(1)خبر صادم وحزين جدًا لكل من اتصل بالحركة الثقافية والاجتماعية المصرية، والكتابة والإبداع، وعموم النشاط الثقافى والفنى فى مصر والعالم العربى، فى ربع القرن الأخير. كان من المقرر أن أواصل الحديث عن الكتابات التى اعتنت بموضوع «الهوية المصرية» من مداخل عدة فى القرن العشرين.وصبيحة الجمعة الماضية، وأثناء كتابة المقال، فجعنى خبر رحيل الناشر والمثقف المصرى محمد هاشم (1958–2025)، فغيّرت خطط الكتابة، فلم يكن هاشم بالشخص الذى يمرّ رحيله مرور الكرام، وهو – رحمه الله – لم يكن كذلك أبدًا.(2)مثّل محمد هاشم نموذجًا غريبًا وعجيبًا ومدهشًا ومتناقضًا أيضًا، «حدوتة مصرية» بكل معنى الكلمة، جمع بين إهاب المثقف المشاغب، والناشر الطليعى، والمناضل السياسى المشاكس، والمعارض «المقاوح»، وخصال وسمات أخرى كثيرة جدًا، قد تختلف معه وقد تنفر منه، وقد تدير وجهك عنه مستاءً أو غاضبًا أو رافضًا.. لكنك لا تستطيع أن تتغاضى عن طفوليته وقلبه الأبيض وإنسانيته التلقائية المتدفقة!قدّم محمد هاشم للثقافة المصرية والعربية دار نشر تسمّى «ميريت»، ظهرت إلى الوجود عام 1998، ومنذ ظهورها وحتى رحيل صاحبها الفاجع، لعبت هذه الدار دورا مهما فى نشر الإبداع والفكر والثقافة من منظور تقدّمى تحرّرى بكل معنى الكلمة، واستوعبت الموهوبين والجادّين من أصوات المهمّشين والخارجين على الخطوط والحدود، وفتحت الباب واسعًا أمام كل صاحب قلم، وفكر، وتيار مناوئ، (أدبى، سياسى، اجتماعى،…إلخ). واستطاعت «ميريت» طوال ما يزيد على ربع قرن، بفضل طاقة وحماس وجرأة صاحبها، أن تلعب دورا مهما فى حركة النشر المصرية والعربية، منذ أواخر تسعينيات القرن الماضى، وحتى السنوات العشر الأخيرة.(٣) لعلّ هذا ما قصدته الناقدة الكبيرة شيرين أبو النجا عندما كتبت تقول إنه عقب انطلاقة دار «ميريت» المصرية عام 1998، وقدّمت أول إصداراتها عام 1999، نجحت – بعد فترة وجيزة للغاية – فى أن تصبح الدار معروفة فى أرجاء العالم العربى كله بصاحبها محمد هاشم، ذاك الشخص الذى لا يهدأ فى مكان، ولا يؤمن بالثبات، يضحك ويبكى فى آن، ينفعل ويهدأ فى اللحظة نفسها، مناهض بطبيعته لكل أشكال قمع الحريات، ناهيك عن حرية التعبير. وتؤكّد أبو النجا فى حديثها عن محمد هاشم و«ميريت» أنها انخرطت، بعد عام واحد فقط من تأسيسها، فى نشر الإبداع، وبخاصة للشباب المبدعين، وقامت بنشر كتب لمفكرين خارج الدائرة الرسمية المؤسسية، وقلة ممن هم محسوبون على المؤسسة، وبذلك أوجدت لنفسها توجّهًا لا يخضع مطلقًا لشروط السوق، ودشّنت فى عام 1999 سلسلتها «مختارات ميريت»، التى قدّمت نصوصًا لكل من: عاطف كشك، السيد ياسين، سليمان فياض، سيد خميس، هالة مصطفى، أحمد جودة، مجدى نصيف، رجائى فايد، أحمد بهاء شعبان، شريف يونس، سيد البحراوى، مجدى جرجس، عماد أبو غازى.. وغيرهم كثير.(4) استطاعت «ميريت» أن تكون واحدة من دور النشر الطليعية التى تعبّر إصداراتها واختياراتها (بالإضافة إلى أغلفتها المذهلة بتوقيع أحمد اللباد) عن النبض الحى المتجدد لتيارات الثقافة المصرية والعربية، وأخذت على عاتقها توصيله إلى القرّاء، غير مغفِلة بعدها «القومى» الذى جعلها تفتح منشوراتها للإبداع الواعد على امتداد الأمة العربية كلها.ومن المؤكد أن عددًا من كبار المثقفين المصريين أدركوا أهمية الدور الذى تقوم به هذه الدار، أو تتطلع إلى القيام به، فدعموها منذ البداية، ومنحوها كتبهم التى لا تزال إنجازًا أصيلًا، وتأكيدًا لأهمية حق الاختلاف. لم تتردّد «ميريت» فى اقتحام التابوهات التقليدية، وإنطاق المسكوت عنه من الخطاب الاجتماعى والثقافى والسياسى، ملحّة على تأسيس أشكال جديدة من «الكتابة» التى تبرز الحضور العفوى لهذه الأجيال الواعدة، وتميّزها عن غيرها من الأجيال السابقة.
مقالات اليوم حسن المستكاوي الجارديان: «أزمة صلاح.. أزمة الأمة المصرية» خالد محمود مارون بغدادى والراقصة أحمد عبد ربه لماذا يثير محمد صلاح كل هذا الغضب؟ داليا شمس بيوت الخرطوم أكرم السيسى عن حادثة الفنان سعيد مختار وقانون الأسرة.. للمرة الثالثة! محمود عبد الشكور عالم «تارانتينو» الساحر! من الصحافة الإسرائيلية يبدو كأن الأمر الوحيد الذى يعترض تنفيذ المرحلة الثانية من خطة ترامب فى غزة هو.. الواقع
قد يعجبك أيضا