x قد يعجبك أيضا

فى نقد بيان الجامعة العربية عن الصومال

الإثنين 29 ديسمبر 2025 - 5:40 م

مرة أخرى ويبدو أنها ليست أخيرة: هل بيانات الإدانة والشجب والاستنكار يمكن أن توقف طموح وأطماع ومخططات ومؤامرات إسرائيل وإثيوبيا وسائر القوى المتربصة بالأمن القومى العربى؟

 


أطرح هذا السؤال بعد البيان الصادر عن الاجتماع الطارئ لجامعة الدول العربية على مستوى المندوبين، أمس الأول الأحد،
البيان يدين ويشجب ويستنكر قرار إسرائيل بالاعتراف باستقلال إقليم أرض الصومال المنشق عن الدولة الصومالية جمهورية مستقلة.
لكن وبوضح شديد ومن دون لف ودوران ومجاملات بلا معنى، فإذا كان هذا هو منتهى التحرك العربى لمواجهة الإجراء الإسرائيلى الأخير فلنقل السلام على الأمن القومى العربى خصوصا للدول المطلة على البحر الأحمر!
قرأت البيان أكثر من مرة وبحثت فيه عن إجراءات عملية محددة لمواجهة الخطوة الإسرائيلية، فلم أجد إلا المزيد والمزيد من عبارات الرفض والإدانة والشجب والاستنكار وفقط.
ليس ذلك فحسب، بل إن البيان يمتلئ بالعديد من التصورات الشعاراتية الخرافية الخالية من أى مضمون وغير القابلة للتحقيق.
أولا يبدأ البيان بالقول إنه ينعقد لبحث إدانة اعتراف إسرائيل بإقليم الشمال الغربى، أو بما يسمى بإقليم أرض الصومال كدولة مستقلة، وكان الأصح القول إنه ينعقد لمواجهة هذا الاعتراف.
فى البند الثالث يقول البيان إن الاعتراف الإسرائيلى يستوجب اتخاذ إجراءات قانونية واقتصادية وسياسية ودبلوماسية ضده، وهو كلام صحيح جدا، لكن هذا البند أو بقية البيان لا يخبرنا بطبيعة هذه الإجراءات.
فى البند السابع يقول البيان إنه يرفض استخدام الأراضى الصومالية منصة لتنفيذ المخططات العدوانية الإسرائيلية قاصدا محاولات تهجير الفلسطينيين إلى هناك. ولم يقل لنا البيان كيف سيتم مواجهة ذلك إذا قررت إسرائيل تنفيذ هذا التهجير، علما بأنها قامت بترحيل بعض عائلات قطاع غزة جوًا إلى جنوب إفريقيا، ولم نجد أى تحرك عربى حاد لمنع ذلك.
فى البند السادس يطالب البيان «المجتمع الدولى» بالتصدى للخطوة الإسرائيلية، ولم يقل لنا البيان ما هو المجتمع الدولى، وحتى إذا تم تعريفه، فما الذى سيدفع هذا المجتمع الدولى للتحرك نيابة عنا؟!
وإذا كان هذا المجتمع لم يتحرك منذ عام ١٩٤٨ لردع إسرائيل عن عدوانها المستمر على المنطقة، فهل سيتحرك لمنع إقامة علاقات دبلوماسية بينها وبين إقليم منشق؟!
فى البند الثامن: يرفض البيان بصورة قاطعة استخدام الصومال أو أى جزء منها بواسطة أذرع خارجية كمنصة لأى أعمال عدائية أو استخبارية لاستهداف الدول الأخرى. ولا أعرف هل يعلم الذين صاغوا البيان أن مسئولى إقليم أرض الصومال يتعاونون مع إسرائيل وإثيوبيا ودول أخرى منذ سنوات أم لا، فما الذى فعلناه معهم؟!
فى البند العاشر يطلب البيان من السفراء العرب فى العواصم العالمية والإقليمية الكبرى إحالة هذا البيان إلى وزارات الخارجية فى هذه الدول، وإيضاح خطورة هذه الخطوة الإسرائيلية.
بالذمة هل هذا كلام سياسى حقيقى وجاد؟!
نفس الأمر فى البند الحادى عشر الذى يطلب من جميع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية الامتناع عن أى تعامل رسمى أو شبه رسمى مع إقليم أرض الصومال المنشق. سوف نفترض أن العالم أجمع استجاب لنا وامتنع، وبقيت فقط إسرائيل وإثيوبيا، فماذا سنفعل معهما؟!
فى البند الثانى عشر يطلب البيان من الأمانة العامة للجامعة التنسيق مع الصومال ومفوضية الاتحاد الإفريقى لاتخاذ موقف حاسم ضد الاعتراف الإسرائيلى.
والسؤال الاستنكارى: ألا يعلم كاتبو البيان أن إثيوبيا دولة المقر للاتحاد الإفريقى هى أكثر دولة تتعامل مع هذا الإقليم المنشق، ووقعت معه اتفاقية لإنشاء ميناء وقاعدة عسكرية، بل واستقبلت رئيس ما يسمى هذا الإٍقليم قبل أسابيع؟!
فى البند الثالث عشر والأخير يطلب البيان من الأمين العام للجامعة العربية مخاطبة رئاسة مجلس الأمن والأمم المتحدة والاتحاد الإفريقى لاتخاذ موقف حازم من هذا الاعتراف واتخاذ ما يلزم من تدابير تكفل منع خلق بؤر نزاع جديدة فى القرن الإفريقى. وللأسف لا أعرف ما الذى يتوقعه السادة الذين صاغوا هذا البند وغيره من البنود المماثلة.
فى الختام كانت هناك أغنية طريفة قديمة للفنان محمد قنديل من كلمات محمد على أحمد وتلحين كمال الطويل ويقول مطلعها: يا رايحين الغورية هاتوا لحبيبى هدية؟! وكلما سمعتها كنت أتمنى أن أسال المغنى أو المؤلف أو منتج الأغنية رحمهم الله، ولماذا لا تذهبوا أنتم؟! فما حك جلدك مثل ظفرك.. فتولى أنت جميع أمرك!

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة