أعلن إيلون ماسك، أغنى رجل فى العالم، نيته تشكيل حزبٍ سياسى يتحدى به كلا من الحزبين الرئيسيين فى الحياة السياسية الأمريكية، الديمقراطى والجمهورى.وجاء إعلان ماسك ليعكس عمق الخلاف المتكرر بينه وبين الرئيس دونالد ترامب، والذى ظهر واتخذ منحنيات سريعة غير متوقعة بعد رفض ماسك لتشريع الميزانية الفيدرالية الجديد الذى احتفى به ترامب وسماه «التشريع الكبير والجميل»، وانتقد ماسك الاستمرار فى «زيادة العجز فى الميزانية الفدرالية». وسيضيف القانون الجديد أكثر من 3 تريليونات دولار إلى العجز الفيدرالى الأمريكى على مدى العقد المقبل، وهو ما وصفه ماسك بأنه «عبودية الديون».وعقب تمرير التشريع وتوقيع الرئيس ترامب عليه، قال ماسك إن ما يجرى يؤكد أننا «نعيش فى نظام الحزب الواحد، وليس ديمقراطية. اليوم، سنعيد تشكيل الحزب الأمريكى لإعادة حريتك».وعلى الفور رفض ترامب فكرة ماسك، وكتب على منصة تروث سوشيال «أن الأحزاب الثالثة لم تنجح أبدا فى الولايات المتحدة، حيث إن النظام يبدو غير مصمم لها».ما ذكره ترامب يعد دقيقا حيث إن الجهود السابقة لتحدى الحزبين المهيمنين فى أمريكا قد فشلت. ورغم ذلك، كان هناك جهد كبير لمرشح ثالث مستقل فى انتخابات 1992 و1996 الرئاسيتين، حيث نافس الملياردير روس بيرو (معتمدا على انتقاده لعجز الميزانية الفيدرالية، مثل ماسك)، وفاز بنسبة 19% من الأصوات فى المرة الأولى، و8% من الأصوات فى المرة الثانية، وفاز فى كلتا الفترتين الديمقراطى بيل كلينتون.• • •يقول الكثير من الأمريكيين إنهم مستاءون مما يرون أنه نظام الحزبين المختل فى أمريكا. من هنا، يمثل إعلان ماسك خطوة غير جديدة فى سياقها التاريخى، إذ تعج الولايات المتحدة بعشرات الأحزاب السياسية، إلا أن العالم لا يعرف منها إلا الحزبين الديمقراطى والجمهورى. ويسيطر الحزبان على السياسة الأمريكية منذ نشأة الدولة رسميا عام 1776، ولم يمثل وجود أحزاب سياسية متعددة تحديا كبيرا للحزبين الرئيسيين، الديمقراطى والجمهورى، اللذين استمرت سيطرتهما على البيت الأبيض ومجلسى الكونجرس على مدى العقود الماضية. ويرجع السبب فى ذلك إلى هيمنة الحزبين الرئيسيين على الحياة السياسية بأدواتهما المالية الإعلامية والبحثية والفكرية، التى استغرقت عقودا حتى رسخت وأصبحت أكثر قوة.تشهد الانتخابات الرئاسية عادة وجود مرشحين، فضلا عن مرشحى الحزبين الجمهورى والديمقراطى، ومن أهم هذه الأحزاب حزب الخضر (Green) وحزب الأحرار (Libertarian) وعدد آخر من الأحزاب الصغيرة، ويحصل مرشحو الأحزاب الأخرى على أقل من 1.5%، ولم يسبق لهم أن لعبوا دورا حاسما فى تحدى هوية الرئيس الفائز.• • •وفى الوقت ذاته يواجه مرشحو الأحزاب الأخرى صعوبات كبيرة فى النفاذ إلى وسائل الإعلام أثناء الحملات الانتخابية، فإما أن يكون المرشح ثريا ويستخدم ثروته الخاصة فى شراء المساحة الإعلامية اللازمة للتعريف به وعرض برنامجه الانتخابى (حالة روس بيرو)، أو أن يكون مشهورا لدرجة تسمح له باستخدام نفوذه وعلاقاته الشخصية لدى الإعلام، أو يبقى فى حلقة مفرغة دائرة لا تفضى إلى أى نتيجة، فعدم تغطيتهم إعلاميا يؤدى إلى ضعف قدرتهم على المنافسة.ولا يسمح أيضا لمرشحى الأحزاب الأخرى بالمشاركة فى المناظرات التلفزيونية بسبب عدم اجتيازهم الشروط والقواعد المنظمة لتلك المناظرات، وهى قواعد وشروط يضعها مموّلو تلك المناظرات والمشرفون عليها من الحزبين.ومن الطبيعى ألا يريد الحزبان الكبيران مشاركة أى منافس آخر فى المناظرات، وأن يهدد مرشحو الحزبين الرئيسيين بالانسحاب من المناظرات الانتخابية إذا سُمح لمرشحى الأحزاب الأخرى بالمشاركة فيها. ويميل الديمقراطيون والجمهوريون إلى تعديل برامجهم الحزبية لاستيعاب أفضل الأفكار من المنافسين المحتملين. تاريخيا، واجهت الأحزاب الثالثة تحديا شاقا فى إثبات ودودها والحصول على نسب معقولة من أصوات الناخبين.من الأسباب الإجرائية المعرقلة للأحزاب الثالثة ما تتطلبه بعض الولايات من عشرات الآلاف من التوقيعات من الناخبين المؤهلين خلال فترة الحملة الانتخابية - ناهيك عن الموارد المالية اللازمة لتعبئة الجهود فى هذه الاتجاه. كما يعرقل مبدأ أن «الفائز يأخذ كل شىء» فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية من فرص المرشح الثالث من الحصول على جزء كبير من الأصوات فى المجمع الانتخابى على المستوى الوطنى. فى انتخابات 1992، حصل روسو على ما يزيد عن 19 مليون صوت، إلا أنه حصل على صفر (لم يحصد أى صوت) فى المجمع الانتخابى.• • •فى الوقت ذاته، لم يكن لدى أى مرشح مستقل أو مرشح حزب ثالث هذا النوع من الموارد الهائلة التى يمتلكها ماسك حاليا، لكن يمكن لماسك تحقيق هدفه بإنفاق مليارات الدولارات، وجمع مليارات أخرى من أصدقائه.لا يستطيع ماسك نفسه الترشح لمنصب الرئيس، حيث إنه ولد خارج الولايات المتحدة، وحصل على الجنسية الأمريكية لاحقا. لكن بوسع ماسك أن يكون صانع الملوك، وبالفعل عزز قدراته وخبراته بدعم انتخاب ترامب العام الماضى.فى هذا الصدد، أشار ماسك إلى أنه قد يبدأ بدعم منافسين فى الانتخابات المحلية، وهى فرصة أسهل كثيرا من الانتخابات العامة لاختبار شعبية فكرة المرشح الثالث. كذلك قال ماسك إنه ينوى «التركيز على موقع محدد فى ساحة المعركة، التركيز على 2 أو 3 مقاعد فقط فى مجلس الشيوخ و8 إلى 10 دوائر فى مجلس النواب. سيكون ذلك كافيا ليكون بمثابة التصويت الحاسم على القوانين المثيرة للجدل، بما يضمن أنها تخدم الإرادة الحقيقية للشعب».يملك ماسك ما يقرب من 300 مليار دولار، ولديه قدرات وإمكانيات غير مسبوقة منها منصة إكس وحسابه الذى يتابعه 222 مليون شخص، وهو ما يمنحه فرصة الوصول لكل الأمريكيين بسهولة إن اختار خوض المعركة الأصعب فى مسيرته المثيرة حتى الآن، وقبول دفع الثمن الذى قد يكون أكبر مما لديه من ثروات.
مقالات اليوم حسن المستكاوي الهرم المقلوب.. فى الكرة المصرية شريف عامر يوليو محمد بصل لاهاى.. بوجوتا.. واستقلال الإرادة إبراهيم العريس «مثقفو الهزيمة الثالثة» والحدود المعدومة بين الماضى والتاريخ (3-3) مواقع عربية اليونيفيل.. بين «فيتو» الجنوب اللبنانى و«فيتو» مجلس الأمن من الصحافة الإسرائيلية الحكومة التى تدير إسرائيل غير عاقلة.. ويجب إسقاطها
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك