x قد يعجبك أيضا

التكنولوجيا.. رفاهية للبشر وخطر جسيم

الجمعة 22 أغسطس 2025 - 7:45 م

لماذا يجب أن نحتاط من التكنولوجيا؟
من أين نستقى معلوماتنا عن التكنولوجيا؟
لا يجب أن نقع فى فخ التسويق
تحدثنا فى مقالات عديدة سابقة عن التقدم التكنولوجى وتأثيره على حياتنا وعلاقته بالعلم والاقتصاد إلخ، وركزنا على الذكاء الاصطناعى باعتباره «موضة» هذا العصر التى من المتوقع أن تؤثر على كل جزء من حياتنا سواء ظهر لنا ذلك فى بعض الأشياء والخدمات التى نستخدمها مثل مواقع التواصل الاجتماعى أو كان مخفيا عنا أى لا يطل الذكاء الاصطناعى برأسه ويظل مدفونا، ولكنه يؤدى دوره، مثلما يحدث فى شبكات توزيع الكهرباء وما شابه.
عندما يواجه العالم تكنولوجيا جديدة يبدأ الفضول، ثم الدهشة، ثم الخوف، ثم تفرض التكنولوجيا نفسها على حياتنا. وسط هذه السلسلة من المشاعر التى تتفاوت فى قوتها حسب تغلغل التكنولوجيا فى حياتنا نغفل بعض النقاط المهمة عندما نفكر فى استخدام تلك التكنولوجيا، وهذا ما سنتحدث عنه فى مقالنا اليوم.
• • •
هل نستخدم التكنولوجيا للهدف الذى صُنعت له؟
النقطة الأولى هى الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الجديدة، لنأخذ «موضة» العصر وهى الذكاء الاصطناعى التوليدى مثل (ChatGPT)، الاستخدام الذى يراه معظم الناس هو التحدث مع هذه البرمجيات كصديق أو كأداة للمساعدة، هذا جميل، لكن يجب ألا نغفل أن هذه البرمجيات ستعمل بالضبط ما تطلبه منها، إذا سألتها لماذا هذا الحل سيئ ستقول لك، إذا سألتها لماذا نفس هذا الحل جيد أيضا ستقول لك. هذا معناه أنها «صنايعى» ممتاز، وكيفية كتابة السؤال أصبح مهارة مطلوبة الآن فى مجال استخدام الذكاء الاصطناعى، ومن المنتظر أن يزداد الطلب على تلك المهارة التى أصبح لها اسم بالإنجليزية هو (prompt engineering) أى هندسة وسيلة استدعاء الإجابة. لكن قبل استدعاء الإجابة يجب أن يكون الهدف من الأسئلة واضحًا، إذا فاختيار الهدف هو أول خطوة وهى خطوة إنسانية بحتة لا يستطيع الكمبيوتر القيام بها.
لنتخيل مثلا أنك تعمل على تصميم برمجيات وتريد استخدام الذكاء الاصطناعى لمساعدتك فى تصميم أحد تلك البرمجيات، من السهل أن تطلب من برنامج الذكاء الاصطناعى كتابة برنامج كمبيوتر يقوم بكذا وكذا، لكن حتى تعرف ما هى الـ«كذا وكذا» يجب أن تكون قد فكرت جيدا وبعمق عن المطلوب من البرنامج المراد تصميمه، وهل ما تطلبه من برنامج الذكاء الاصطناعى يحقق الهدف المراد. إذا التفكير فى الهدف هى خطوة بشرية بحتة قبل استخدام الذكاء الاصطناعى.
• • •
هل هذه التكنولوجيا مفيدة؟ أم مضرة لسوق العمل؟
النقطة الثانية متعلقة بفرص العمل، كثيرا ما نسمع أن تكنولوجيا معينة ستساهم فى ظهور مليون فرصة عمل مثلًا، عادة تُستخدم جمل كهذه للتسويق، لذلك عند سماع تلك الجملة علينا أن نسأل عدة أسئلة:
• كيف تم حساب هذا العدد من فرص العمل؟
• ما العوامل التى قد تعوق الوصول إلى هذا العدد من فرص العمل؟
• هل فرص العمل هذه فرص مؤقتة محدودة بمشروع أو عدة مشروعات؟ أم أنها وظائف طويلة الأمد؟
• ما عدد الوظائف التى ستختفى من جراء استخدام تلك التكنولوجيا؟
الإجابة عن تلك الأسئلة الأربعة ستساعدنا على تحليل تأثير هذه التكنولوجيا على سوق العمل، وهل هى فعلا تكنولوجيا مفيدة أم مجرد «بروباجندا» تفيد عددا محدودا من رجال الأعمال فى هذا العصر الرأسمالى القاسى؟
الحديث عن تأثير التكنولوجيا له أبعاد أوسع من البعد الاقتصادى، وهى النقطة التالية.
• • •
ما تأثير تلك التكنولوجيا على الناس؟
النقطة الثالثة متعلقة بالبعدين الاجتماعى والنفسى، ما التأثير الحسن أو السيئ لاستخدام تلك التكنولوجيا على الأفراد والمجتمعات؟ وهل المجتمع جاهز لاستقبال تلك التكنولوجيا؟ هناك تكنولوجيات متقدمة وقد تكون مفيدة فى أحايين كثيرة لكنها لا تنجح حين يتم طرحها فى الأسواق، لا نقصد هنا ارتفاع السعر لكن لأن المجتمع قد يكون غير مستعد أو متوجسا منها. مثلا النظارات المجهزة بكاميرا لم تنجح سوقيا عندما طرحتها جوجل فى الأسواق منذ أكثر من عقد من الزمان. أحد الأسباب أنك إذا ارتديت تلك النظارة وتكلمت مع شخص، هذا الشخص قد لا يكون مطمئنا عند الحديث معك لأن الحديث قد يكون مسجلا بالصوت والصورة. طبعا هناك تبريرات أخرى تطرحها الشركات عند فشل منتجها مثل أن هذا المنتج كان فقط لاختبار الفكرة.
بخلاف النجاح أو الفشل الاقتصادى هناك تكنولوجيات نجحت نجاحا جماهيريا ضخما لكن لها تأثيراتها السلبية على الأفراد، مثلا جلوس الأطفال فترات طويلة أمام شاشات التابلت أو التليفون له تأثير سيئ على قدرتهم على التركيز وعلى حياتهم الاجتماعية. لذلك كما قلنا فى عدة مقالات سابقة نحتاج من علماء الاجتماع وعلماء النفس دراسة تأثير التكنولوجيات الجديدة على الأفراد والمجتمعات. الشركات التكنولوجيا الكبرى يهمها الربح فى المقام الأول.
• • •
لا تصدق كل ما تقرأه عن التكنولوجيا
النقطة الرابعة هى الحرص واستخدام التفكير النقدى عند قراءة المقالات الصحفية التى تتحدث عن التكنولوجيات الجديدة، المقالات الصحفية عادة تريد اجتذاب القارئ للبدء فى قراءة المقال، ثم جعل قصة المقال مسلية حتى يكمل القارئ قراءته. هذا يجعل المعلومات المذكورة غير دقيقة، لست أقصد أنها خطأ لكن قد تكون ناقصة حتى يصبح الأمر شيقا. مثلا إذا وجدنا مقالا يتحدث عن تكنولوجيا جديدة لعلاج مرض السرطان، فقد لا نجد فى المقال معلومات عن الحالات التى لم تنجح تلك التكنولوجيا فى علاجها، أو لا نجد معلومات عن الآثار الجانبية لتلك التكنولوجيا، أو قد يغفل الكتاب ذكر أن تلك التكنولوجيا ما زالت فى مراحلها الأولى إلخ.
• • •
هذه الأشتات المجتمعة من النقاط المتعلقة بالتكنولوجيا تقول لنا إن تأثير التكنولوجيا فى حياتنا يحتاج مساعدة الكثير من العلوم الإنسانية مثل علم الاجتماع وعلم النفس، بل والتاريخ والجغرافيا، لنجعل هذا المقال نداء إلى باحثينا للسعى إلى تكامل العلوم التطبيقية والإنسانية عن طريق أبحاث مشتركة وتوصيات وتطبيقات، وكل ذلك من أجل رفاهية البشر.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة