أتمنى وأنصح كل صحفى مصرى عربى صغيرا كان أم كبيرا أن يحرص على قراءة الكتاب المهم عن «صلاح منتصر.. الإنسان والزوج والصحفى المستقل» للسيدة منى سعيد الطويل.الكتاب صدر منذ أيام عن دار الشروق وحرره الكاتب الصحفى والزميل محمد السيد صالح، رئيس تحرير جريدة المصرى اليوم الأسبق، وكان من حسن حظى أننى أدرت ندوة نظمتها دار الشروق للمؤلفة والمحرر لإطلاق ومناقشة وتوقيع الكتاب وبحضور متميز مساء الأربعاء الماضى فى مكتبة القاهرة بالزمالك. الكتاب ممتع وبه الكثير من التفاصيل والقصص والحكايات، وهو ليس فقط كتابا لزوجة صلاح منتصر، من وجهة نظرها، ولكنه فى الأساس يروى جوانب مهمة من الصحافة والسياسة فى مصر منذ بدايات الخمسينيات من القرن الماضى وحتى رحيل صلاح منتصر فى مايو ٢٠٢٢.منى الطويل هى ابنة الاقتصادى الكبير الراحل سعيد الطويل الذى أسس جمعية رجال الأعمال، وهى أيضا شقيقة عنايات الطويل زوجة المهندس صلاح دياب ناشر «المصرى اليوم» والذى كان سببا أساسيا فى زواج صلاح منتصر من منى الطويل عام ١٩٩٣. منتصر كان قد فقد زوجته الأولى نادية عبدالحميد، ومنى الطويل كانت قد فقدت زوجها الأول سمير نصار. الاثنان التقيا فى بيت دياب وبدأت علاقة زواج ناجحة استمرت ٢٩ عاما.وإضافة للجانب الشخصى المهم عن علاقة منى الطويل وصلاح منتصر ورحلاتهما واحتفاظ كل منهما بحريته النسبية فإن الكتاب يعرض لحياة منتصر الصحفية، وهى رحلة طويلة ومهمة ومرتبطة إلى حد كبير بتاريخ الصحافة المصرية طوال فترة حياته التى بدأت عام ١٩٣٣ وانتهت عام 2022.شخصيا كنت من المعجبين بصلاح منتصر نظرا لأنه يمثل نفس المدرسة التى ينتمى لها أحمد بهاء الدين وسلامة أحمد سلامة وآخرون يؤمنون بأهمية المعلومات والبيانات والحقائق والوقائع ويعرضون لكل الآراء، ولا يلجأون للزعاق والصراخ، مما يجعل كتاباتهم تحظى بتقدير واحترام حتى لو اختلف معها بعض الناس.لفت نظرى فى مقدمة الكتاب قول صلاح دياب عن صلاح منتصر: «عاهد نفسه ألا يكتب إلا ما يرضى ضميره، ويلبى حاجة قارئه، لم يجامل حاكما أو صاحب نفوذ، أو صديقا».ولذلك لم يكن غريبا أن يكون إهداء الكتاب إلى القارئ الذى احتل المرتبة الأولى طوال رحلة منتصر الصحفية، هو كان يثابر على الكتابة اليومية بشغف وإخلاص مهما كانت ظروفه الخاصة أو الصحية، فالقارئ ظل يمثل جزءا مهما من مشواره الصحفى.ويتضح ذلك ليس فقط من تحقيقاته وموضوعاته الصحفية فى بدايات حياته، ولكن من خلال عمود الرأى الشهير فى الصفحة الأخيرة من الأهرام بعنوان «مجرد رأى» أو مقال «مجرد سياسة» فى مجلة أكتوبر التى تولى رئاسة تحريرها عام ١٩٨٥. وطوال سبعين عاما كانت الكتابة هى مهنته الوحيدة.الكتاب عبارة عن ثلاثة أجزاء، الأول على لسان المؤلفة وتحكى فيه عن قصة زواجها من صلاح منتصر، وحياتهما معا والجزء الثانى عن محطات مهمة فى حياة صلاح منتصر، اعتمادا على تسجيل بصوته قبل وفاته بأسابيع قليلة، وكذلك عبر البحث فى مقالاته، والثالث والأخير عن أبرز القضايا التى اهتم بها منتصر فى حياته الصحفية، ومنها مثلا حملاته لمكافحة التدخين.محمد حسنين هيكل كان أكثر الشخصيات التى أثرت فى مسيرة حياة منتصر الصحفية، ليس فقط فى المهنة بل حتى فى الحفاظ على ارتداء البدلة والكرافتة وهو يكتب مقالاته فى مكتبه الخاص داخل بيته كما كان يفعل هيكل.الحديث عن هيكل موجود فى صفحات كثيرة داخل الكتاب من أول التعرف عليه أوائل الخمسينيات فى مجلة آخر ساعة التى كان يرأس تحريرها، نهاية بمحاولة كتابة كتاب عن هيكل لم يكتمل.منتصر لم يكن يسمح لأحد مهما كان أن يفرض عليه فكرة معينة للكتابة إن لم يكن مؤمنا بها، فهو لم يكن يرى أن الاستقلال المهنى ليس ترفا بل واجبا. وكان يردد أن الصحفى الذى يفقد استقلاله يفقد ذاته.وبالتالى لم يكتب بلغة الصراخ بل العقل، وظل محافظا على مسافة كافية من الجميع، فلا هو انحاز للسلطة انحيازا أعمى، ولا هو انقلب عليها من أجل المزايدة.الكتاب ملىء بالقصص والحكايات والمعانى والأفكار، وأتمنى أن يقرأه كل صحفى، خصوصا الشباب حتى يتعرفوا على نموذج ومثال حى للمثابرة والاجتهاد والتعب وأن من يريد أن يكون كبيرا ومتميزا عليه أن يبذل الجهد والعرق والاجتهاد. شكرا لمنى الطويل ومحمد السيد صالح، وشكرا كبيرا لدار الشروق وأميرة أبو المجد وكل فريق العمل فى الدار الذى ساهم فى إخراج الكتاب بهذا الشكل والمضمون المتميز.
مقالات اليوم عمرو حمزاوي وقف الإبادة وتجاوز الإلغاء.. شروط التعايش بين الفلسطينيين والإسرائيليين محمود قاسم المجنونة أسامة غريب قرحة فى المعدة بسمة عبد العزيز المَنبَع محمد زهران فقاعة الذكاء الاصطناعى.. المالية والتكنولوجية داج ديتر تنمية الإيرادات غير الضريبية أداة رئيسية للازدهار المستدام صحافة عربية الضفة الغربية فى مواجهة غول الاستيطان قضايا تكنولوجية هل تمهد الصين لثورة جديدة فى الذكاء الاصطناعى العصبى؟
قد يعجبك أيضا