إزريل.. وما إزريل؟ إنها Israel؛ هكذا ينطقونها بكل اللغات تقريبًا، ما عدا نحن فى «العربية».. فلماذا لا نقول مثل الجميع، حتى أصحاب الشأن منهم: إزريل؟ ولماذا استخدمنا منذ البداية اسمًا له محمولات ومدلولات تراثية عندنا، وبرغم مثالبها، لا يستحقونها: أى إسرائيل! ولنبدأ نحن فنستخدم الاسم الذى اختاروه لأنفسهم، أى «إزريل» فحسب.مساء الأربعاء الثامن من أكتوبر 2025 (ويا لها من مصادفة فى التطابق مع السابع من أكتوبر..! أى الطوفان فى 2023) تم الإعلان عن التوصل فى «شرم الشيخ» بحضور ومشاركة قطر وتركيا ومصر إلى جانب ممثلى «حركة حماس» و«أمريكا ترامب»، إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى غزة، مع بنود أخرى، فماذا يعنى ذلك ربما؟ ربما يعنى التوصل إلى «نقطة التحول» turning point فى مسار الصراع وحرب الإبادة الجارية فى غزة فلسطين منذ سنتين.فهل وصلت «إزريل» حقًا إلى نقطة التحول هذه، وهل تعنيها، وهل لها عندها ما بعدها؟إن كان ذلك كذلك، فإن إزريل (إسرائيل سابقًا) تكون قد وصل صانع ومتخذ القرار فيها، إلى حالة «الترنح» فى مسار الصراع والحرب؟نقول «الترنح» وقصدنا ألا نقول (سقوط مشروع كذا..)، فما نصدّق أن صانع القرار ومتخذه، بقلب ولسان «اليمين الصهيونى المتطرف» يقبل هكذا «سقوط» المشروع، فجأة بدون مقدمات، ولو كانت ضغطًا أمريكيًا. ولذا نقول بالترنّح، أو الاهتزاز المؤدى إلى احتمالات شتّى، من بينها «السقوط».ثم إننا لم نقل «ترنح» لمدلول «القوة الإقليمية»، ولكن قلنا «مشروع» كذا.. فلم يكن الخيال الجامح لليمين الصهيونى المتطرف ليصل إلا إلى مجرد (مشروع) scheme قد يتحقق أو لا يتحقق، ولن يتحقق!والمشروع المشار إليه مصمّم «فنيًا» من أجل وضع «إزريل» على خارطة ما أسماه كبيرهم يوما ما «الشرق الأوسط الجديد»، كقوة إقليمية أو (فوق إقليمية) قائدة، قالوا لها «إزريل الكبرى» أو مجرد الكبيرة وليست العظمى بحال super power.. فقد حلموا بقوة إقليمية تقود شرقنا العظيم، وينقاد من ورائهم، فيما يحلمون، سائر القوى الإقليمية «الحقيقية» وليست الزائفة، كما هى «إزريل»!إن لم تكن «إزريل الكبرى» أو «الكبيرة»، وليست «العُظمى» بحال، فماذا تكون أو ستكون، إن بقيت على ظهر البسيطة أصلًا على كل حال؟ ومن المقّدر ألا تبقى، وإن بقيت -على مدى زمنى ليس بعيدًا- فهى مجرد «ذيل وظيفى» - إن صح التعبير- لقوة خارجية عن الإقليم، وليست بأصيلة بالطبع - أو تكون مجرد وكيل تبعىّ، لا يملك من أمره شيئًا، ولو كان لديه شىء من السلاح؛ أى يكون مجرد ممارس مؤقت لتكتيكات (الحرب بالوكالة) war by proxy.لنفترض، مجرد افتراض، أن الذيل التبعى المجرور استمر، لوقت ما، ربما كإمبريالية صغرى Mini-imperialism فهل يتبعه أحد؟ وما مقومات كيانه الهزيل عبر الزمن؟وإن كانت «إزريل» إمبريالية صغرى، فهل تكون لها توابع أو «مستعمرات»؟ ألا هزُل الطالب والمطلوب! وما مقومات هذا الهزال؟ هل الديموجرافيا؟ ليس ذاك، فليس سكانها بأكثر من أهل فلسطين، صاحبة الأرض والعرض؟فهل هى المساحة والجغرافيا؟ ليس ذاك أيضًا فلا يتجاوز عرضها نحو 27 ألف كيلومتر مربع أم هى الموارد البشرية؟! وكيف يكون ذلك كذلك، وعقولها مجلوبة من الهجرة الخارجية على سبيل «نزيف الأدمغة» Brain Drain أم هى تكنولوجيا السلاح المتطور خاصة بعض الأجزاء الحساسة إلكترونيًا للقاذفات المقاتلة وبعض من الدفاع الجوى؟ فتلك مأخوذة من «الإمبريالية الأم» أى أمريكا، لمدد زمنية وبشروط محددة، أهمها العمل كوكيل مستأجر وليس بمالك أصيل لحقوق المعرفة التكنولوجية (أسرار الصنعة Know - how).إن جرّدنا ذلكم الكيان من تلك المقومات - أو غيرها - فماذ يبقى؟ هل يبقى غير ما فى «جعبة الدعاية السوداء»، على نحو ما قالت جولدا مائير: شعب بلا أرض يذهب إلى أرض بلا شعب؟ ولقد صحّ ما قاله جمال عبدالناصر فى رسالته الشهيرة إلى الرئيس الأمريكى الأسبق فى مطلع الستينات (جون كينيدى)، تعليقًا على «وعد بلفور» الصادر من وزير خارجية بريطانيا لبعض أغنياء الأقلية اليهودية عام 1917 بإقامة «ملاذ وطنى -أو محلّى» لليهود فى فلسطين National Homeland: (لقد أعطى من لا يملك وعدًا لمن لا يستحق، واستطاع من لا يملك ومن لا يستحق، أن يسلبا صاحب الحق الأصيل حقه؟).وما بين «الدعاية السوداء» و«الحديث الأصيل» يتأرجح الكيان الهزيل أو يترنّح.. حيث لا يستقر له قرار، فلا يكون ثمة شرق أوسط جديد، كما يحلم بعضهم.. وإنما هو شرق عربى حقيقى، وجواره من العالم الإسلامى الحضارى، على جانبيه إيران وتركيا وآخرون.إذن فى المحصلة الختامية، فإن «إزريل» لا يقدر لها أن تكون قوة إقليمية كبيرة، فما بالك بأن تكون قوة إقليمية كبرى Regional great power؟ ذلك هاجس من هواجس الأحلام، يكون «كابوسًا» فى أرجح الاحتمالات.فلنسترد ثقتنا بأنفسنا إذن، ولنعمل بجد، وبالجدية الضرورية، من أجل بناء وطن عربى جديد، وعالم شرق أوسطى حقيقى قائم على الإرث الحضارى المشترك لمنطقة عربية-إسلامية مركزية، وعلى المصير المضىء المصمَّم على الحقوق لا على مجرد القوة دون حق.هكذا يمكن أن نعود كما كنّا، يومًا ما، ولكن بأفضل مما كنا؛ بلا اجترار للماضى، بل أمة وأمم، ذات، وذوات، حضارة تليدة ومستقبلية مشرقة، فى آن معًا.
مقالات اليوم جميل مطر من ثمار الإبادة حسن المستكاوي مفاجأة كاب فيردى ودرسها عماد الدين حسين لماذا أوقف ترامب الحرب؟! أشرف البربرى أكذوبة السلام الغربى خالد عزب صلاح الدين الأيوبى.. الأسطورة والحقيقة والأكاذيب قضايا اقتصادية التطورات الجيوسياسية وانعكاساتها على قطاع الطاقة قضايا تكنولوجية الذكاء الاصطناعى والفضاء.. ثورة العقل الاصطناعى فى خدمة الاستكشاف الكونى
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك