قطر تشترى الصمت الأمريكى بـ21 مليار دولار - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 4:40 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

قطر تشترى الصمت الأمريكى بـ21 مليار دولار

نشر فى : السبت 17 يونيو 2017 - 9:10 م | آخر تحديث : السبت 17 يونيو 2017 - 9:13 م

طوال الأسبوع الماضى كانت قطر فى نظر البيت الأبيض والكثير من المؤسسات الأمريكية دولة راعية وممولة للإرهاب، ينبغى أن تتوقف عن ذلك فورا بل ومعاقبتها عمل إيجابى. فجأة صارت قطر حليفا استراتيجيا صباح أمس الخميس الماضى وتلعب دورا مهما فى مكافحة الإرهاب.

ما الذى تغير بين عشية وضحاها؟!
أمر بسيط للغاية هو أن قطر وقعت اتفاقا مع وزارة الدفاع الأمريكية فى هذا اليوم لشراء ٣٦ طائرة إف ١٥ يو كيو بقيمة ١٢ مليار دولار فى إطار صفقة أكبر قيمتها ٢١ مليار دولار تشمل ٧٢ طائرة تنتجها شركة بوينج. هذه الصفقة تنقذ خط الشركة من التوقف وتخلق أكثر من ٦٠ ألف فرصة عمل فى ٤٢ ولاية أمريكية.
إذا الذى تغير فقط هو أن قطر «دفعت المعلوم» والمطلوب، فتغيرت صورتها إلى الأحسن فورا!!.
بالطبع هذه قراءة أولية للأحداث، ونحتاج إلى وقت حتى نفهم طبيعة الموقف الأمريكى من التطورات الدراماتيكية فى منطقة الخليج منذ وصول دونالد ترامب للبيت الأبيض فى ٢٠ يناير الماضى وحتى هذه اللحظة.
لكن وإلى أن نرى موقفا أمريكيا ثابتا فليس أمامنا سوى النظر إلى التصريحات المعلنة، وخلاصتها أن الولايات المتحدة صارت مثل فتوة الحارة فى الحكايات الشعبية المصرية، لكن وبما أن هذه الصفة تتضمن نوعا من الشهامة والجدعنة والمروءة، فربما كان التشبيه الأقرب هو البلطجى الذى يأخذ أجره قبل أن يؤدى مهمته الوظيفية.

ترامب وأثناء حملته الانتخابية قال كلاما قاسيا بحق السعودية وسائر دول الخليج بل واليابان وأوروبا، وأنهم يجب أن يدفعوا نظير ما يتمتعون به من حماية أمريكية.
هو لم يستطع أن يفرض منطقه حتى الآن على أوروبا وحلف الناتو واليابان وكوريا، لكنه حقق نجاحا مبهرا مع الدول الخليجية.
حينما زار ترامب الرياض فى مايو الماضى عاد منها محملا بصفقات اقتصادية وعسكرية تصل إلى نحو نصف تريليون دولار، وعلى الرغم من أن البعض يشكك فى إتمام هذه الصفقات فإنه على الأقل هناك صفقة عسكرية مؤكدة بقيمة ١١٠ مليارات دولار ولذلك لم يكن غريبا أن يغرد ترامب بانتشاء بأنه عاد من منطقة الخليج وفى جعبته «وظائف ووظائف ووظائف».

مرة أخرى هل نلوم ترامب، أم نلوم حكامنا العرب الذين يبددون ثروات الأمة فى صفقات عبثية وأسلحة سيكون مصيرها «التكهين» أو لن يحاربوا بها إلا أنفسهم؟!.
أتفق تماما مع الدول العربية التى تشكو من التدخل القطرى فى شئونها الداخلية وفى دعمها لجماعات إرهابية ومتطرفة، وبدلا من أن تستمع الحكومة القطرية إلى صوت العقل والمنطق وتتوقف عن ممارساتها المستمرة منذ عام ١٩٩٥، فإنها تتودد لكل العواصم العالمية وتصور نفسها باعتبارها ضحية ومحاصرة، على الرغم من أن حدودها البحرية مفتوحة والسفن تأتيها من كل العالم، ومطارها مفتوح أيضا مع كل المطارات ما عدا الدول التى قاطعتها فقط.

عندما فشلت نغمة المظلومية والضحية، اتجهت الدوحة إلى الطريق الأسهل وهو «الدفع للفتوة الأكبر أو البلطجى الأعظم»، بحيث يكون ذلك هو ثمن حمايتها أمام مقاطعة كل جيرانها ومعظم الحكومات العربية.
المغزى الأساسى فى قصة صفقة الأسلحة الأمريكية لقطر، هى أننا لم نتعرف حتى الآن على حقيقة الموقف الأمريكى بشأن ما يحدث فى المنطقة، وهل هو فعلا يشارك بقية الدول العربية مخاوفها من الإرهاب، ويريد وقف تمويله حقا، أم أنه «يلعب على كل الحبال» ويريد فقط «حلب ضروع البقرة الخليجية حتى القطرة الأخيرة»؟

حتى هذه اللحظة فإن ترامب وبعقلية السمسار ليس لديه مانع من إشعال المزيد من الحرائق فى المنطقة العربية، مادامت كل الأطراف ستأتى زاحفة إلى واشنطن، تطلب العفو والسماح وتدفع الجزية فى أى صورة تحب سواء كانت صفقات أسلحة أو تجارة واستثمار أو حتى تمويل جمعيات خيرية لأقارب الرئيس!!.

مرة أخرى: هل نلوم ترامب الذى يصر بعضنا على أنه «أهوج وأحمق»، على الرغم من أنه حقق لاقتصاد بلاده الكثير على حساب ثرواتنا، أم نلوم أنفسنا حيث انطبق علينا المثل الشعبى المصرى «رزق الهبل على المجانين».
ويبقى السؤال قائما: ضد من سوف تستخدم الدوحة هذه «الأسلحة»؟!!!.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي