الشراكة أساس الحكم العادل - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأحد 28 أبريل 2024 1:51 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الشراكة أساس الحكم العادل

نشر فى : الإثنين 1 يناير 2018 - 9:55 م | آخر تحديث : الإثنين 1 يناير 2018 - 9:55 م
المشاركة السياسية هى حق أساسى من حقوق الإنسان، المشاركة السياسية مبدأ ديمقراطى من أهم مبادئ الدولة الوطنية المدنية الحديثة؛ مبدأ يمكننا أن نميز فى ضوئه أن هذه الدولة تقوم على المواطنة والمساواة فى الحقوق والواجبات. والمشاركة هى قلب الديمقراطية وتحول دون الاستبداد بالسلطة وتسمح للشعوب أن تراقب وتواجه وتساعد المواطن على تحقيق مطالبه. وتشعر الفرد بالكرامة والقيمة والأهمية السياسية. 

حيث أكد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان عام 1948 على الحق فى المشاركة السياسية فى المادتين 20و 21: لكل شخص حق فى حرية الاشتراك فى الاجتماعات والجمعيات السلمية ولا يجوز إرغام أحد على الانتماء إلى جمعية ما. ولكل شخص حق المشاركة فى إدارة الشئون العامة لبلده، إمَا مباشرة أو بواسطة ممثلين يختارون بحرِية، ولكل شخص التساوى مع الآخرين فى حق تقلد الوظائف العامة فى بلده على أساس الكفاءة. 
ونص العهد الدولى الخاص بالحقوق المدنية والسياسية سنة 1976 فى المادة 21 على أن الحق فى التجمع السلمى معترف به. ولا يجوز أن يوضع قيود على ممارسة هذا الحق إلا تلك التى تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية فى مجتمع ديمقراطى لصيانة الأمن القومى أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم. ونصت المادة 22 على أن لكل فرد الحق فى حرية تكوين الجمعيات مع آخرين، بما فى ذلك حق إنشاء النقابات والانضمام إليها من أجل حماية مصالحه. ولا تحول هذه المادة دون إخضاع أفراد القوات المسلحة ورجال الشرطة لقيود قانونية على ممارسة هذا الحق.

للمشاركة السياسية نمطان أساسيان: النمط الأول هو عبارة عن أنشطة تقليدية أو عادية أبرز ملامحها التصويت فى الانتخابات والاشتراك فى الندوات والمؤتمرات والانضمام للأحزاب السياسية والدخول ضمن جماعات المصالح والتقدم فى الترشيح للمناصب العامة وتقلد المناصب السياسية. والنمط الثانى هو الأنشطة غير التقليدية والتى كثيرا ما يلجأ إليها المواطنون للتعبير عن مطالبهم أو للاحتجاج على سياسة الحكومة عندما تسد أمامهم الطرق وتتفرق بهم السبل ويرون أن دور الدولة بالنسبة لهم سلبى غير ذى جدوى ومن أمثلة هذه الأنشطة المظاهرات والإضرابات العامة والفئوية. 

***

فأين ذلك من المجتمع الذى نحيا فيه؟ فإذا ألقينا نظرة على انتخابات الاتحادات الطلابية الأخيرة فسوف نراها باهتة دون إقبال من مرشحين أو مصوتين، مناصب تنجح بالتزكية لعدم وجود منافسين. انتخابات دون اهتمام من الطلبة أو من الإعلام أو من المجتمع. هذا بالمقارنة لآخر انتخابات للاتحادات الطلابية التى حدثت قبيل هذه الانتخابات، فالاختلاف شديد والانحدار فى المشاركة ملحوظ وعدم الإكتراث بها واضح وطبعا له أسبابه. فالإحباط الذى يعانى منه الشباب الآن بسبب المشاركة السياسية التى أصبحت كما العدم فى مناخ سياسى مغلق تماما يحبس فيه أغلب من له رأى معارض أو مشارك فى أحزاب سياسية معارضة للنظام الحالى مما أدى إلى عزوف الشباب عن المشاركة وتسلل الإحباط لهم وإيمانهم بأنه لا فائدة من المشاركة ولا تغيير سوف يحدث للأفضل. وهناك من الشباب من هم متهمون وهم أعضاء فى أحزاب سياسية رسمية بسبب معارضتهم للنظام الحالى وهذا كله سبب عزوف الشباب عن المشاركة ويأسهم من التغيير. ونحن نحذر من أن هذا قد يحدث فى كل الانتخابات القادمة فنفقد الأمل فى المشاركة وتحقيق أهم هدف من أهداف ثورة 25 يناير وهو الاهتمام بالشأن العام. 

إن المشاركة السياسية تجعل المواطنين يشعرون بقيمتهم وتمدهم بإحساس الثقة بالنفس وبأهمية إسهامهم فى الحياة العامة. المشاركة السياسية إذا مُورست بشكل فعال وحقيقى فإنها دوما وأبدا تكون عاملا أساسيا يعمل دون استبداد الحاكم بالسلطة. ولكن الأهم ألا تكون هذه المشاركة ديكورية لإعطاء صورة غير حقيقية للمشاركة وإيهام المجتمع داخليا وخارجيا بأن هناك مشاركة وديمقراطية، فلابد أن تشمل المشاركة على المعارضين وأصحاب الأصوات الناقدة البناءة الإصلاحية ولا تستبعدهم بحجة أنهم معارضون وتتهمهم بهدم الدولة. لابد أن لا يتعرض أى شخص معارض للانتهاك أو للحبس بسبب مشاركته السياسية أو المجتمعية وأن لا يشعر بالخطر على حياته لمجرد أنه عبر عن رأيه. لأن ثراء المجتمع فى الاختلاف، فالاختلاف رحمة، فيجب أن نثمن فكرة الاختلاف وقبول الرأى الآخر واحترامها مع قبولها أو رفضها ولا يتهم أصحابها بالخيانة والعمالة ولا كل هذا الهراء الذى نستمع منه من أبواق الأجهزة الإعلامية الجاهلة كالمغرضة التى تعمل على تغييب الوعى للمصريين حتى يؤمن الناس بجدوى المشاركة إلى جانب المطالبة بوجود تشريعات تضمن وتحمى المشاركة والمختلفين فى الرأى. 

***

ونتمنى أن يتوقف الزيف الإعلامى عن تشويه وعى المواطن المصرى وأن تنتهى حالة التحريض والدعوة إلى الكراهية التى يمارسها أغلب الإعلام الحالى. ويتوقف سيل الاتهامات التافهة لكل ما هو له رأى مخالف معارض كان أو إصلاحى. نتمنى أن يكون هناك إعلام هادف يحمس المواطن على المشاركة لا أن يقوم بتخوفيه وتخوينه حتى نحمى المشاركة السياسية والاجتماعية من الانقراض. حتى يشعر المواطن بقيمة وأهمية مشاركته السياسية وأنها حتما سوف تؤدى إلى تغيير فى يوم من الأيام مهما تأخر هذا التغيير. 

يجب أن تتغير هذه السياسات لصالح الوطن والمواطن لأن الاستمرار فى هذا النهج سيؤدى إلى عواقب وخيمة يجب أن نتبصر بها ونحمى الوطن من الانزلاق فى ظاهرة المنع لكل رأى حر أو ناقد لحماية هذا الوطن.

احموا الوطن من المنافقين والجهلاء وحملة المباخر. 

احموا الوطن بالمشاركة الجادة الحرة.

 

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات