x قد يعجبك أيضا

الكاميرا فى الشارع

الجمعة 30 مايو 2025 - 2:18 ص

قد يقصر البعض أهداف الحملة التى أطلقها مجلس نقابة الصحفيين برئاسة الأستاذ خالد البلشى لتعديل المادة 12 من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم 180 لسنة 2018 فى إعادة الاعتبار إلى «كارنيه النقابة»، إذ تطالب الجماعة الصحفية بالاكتفاء بإثبات هوية الصحفى أو الإعلامى من بطاقته الشخصية أو الكارنيه، ليتمكن من أداء عمله فى حضور المؤتمرات والجلسات والاجتماعات العامة وإجراء اللقاءات مع المواطنين والتصوير فى الأماكن غير المحظور تصويرها، دون اللجوء إلى خطوة إضافية معرقلة وغير مضمونة هى «الحصول على التصاريح اللازمة فى الأحوال التى تتطلب ذلك».


إن إلغاء هذا القيد لا يكفل فقط كفاية كارنيه النقابة كسند لممارسة المهنة، وكرامة حامله وحمايته من التضييق والملاحقة، بل يساهم أيضا على المدى الطويل فى تحسين أوضاع الصحفيين الاقتصادية وزيادة فرص «أكل العيش» لأنه سيمكّن المصورين والمحررين المقيدين بجداول النقابة وكذلك العاملين بالصحف وفقا لتعريف القانون 180 بالتواجد فى قلب الأحداث بسرعة، وتغطيتها بسهولة، وجمع التصريحات من شهود العيان واستطلاع آراء الناس ورؤاهم، دون خشية سؤال «معاك تصريح؟» أو الأسوأ من ذلك وهو عدم الاعتداد بالتصريح الذى يحمله الصحفى لأى سبب كان، وما يستتبع ذلك أحيانا من إجبار الصحفى على حذف المواد التى سجلها أو التحفظ على أداة التسجيل.


منذ استحداث هذا القيد ونحن فى وضع طارد للصحفيين من الشارع، يحدد حركتهم ويجعلهم عُرضة للاستيقاف وتعطيل العمل، فى مقابل السماح للمواطنين العاديين بالتواجد فى الأماكن ذاتها واستخدام هواتفهم لنقل الأحداث «لايف» عبر مواقع التواصل الاجتماعى دون إشكال. وهذا حقهم لا جدال. لكن ما تكرر كثيرا مع الزملاء المصورين ومحررى الحوادث تحديدا، إجبارهم على مغادرة أماكن بعض الوقائع المهمة أو منعهم من التصوير الاحترافى والتغطية المعمقة لها، بينما يشاهد الملايين الحدث عبر «موبايلات» المارة أو الجيران.


ترسخ هذا الوضع الغريب، وساهم – إلى جانب أسباب أهمّ كغياب التنوع وفقر المحتوى - فى تراجع تنافسية المواقع الصحفية وصفحاتها الرسمية الخاضعة للقانون 180 لصالح صفحات أخرى تُدار بشكل غير احترافى مُتحررةً من اشتراطات وقيود متعددة، من الترخيص وحتى الالتزام بأكواد المجلس الأعلى للإعلام، مرورا بتلك التصاريح المفروضة، مما مكّنها على مدى سنوات من تحقيق عوائد أكبر، وأكسبها القدرة على تطوير محتواها من قلب الشارع بمرونة.


المسألة تتعلق بصميم المهنة وتأمين الحد الأدنى لممارسة معقولة. فمهما بلغت أهمية المحتوى المعمق وطفت على سطح الاهتمام أنماط جديدة من الإعلام المدمج مثل البودكاست والحديث المباشر المدعوم بالمؤثرات البصرية، ستظل للتغطية الإخبارية والتفاعلية والصورة الصحفية من الشارع أهمية قصوى.


إنها تعكس الواقع بجلاء لتكون خط الدفاع الأول ضد الشائعات والمبالغات. وهى نقطة العبور الأساسية للمعلومات الحقيقية التى يُبنى عليها التحليل والرأى. وبقدر قرب الصحافة من الشارع ستنجح أو تفشل فى أداء وظائفها فى مجتمع حى.


غدا السبت يناقش الصحفيون فى نقابتهم مع زملائهم النواب ضرورة تبنى هذا التعديل الواضح والمحدود، وتمريره فى البرلمان قبل نهاية الفصل التشريعى الحالى، والأمر يتطلب تضافر جهود ستين نائبا ليصل المشروع سريعا إلى اللجنة المختصة ومن ثم إلى الجلسة العامة.


فى زمن سيولة المعلومات والآراء، يجب أن يكون النواب أكثر من غيرهم إدراكا لأهمية الصحافة فى إيصال أفكارهم إلى الجماهير واطّلاعهم أولا بأول على نبض الشارع، لا سيما ونحن مقبلون على انتخابات النواب والشيوخ. فليكن هذا التعديل الحيوى خطوة عاجلة لدعم دور الصحافة، على طريق عملية أوسع لجسر الهوة التى تفصل قوانين الإعلام عن حرية ننشدها، ومستجدات هائلة لا نكاد ندركها.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة