يوليو

الخميس 17 يوليه 2025 - 8:20 م

فندق فلسطين فى المنتزه أسبوع فى نصف يوليو الأول وأسبوع فى نصف أغسطس الثانى

هذا، إن استطاع الأستاذ منير عامر أن يقبض يده ويتخلى عن تبذيره الواصل إلى حد الإدمان. إن أخفق يكون البديل ڤيلا وسط مزارع التين فى العجمى من قبل أن يسكنه أحد، فإن لم يكن هذا ولا ذاك، يكون الحل فندقا قديما أعلى عمارة تاريخيّة من عمارات محطة الرمل.
قبل بداية الإجازة، يتجه جزء غير قليل من ميزانيتها إلى صيانة وإصلاح السيارة الفولكس بلونها البرتقالى الفاقع، والتى تحولت لاحقا إلى علامة يستدل بها أصدقائى على وجودى فى مكان ما لقلة مثيلاتها الناجيات التى ميزت الطبقة المتوسطة فى السبعينيات.
نفس السيارة بالمناسبة، سافرت إجازات صيفية للإسكندرية والساحل الشمالى فى بداياته وبداياتى زوجا وعائلاً لأسرة جديدة.

خلال هذه الأيام ، يصمم والدى ألا تقتصر الإجازة على شاطئ واحد نعتاد ارتياده.
من محطة الرمل حتى شواطئ المعمورة والمنتزه. كل شاطئ له قصة عن الإسكندرية التى تخصه.
«سبحت هنا إلى جانب عبد الحليم حافظ، وسمعنى أستاذ إحسان أرفض اقتراح صديقى بأن نقترب ونتبادل معهم الحديث، فيبادر الأستاذ إحسان ــ كما أشار أبى له دائما ــ بالترحيب بالشابين».
«هنا، تم اختيار نادية لطفى ملكة لجمال الشاطئ».
وفى طريق من هنا لهناك، ولأن التاريخ حاكم، يحكى عن زمن عبد الناصر، عن المنشية وحادثها، أو عن مدفع بقيت فوهته يلمحها المارون على الكورنيش، كأحد الآثار الباقية للدفاع عن الإسكندرية.
كان يفرد أمامى تاريخه الخاص والعام عبر جغرافيا الأماكن والمواقع التى نزورها.
«هذا بيت سيف وانلى الذى زرته معى وأنت طفل صغير، وغدًا ستأتى معى لزيارة عمك منصور». هكذا كان يشير إلى الوزير منصور حسن وزير الدولة لرئاسة الجمهورية، والإعلام والثقافة لاحقا.
الحديث دائما عن الأشخاص، وليس الأماكن.
مع السنوات، انتقلت الحكايات إلى الأحفاد. كلها تبدأ من حى محرم بك الذى ولد فيه بعد نزوح أسرته من الشرقية.
يحكى كيف غادر شاطئ المتوسط مراهقا، وعاد صحفيا عجوزا بعد أن مكنته مكافأة المعاش من سداد مقدم «شاليه مارينا»، قطعة الجنة التى قال إنه أخيرا أمسك بها، ثم صمم أن يهديها فى كل حديث إلى جدة الأحفاد.
صمم وأوصى أن الشاليه هو مكافأة أمى على شقائها معه واحتوائها له، ولم يعرف أن المقدر له أن يكون اللاحق بها وليس السابق لها.
لم يهتم الأحفاد بتفاصيل يوليو الثورة. عرفوا فقط ما علمهم وكرره لهم. «جدكم وجدتكم واللى جابوكم وخلفوكم طبقة متوسطة، وأنتم كذلك أينما كنتم، ومهما حققتم».
ما سبق، بعض صور وتفاصيل تلاحقت فى خاطرى، وصوت شقيقتى تدعونى ليومين إجازة معا فى «شاليه مارينا».
لم أعترف لها أن عقلى يعانى مع ازدحام الصور والذكريات، التى ترهقه وترهقنى بينما أنا راغب فى الهرب من كل قصص يوليو.
سأكتفى بصورته سعيدا بزمنه وحكاياته على البحر، وبصورتها وهى تسمع صوت عبد الحليم حافظ يردد بالأحضان، كما فى أول يوليو سمعته يغنيها، فتسترد وعيها بابتسامة وضحكة اخترقت ضباب المرض الكثيف.
سأهرب إلى وجهة جديدة بشاطئ وبحر، حتى وإن كان فى اتجاه الشرق وجنوبه، وليس الشمال وغربه.
على ساحل البحر الأحمر، سأحمل قصصه وصوره، لكنى سأبدأ مراجعة قصصى الشخصية على مهل، محاولا التعايش مع حر يوليو وحيرته بين البحار وسواحلها.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة