x قد يعجبك أيضا

رجل أبيض بغيض وسيدة بيضاء نبيلة

الأربعاء 16 يوليه 2025 - 8:50 م

فى حين يتبارى غالبية المسئولين الغربيين فى تأكيد النظرة العنصرية والاستعلائية تجاه باقى شعوب العالم، ولا يجدون غضاضة فى ممارسة إسرائيل لجرائم الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطينى وانتهاك سيادة لبنان وسوريا وإيران، تصر السيدة فرانشيسكا ألبانيزى المقررة الخاصة للأمم المتحدة بشأن الأراضى الفلسطينية المحتلة على الدفاع عن حقوق الفلسطينيين حتى فرضت عليها إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب عقوبات كما تفعل مع «المارقين» من حكام ومسئولى الدول النامية التى لا تدور فى فلك واشنطن.

 

 

أصبحت شعوب العالم الآن أمام ثنائية غربية بالغة التناقض حيث معسكر الاستعلاء والعنصرية، بما يضمه بشكل أساسى من مسئولين وسياسيين وقوى يمينية متطرفة، أمام معسكر الانحياز للقيم الإنسانية والحقوق المشروعة وتمثله السيدة ألبانيزى ومن ورائها ملايين الغربيين الذين لم يتوقفوا عن التظاهر رفضا للإجرام الإسرائيلى ودعما للحق الفلسطينى منذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية فى أكتوبر 2023.
فرئيس أركان الجيوش الفرنسية، الجنرال تييرى بوركار ينتقد «التراجع الدولى أمام تصعيدات دموية، مثل إطلاق 300 صاروخ بين دول، لمجرد أن غالبيتها تم اعتراضها» فى إشارة إلى الصواريخ التى ردت بها إيران على القصف الإسرائيلى لأراضيها، لكنه لم ير أى تصعيدات دموية فى شن إسرائيل هجومها على إيران ولا قصفها المستمر للبنان حليف فرنسا التاريخى وسوريا التى دخلت مع رئيسها الجديد أحمد الشرع «حظيرة الغرب». ولم ير أى تصعيدات دموية فى حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية المحتلين.
أما المستشار الألمانى فريدريش ميرتس فعلق على الحرب غير المشروعة التى شنتها إسرائيل على إيران بقوله: «لا يسعنى إلا أن أُعبر عن أكبر قدر من الاحترام تجاه الجيش الإسرائيلى والقيادة الإسرائيلية لشجاعتهما فى القيام بذلك»، ويتحدث عن خطورة امتلاك إيران المحتمل لسلاح نووى، لكنه لا يتحدث عن امتلاك إسرائيل المؤكد لهذا السلاح، ولا عن مطالبة عضو مجلس النواب الأمريكى راندى فاين بضرب غزة بالقنبلة النووية.
هذه التصريحات تعكس الخطاب الرسمى الغربى الذى ينطلق فى مجمله من التاريخ الاستعمارى للغرب الذى لا يرى للشعوب الأخرى أى حقوق فى مواجهته أو مواجهة صنيعته فى المنطقة العربية إسرائيل، ويرى فى المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلى إرهابا، والرد الإيرانى على العدوان الإسرائيلى جريمة، وسعى أى دولة لامتلاك وسائل الردع العسكرى تهديدا للاستقرار العالمى وانتهاك للقواعد الدولية.
وفى مقابل هذه المواقف العنصرية، هناك عشرات الألمان الذين أقاموا دعوى قضائية ضد ميرتس بسبب تصريحاته، وقالوا فى بيان مشترك: «إن مدح ميرتس لهجمات إسرائيل لا ينتهك فقط القوانين الوطنية والدولية، بل ينطوى أيضًا على استخدام لمصطلحات نازية» وهناك حكومتا إسبانيا وأيرلندا اللتان لا تتوقفان عن التنديد بجرائم إسرائيل والدفاع عن حق الشعب الفلسطينى.
وهناك، أيضا، نشطاء سفينة المساعدات الإنسانية الذين خاطروا بسلامتهم الشخصية لفضح وحشية إسرائيل، وفرقتا الراب نيكاب الأيرلندية وبوب فيلان اللتان تفضحان إسرائيل وتدعمان فلسطين فى كل محفل.
ومع كل هؤلاء وقبلهم تأتى الأيقونة الإيطالية فرانشيسكا ألبانيزى التى تواجه حملات ضارية من جانب الإدارة الأمريكية وإسرائيل والمنظمات الموالية للكيان الصهيونى حتى من قبل تعيينها كمقررة خاصة للأمم المتحدة لشئون الأراضى الفلسطينية المحتلة. ومنذ بدء حرب الإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطينى فى الأراضى المحتلة فى أكتوبر 2023 لم تتوقف ألبانيزى عن إدانة إجرام إسرائيل وجيشها والمطالبة بالتصدى له، دون أن ترهبها التهديدات الأمريكية ولا الحملات الصهيونية المتوحشة.
هكذا وفى مواجهة عنصرية «الرجل الأبيض البغيض» التى تجسدها بوضوح مواقف غالبية القادة والمسئولين الغربيين المؤيدة صراحة أو ضمنا لجرائم إسرائيل ضد الدول والشعوب العربية والإسلامية، تظهر «سيدة بيضاء نبيلة» ومن ورائها قطاع من الغربيين ينحازون إلى قيم الحق والشرعية والإنسانية.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة