الحق فى المقاومة أمن قومى للشعوب
الأربعاء 6 أغسطس 2025 - 9:00 م
إذا كان من الطبيعى أن يطالب قادة الدول الغربية بتاريخها الاستعمارى المجرم وعقليتها الاستعلائية على باقى شعوب العالم، بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية، متجاهلين نصوص ومبادئ القانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، فإنه سيكون من الخطأ الكبير أن تمضى باقى دول العالم وفى المقدمة منها الدول العربية والإسلامية التى أصبحت منذ انهيار الاتحاد السوفيتى وانتهاء الحرب الباردة الهدف المباشر للغزو المسلح من القوى الغربية بدءًا من الغزو الأمريكى لأفغانستان وانتهاءً بالغزو الإسرائيلى للأراضى السورية مرورًا بالغزو الأمريكى للعراق والسياسات الاستعمارية الفرنسية فى إفريقيا والعدوان الإسرائيلى على إيران.
وإذا كان الحق فى مقاومة الاحتلال بصوره التقليدية المعتادة التى كانت تستهدف فى أغلب الأحوال استغلال الموارد الاقتصادية للشعوب، واجبا، فإنه أوجب فى حالة المقاومة الفلسطينية للاحتلال الإسرائيلى الذى لا يخفى حكامه سعيهم لإبادة الشعب الفلسطينى والقضاء عليه تماما والاستيلاء المطلق على أرضه كما فعل الأوروبيون مع الهنود الحمر فى الأمريكتين منذ القرن السابع عشر.
لذلك يجب ألا تتجاوب حكومات الدول العربية والإسلامية ومعها دول عالم الجنوب ككل مع الدعوات الغربية المتزايدة لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية سواء كانت حركة حماس أو غيرها من الفصائل الفلسطينية التى تقاوم الاحتلال الاستئصالى الإسرائيلى، بزعم أن نزع السلاح هو شرط لتحقيق السلام، لأن تخلى المقاومة عن السلاح فى ظل استمرار الاحتلال لا يعنى إلا الاستسلام واستمرار الاحتلال.
كما أن الحق فى المقاومة ثابت مؤكد عبر عشرات القرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة منذ إنشائها فى أعقاب الحرب العالمية الثانية، والتى دعمت حركات التحرر الوطنى فى نضالها من أجل الاستقلال وتقرير المصير، بما فى ذلك الكفاح المسلح. ففى عام 1965 أصدرت الجمعية العامة القرار رقم 2105 الذى أدان الاستعمار البرتغالى لغينيا بيساو وطالب جميع الدول «تقديم المساعدة المادية والمعنوية لحركات التحرير الوطنى فى الأراضى المستعمرة فى عام 1982، أكد قرار للجمعية العامة للأمم المتحدة شرعية نضال الشعوب من أجل الاستقلال والسلامة الإقليمية والوحدة الوطنية والتحرر من السيطرة الاستعمارية والأجنبية والاحتلال الأجنبى بجميع الوسائل المتاحة «بما فى ذلك الكفاح المسلح». واعترف هذا القرار صراحة بالحق فى استخدام القوة ضد الاحتلال الأجنبى غير الشرعى والذى اعتبره أيضا تهديدًا خطيرًا للسلم والأمن الدوليين، وذكر حالتى ناميبيا وفلسطين بشكل خاص.
فالغرب الذى يطالب بنزع سلاح المقاومة الفلسطينية المسلحة وبخاصة حركة حماس، فى مواجهة الاحتلال الإسرائيلى، هو الذى يفتح كل مخازن سلاحه لدعم أوكرانيا فى مواجهة الاحتلال والغزو الروسى، وكأن المقاومة المسلحة حق للغرب وشعوبه، كما أن الاحتلال والاستعمار حق له، فى حين أنها جريمة يجب التصدى لها إذا مارسها الشعب الفلسطينى ضد الاحتلال الإسرائيلى.
فى الوقت نفسه يعتبر استمرار المقاومة الفلسطينية المسلحة حتى تسترد حقوق الشعب، خط الدفاع الأول عن الأمن القومى للعديد من الدول العربية التى لا يخفى قادة الكيان الصهيونى أطماعهم فى أراضيها، كما ظهرت فى خريطة «إسرائيل الكبرى» التى تتبناها الأحزاب اليمينية الحاكمة فى تل أبيب وتزعم أن «حدود دولة إسرائيل الكبرى تشمل أجزاءً من مصر والعراق والسعودية وسوريا، إلى جانب كامل فلسطين التاريخية والأردن ولبنان».
وكما أعلنها صريحة وزير المالية الإسرائيلى بتسلئيل سموتريتش فقال فى عام ٢٠١٦ «حدود القدس يجب أن تمتد حتى العاصمة السورية دمشق، وعلى إسرائيل الاستيلاء أيضا على الأردن»، ثم عاد فى عام 2023 وعرض خلال زيارة فرنسا خريطة لـ«أرض إسرائيل الكبرى» المزعومة، تضم كامل فلسطين التاريخية والأردن.
لذلك فإن رفض الدعوات الغربية لنزع سلاح المقاومة الفلسطينية قبل إنهاء الاحتلال الإسرائيلى، واجب قومى وأخلاقى، والقبول بها خطيئة ستفتح أبواب الجحيم على الجميع
مقالات اليوم
قد يعجبك أيضا