مواقف قد تكون مضحكة أو غريبة عشناها فى طفولتنا واعتقدنا أننا وحدنا الذين فكرنا فيها.. عندما كبرنا اكتشفنا أننا جميعًا عشنا السيناريوهات نفسها، وجميعنا فكرنا فى ردة الفعل نفسها.لا أكذب عندما أقول إننى أشعر بالراحة وخاصة عندما تتعلق طفولتنا بمواقف محرجة أو تفكير طفولى ساذج. كنا نقوم بالتمثيل فى مسلسلات درامية فى حوش البيت ونقوم بتوزيع الأدوار. جميعنا ممثلون ومخرجون ومنتجو المسلسل أيضًا.كانت هنالك لحظات صعبة لم نستطع حينها أن نتقن التمثيل، كانت لحظات البكاء، كما واجهنا صعوبة فى إتقان دور الحزن وذرف الدموع، لذلك كنا نضع قطرات من الماء على وجنتنا باستخدام قطرة الأنف التى كنا نأخذها من أقرب مستوصف حكومى، وبالحديث عن هذه القطرة كنا أيضا نضع فيها الحليب لإطعام القطط الصغار، كانت قطرة ثمينة ومتعددة الاستخدام.نعود لذلك المشهد الحزين عندما كنا نمثل، كنا نطرح تساؤلات كثيرة منها: كيف يستطيع الممثلون أن يتقنوا الحزن أثناء التمثيل لدرجة أننا كمشاهدين نصدق؟ وهل الدموع حقيقية؟ أم استخدموا القطرة نفسها؟كيف يستطيع الكبار إتقان التمثيل فى حين أننا كأطفال لا نستطيع؟ هل الأمر له علاقة بالخبرة والتعليم؟ فكثير من الممثلين الصغار أتقنوا المشاهد بعد تدريبهم، ولكننا كأطفال عاديين نلعب فى الحوش أو فى البراحة إذا كنا نريد اصطياد وجمع الجراد لا نستطيع افتعال الحزن والبكاء، هل نحن قُساة قلب لا نملك مشاعر تجاه المواقف والأزمات أم أن الأمر متعلق فقط بمشاعر عند التمثيل؟!مستحيل أن يعيش إنسان قد بلغ الثلاثين من العمر (مثلاً) من دون أن يصارع عقبات الحياة، أو يواجه شرار الناس فى طريقه!عزيزى القارئ، إن أغلب المشاهير فى التواصل الاجتماعى يبررون بعض أفعالهم التى لا يتقبلها المجتمع من الرقص أو القيام بحركات غريبة وافتعال المشاجرات، يبررون ذلك بصعوبة العيش والفقر وقلة الحيلة والذل الذى تعرضوا له فى حياتهم الواقعية والتى أجبرتهم على تلك الأفعال كى يكسبوا المال بالإلحاح على طلب الإعجاب والقلوب والأسود وغيرها، معظم هؤلاء الذين سردوا للناس معاناتهم فى الحياة يملكون حسابات بُنيت على الفكاهة والضحك وسرد النكت والرقص والفرح.بغض النظر عن الهروب من الواقع إلى الحياة الإلكترونية المخيفة والتى كثيرًا ما كانت نهاياتها مؤلمة من موت وقتل وسرقة وفضائح ومشاهير خلف القضبان نسيهم المجتمع، كان ذلك الهروب الخاطئ الذى أعتقد أنه هروب بلا تفكير؛ فلم يكن هنالك مجتمع يحتضن هؤلاء المشردين، ولا أسر كلفت نفسها عناء التربية، أو مدارس تبرعت بتعليم إنسان عله يصبح مواطنًا صالحًا لوطنه، الأمر لا يتعلق بالمال فقط، كما يقوم البعض بالمقارنة بين طبيب راتبه أقل بكثير من هؤلاء المشاهير، أو من يشجع على الشهرة ويرمى شهادته فى أقرب حاوية قمامة، إنه الوقت الذى أقول فيه ليتهم يعلموا أن الأمر لا يتعلق بالمال، وإنما بالعقل الواعى والمثقف لا بشهادة ولا بمكان عمل وإنما بكيانه وشخصيته القوية التى تقاوم بكل أدب وثقة والإنسان الذى يحترم نفسه وتحترمه أسرته وحتى الفريج الذى يعيش.عندما كبرنا علمنا أن من السهل أن نذرف الدمع، فقط نتذكر أقسى المواقف التى مررنا بها، وربما أصعب الكلمات التى قيلت لنا، أو ناس ظلمونا وجعلونا ربما أضحوكة لمن حولهم، ربما كان الفنان متقنًا فى دور البكاء عندما يتذكر ذلك.إن واقع كل شخص كبير مر بظروف صعبة لا تحتاج لعدسة كاميرا كى تجعله يبكى بحرقة على نفسه وما مر به، ولكن الأجمل من ذلك كله أن يكون قويًا بالإصرار على المضى والتوكل على الله، جميعنا بؤساء لكن الأسعد منا هو من قاوم ورفض الاستسلام.
مقالات اليوم حسن المستكاوي مواهب كوكب اليابان عماد الدين حسين كل احتلال مصيره إلى زوال داليا شمس حلم الديكتاتور وكذبه أحمد عبدربه دولتنا لا ينبغى أن تسيطر على غزة أبدًا! محمود عبد الشكور «القفزة» التى استعادت الحياة! إيهاب الملاح عن «وزير ثقافة» مصر فى الستينيات صحافة عربية تاريخ وجغرافيا صحافة عالمية خطر الصديق الرقمي على عقولنا
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك