

الثلاثاء 26 أغسطس 2025 - 7:00 م

 

نشرت جريدة «The New York Times» مقالا للكاتبة ستيفانى سول، تناولت فيه الصراع بين جامعة هارفارد وإدارة ترامب، حيث تواجه الجامعة ضغوطًا حكومية لإجراء تغييرات جوهرية فى سياساتها وبرامجها (خصوصًا التنوع والحرية الأكاديمية)، فقاومت بعضها عبر دعوى قضائية ودفاع علنى عن استقلالها، لكنها فى الوقت نفسه قدّمت تنازلات جزئية لتنفيذ بعض مطالب البيت الأبيض، مما أثار جدلاً داخليًا حول تأثير ذلك على حرية التعبير والأجواء الأكاديمية.. نعرض من المقال ما يلى:

رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية لمواجهة مطالب إدارة ترامب، لكنها فى الوقت نفسه، رطغت لمجموعة من أمنيات البيت الأبيض.

فى ضوء ما سبق، توضح كاتبة المقال ستيفانى سول محاولات ترامب منذ توليه الحكم فى فترته الثانية إملاء شروطه على جامعة هارفارد، أغنى جامعة فى البلاد، بحجة إعادة تشكيل الثقافة فيها.

لكن رفضت الجامعة بعض التغييرات التى طالبت بها إدارة ترامب. وأشار رئيس جامعة هارفارد، الدكتور آلان إم. جاربر، إلى أن العديد منها يعد تدخلاً غير دستورى، بما فى ذلك المطالب التى قد تؤثر على من توظفه الجامعة وتقبله.

الغريب فى الأمر، أن إدارة جامعة هارفارد اتخذت -بجانب الرفض لبعض المطالب- مجموعة من الخطوات تتوافق مع رغبات البيت الأبيض، حيث قامت بإنجاز بنود من القائمة المفصلة للإدارة. وفى بعض الحالات، يخشى الطلاب وأعضاء هيئة التدريس من أن السياسات الجديدة المستوحاة من ترامب قد تتعارض مع حرية التعبير التى تعد جزءًا أساسيًا من مهمة الجامعة.

توضح كاتبة المقال أن مطالب ترامب شملت مطالب إلغاء برامج التنوع والمساواة والشمول. تأتى الصدمة فى امتثال إدارة الجامعة لبعض المطالب كحل مؤقت منها تغيير اسم مكتب المساواة والتنوع والشمول والانتماء إلى المجتمع والحياة الجامعية.

إضافة إلى ما سبق، سعت الحكومة أيضًا إلى إحداث تغييرات قيادية فى أقسام معينة، بما فى ذلك مركز دراسات الشرق الأوسط، بعد أن اتهم خريجون يهود وآخرون بعض البرامج بأنها معادية للسامية. ردا على هذه الاتهامات السابقة، أزالت هارفارد اثنين من قادة المركز، بما فى ذلك جمال كافادار، الباحث التركى البارز.

بررت الجامعة قيامها بهذه التغييرات بأنها كانت ضرورية لجعل الحرم الجامعى أكثر ترحيبًا وانفتاحًا على وجهات النظر المختلفة. لكن اتهمت كيرستن ويلد، أستاذة التاريخ فى هارفارد، التى رفعت دعوى قضائية أيضًا ضد إدارة ترامب، جامعة هارفارد بـ«الاستسلام»- بطريقة تضر بحرية التعبير للأساتذة والحرية الأكاديمية.

معلومة إضافية، أقر الدكتور جاربر بأنه يتفق مع بعض مواقف البيت الأبيض، ومن بينها أن هارفارد قد استبعدت الأصوات التى يختلف معها الليبراليون وأنها فشلت فى كبح معاداة السامية فى الحرم الجامعى بشكل كافٍ.

• • •

حولّت إدارة ترامب أنظارها نحو هارفارد وغيرها من الجامعات النخبوية فى الأيام الأولى لها. وفى 27 فبراير، أرسلت وزارة العدل رسالة إلى الدكتور جاربر تطلب فيها عقد اجتماع بشأن معاداة السامية فى الحرم الجامعى.

كتب ليو تيريل، محامى وزارة العدل: «نحن على علم بالادعاءات التى تفيد بأن مؤسستكم قد فشلت فى حماية الطلاب وأعضاء هيئة التدريس اليهود من التمييز غير القانونى».

فى بداية أبريل، وبعد مناقشات بين ممثلى هارفارد والإدارة، أرسل مسئولو إدارة ترامب إلى الجامعة قائمة خاصة من أربع صفحات تحتوى على بعض المطالب لإجراء تغييرات، مثل مركزة عملية التأديب الطلابية بالجامعة وتغيير القيادة فى ما وصفته بالإدارات «المسببة للمشاكل».

ثم، فى 11 أبريل، أرسلت فرقة العمل المعنية بمكافحة معاداة السامية التابعة للإدارة قائمة أخرى، تتضمن مجموعة من المطالب التدخلية التى هددت بسحب التمويل الفيدرالى.

وكشفت مذكرة ثالثة، صدرت فى وثائق المحكمة من قبل إدارة ترامب، عن مجموعة أخرى من التوصيات الواسعة للتغيير فى جامعة هارفارد، شملت توفير الأمن لمنظمة هليل، وهى منظمة طلابية يهودية فى الحرم الجامعي، وإنشاء مؤسسة فكرية فى الحرم الجامعى للأبحاث المحافظة مماثلة لمعهد هوفر فى ستانفورد.

على الملأ، كان رد فعل هارفارد قويًا على سيل المطالب، فرفعت دعوى قضائية وأنشأت موقعًا إلكترونيًا جديدًا بشعار «التمسك بقيمنا، والدفاع عن جامعتنا» يصف مقاومة الجامعة للحكومة الفيدرالية.

لكنها استمرت أيضًا فى إجراء تغييرات، مثل الموافقة على دفع تكاليف الأمن لمنظمة  هليل. ويُذكر أنها تدرس أيضًا إنشاء مركز للفكر المحافظ. كما تم مركزة بعض الإجراءات التأديبية فى الحرم الجامعى التى كانت تُدار سابقًا من قبل الكليات الفردية، وهو اقتراح آخر تم الكشف عنه فى وثائق المحكمة.

إن المدى الذى وصل إليه معاونو السيد ترامب لتغيير التوجه الفلسفى للأوساط الأكاديمية قد صدم مديرى الجامعات والأساتذة فى جميع أنحاء البلاد، إذ أظهر القوة الهائلة والعديد من أدوات الضغط التى تمتلكها الحكومة الفيدرالية على الجامعات، والتى نادرًا ما تم استخدام معظمها فى الإدارات السابقة.

• • •

ومع ذلك، لم تستسلم جامعة هارفارد بالكامل لكل ما أصرت عليه الحكومة.

على سبيل المثال، لم يتم تنفيذ اقتراح الإدارة الذى يطلب من هارفارد تقليل مشاركة الخريجين فى اختيار المشرفين على الجامعة. كما لم يتم تنفيذ شرط أن يكون لدى أى شخص يتم اختياره كرئيس لهارفارد 15 عامًا من الخبرة ذات الصلة.

كما سعت إدارة ترامب للحصول على معلومات مفصلة عن السجلات التأديبية للطلاب الدوليين، بالإضافة إلى مقاطع فيديو ومعلومات أخرى حول مشاركتهم فى الاحتجاجات داخل الحرم الجامعى. لكن إدارة هارفارد رفضت تسليم الكثير من تلك المعلومات، على الرغم من أنها قدمت بعض البيانات، كما قال مسئولو الجامعة.

ومع ذلك، أعرب العديد من الأساتذة عن مخاوفهم من أن تحركات هارفارد، التى يرونها مصممة لاسترضاء الإدارة والنقاد الآخرين، قد خلقت تأثيرًا مخيفًا سينتقل إلى الفصول الدراسية.

قال نيكولاس باوى، الأستاذ فى كلية الحقوق بجامعة هارفارد والخبير فى القانون الدستورى الفيدرالى: «هل سأجد نفسى فى مرمى نيران الحكومة الفيدرالية لأن طالبًا لا يحب موقفًا اتخذته؟».

ومع ذلك، يوجد بين بعض الطلاب وغيرهم تعاطف مع الجامعة وهى تواجه هجومًا غير مسبوق لا يوجد له دليل إرشادى.

على سبيل المثال، رأى نواه هاريس، طالب القانون فى هارفارد، التغييرات فى مكاتب التنوع على أنها مجرد «تغيير فى التسمية».

قال السيد هاريس، خريج كلية هارفارد عام 2022 والذى كان أول رجل أسود يتم انتخابه رئيسًا للطلاب: «لا أعتقد أنه سيكون هناك إزالة كاملة (لمبادئ مكاتب التنوع والمساواة) إذا كان بإمكان هارفارد منع ذلك». وأضاف: «توقعاتى هى أن الجامعة تحاول السماح للحياة الطلابية بالاستمرار دون تغيير قدر الإمكان».

مراجعة وتحرير: وفاء هاني عمر

النص الأصلي 

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة