نشر موقع 180 مقالًا للكاتب بسام ضو، يرى فيه أن ترامب يتعامل مع العالم بعقلية ربحية جشعة لدرجة أنه لا يعبأ بحلفائه، مؤكدًا أن استمرار الرئيس الأمريكى فى سياساته وحروبه التجارية سيقود إلى سقوط الولايات المتحدة فى النهاية ولكن بعد خراب العالم.. نعرض من المقال ما يلى:كثيرًا ما يكون المفترس فريسة نفسه. هذا فى الغابات. الأمر عينه فى حياة الأباطرة والإمبراطوريات الكبرى فى التاريخ. على من ينطبق ذلك اليوم؟ذلكم هو حال الإمبراطور الأمريكى «الضبعان» دونالد ترامب. شعر- باسم كل سابقيه من رؤساء أمريكا منذ 249 سنة- أن الرأسمالية المحلية والعالمية فى مأزق مصيرى. تكاد تأكل نفسها بنفسها فقرر أن يحاول إنقاذها بأكل العالم. فعل مسيرة التحام أسلافه بالصهيونية. رأى أن الآخرين فى الكوكب مجرد «غوييم» لا يستحقون الحياة بحسب المفهوم التلمودى. شاركه هذه الرؤية «النورانيون» اليهود: من «إيباك» إلى المجمع الصناعى العسكرى فى أمريكا إلى «الماسونيين» إلى نتنياهو وربابنة الهيكل فى الكيان اليهودى الغاصب أرض فلسطين.هؤلاء جميعًا اتخذوا قرار إشعال حروب جديدة. أسقطـوا تصوراتهم الربحية الجشعة على برامجهم السياسية كما كان يشير كارل ماركس منذ القرن التاسع عشر. الأخطر أنهم اعتمدوا نظرية الحروب المتزامنة، عسكريًا واقتصاديًا وثقافيًا، لتتحول الكرة الأرضية إلى كرة نار. أول المحترقين بالنار كان الاتحاد الأوروبى. لم يأبه ترامب لحلفائه فى الناتو. علا صراخ الأوروبيين فى غرب القارة العجوز وشرقها، فلم يصغ إليهم بل ابتزهم بالحماية العسكرية، وشملهم برفع التعريفات الجمركية، وجعلهم يتعثرون فى الأسواق ويخافون من الركود، ويزدادون تهيبا أمام روسيا التى قادها بوتين إلى نصر عقلانى فى أوكرانيا فلاقاه ترامب بمشروع تسوية لحرب وقعت فى قلب أوروبا ستكون فاتحة لتغيير كثير من المعادلات الجيوسياسية.• • •ترامب أوقع الاتحاد الأوروبى لكن هدفه الأكبر هو الصين غير أن العملاق الآسيوى يملك من الإمكانيات العلمية والعسكرية والبشرية ما يجعلـه يتصدى بفعالية للحرب التجارية التى فتحتها واشنطن. ومن بكين ستكون فاتحة التراجع الأمريكى ولو بعد سنوات.. لن يستطيع ترامب أن يخوض هذه الحروب كلها دفعة واحدة، وإن أكمل المغامرة فمآله إلى السقوط عاجلًا أو آجلًا لكن بعد خراب العالم. لذا فإن التلويح بالقوة العسكرية ضد الصين بعد الحرب التجارية سيعد ضربًا من المكابرة حتى لو تصور ترامب أنه يستطيع أن يرتكز إلى بوابة تايوان، فالجغرافيا السياسية فى بحر الصين تعمل هناك لمصلحة بكين، وهناك أسباب أخرى ستقود ترامب إلى التراجع، وهى:أولًا؛ الحرب التجارية التى يشنها لن تنجو منها الولايات المتحدة نفسها. الركود سيصل إليها لأن الدول التى تربطها بها علاقات تجارية ستبحث عن أسواق أخرى. والمدى مفتوح فى آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، الأمر الذى يؤدى إلى تغيير كبير فى العلاقات الدولية ستستفيد منه الصين وروسيا ومجموعة البريكس ونمور آسيا.ثانيا؛ التعريفات الجمركية التى رفعها ترامب ستصب عائداتها فى جيوب الأوليجاركية المالية بين الأثرياء الأمريكيين من دون أن تنعكس إيجابيًا فى التنمية الداخلية، ما سيقود حكمًا إلى كوارث معيشية ترتد عليه. وسيجد نفسه عاجزًا عن حماية الثقة بالدولار بوصفه عملة معيارية للتبادل النقدى. وقد بدأ كثيرون من المستثمرين الدوليين يكنزون الـ«يوان» الصينى. وهذا يعنى أن نظام بريتون وودز سيترنح لمصلحة نظام نقدى تعددى جديد فى العالم. ومن المعروف أن الإمبراطوريات فى التاريخ تبدأ تدريجيًا بالانهيار ماليًا ثم عسكريًا حتى تنتهى بالزوال.ثالثًا؛ ارتفاع الأصوات الاعتراضية على ترامب من داخل الحزبين الجمهورى والديمقراطى مرشحة للازدياد. وهذه النخب المعترضة لا تتخذ موقفها المنتقد حبًا بمصالح الشعوب أو بالسلام العالمى بل لأنها ترى أن ما يقوم به ترامب هو مجرد مكاسب على المدى القصير ستتحول إلى خسائر على المدى الاستراتيجى، كما يتخوفون من احتمال الانزلاق إلى العزلة أو الانكماش على الأقل. ويتهيبون أيضًا من الانجرار إلى قرارات حرب نارية لا تستطيع واشنطن تحمل عواقبها النووية ولا الاستراتيجية فى ظل العلاقات التحالفية بين روسيا والصين وإيران وعدد من دول أمريكا اللاتينية، فضلًا عن ضعف الاتحاد الأوروبى واهتزاز ثقته بواشنطن.•••هذه الخطوط الثلاثة تدفع الاستراتيجيين إلى التفكير فيما إذا كان ترامب قادرًا على تفجير حرب عسكرية شاملة أم هو يستخدم القوة للابتزاز من أجل تحقيق الأهداف؟ إن أقصى الحدود المتاحة الآن أمام ترامب هى الحروب الإقليمية المحدودة التى يعقبها تفاوض مع الخصوم. أما مع الصين فسيكون مضطرًا للعد إلى المليون قبل الإقدام على أى مغامرة، والأمر نفسه ينطبق على روسيا.نظرية الحروب الإقليمية المتزامنة تمس فى القريب المنظور منطقة الشرق. هنا ترتفع وتيرة التهديدات لإيران بتوجيه ضربة إليها، فإما تتخلى عن برنامجها النووى والصاروخى ونفوذها الإقليمى وإما تتزامن حرب العقوبات مع حرب خاطفة عليها. الإيرانيون تعاملوا بحنكة مع هذه التداعيات فاستنكروا الضغوط القصوى، ولم يرفضوا التفاوض، وقرأوا بدقة خلفيات الاعتداءات على اليمن وحشد الأساطيل الغربية فى البحرين الأحمر والأبيض المتوسط. وروسيا والصين حذرتا من توجيه ضربة إلى طهران وجددتا الدعوة إلى التفاوض وهو المآل الأرجح، وإن ترتبت على ذلك تنازلات إيرانية إضافية.أما ما هو داهم بخطورة عالية فى منطقتنا فهو أن نتنياهو - بضوء أخضر من ترامب - يكمل مشروع تطويق إيران وتقسيم جوار الكيان الإسرائيلى، بعدما رسخ الخط الاستراتيجى لتقسيم بلاد الشام من رأس الناقورة اللبنانى إلى الجنوب السورى حتى حدود بادية العراق، ويتنافس مع أردوغان على أرض سوريا، ويسعى إلى فرض التطبيع إثر إسقاطه اتفاقين لوقف إطلاق النار فى لبنان وغزة بالتزامن مع حربه الإبادية ضد الشعب الفلسطينى، وتجديده نذائر الحرب على لبنان. وهكذا فإن منطقتنا - فى ظل ترامب ونتنياهو- مقبلة على كوارث ديموغرافية وسياسية وأمنية، لا سيما أن أولياء السلطة العرب لا إرادة لهم فى مواجهة واشنطن ولو بالحد الأدنى من الموقف، بل إن ترامب أخذ من السعودية وحدها فى ثلاثة أشهر سدس الأموال (تريليون و600 مليار دولار) التى خطط لجمعها من وراء سياسته الجمركية لأجل دعم الاقتصاد الأمريكى المأزوم.•••العالم كله على شفير تبدلات هائلة فى ظل الحروب التجارية التى أطلقها ترامب. الصراع على الموارد هو الأساس، والاستعمار الأمريكى الحديث يعيش فورته الرأسمالية الأخيرة، وإن امتدت لسنوات. الولايات المتحدة إمبراطورية فى طريق الزوال لكنها ستترك خرابًا شنيعًا قبل أن تستطيع الشعوب النهوض، لكنها ستنهض. تلك هى حركة التاريخ.
مقالات اليوم حسن المستكاوي امتلاك الكرة لا يكفى! عماد الدين حسين 11 ملاحظة على زيارة ماكرون طلعت إسماعيل نتنياهو .. «دعه يقتل دعه يمر» مصطفى الفقي حالة جديدة فى الشرق الأوسط مدحت نافع سنوات التيه الاقتصادى بشير عبد الفتاح يالطا الثانية ناصيف حتى دروس وعبر «الحروب» اللبنانية قضايا اقتصادية قنبلة الذكاء الاصطناعى الأولى من الصحافة الإسرائيلية ثلاثة مسارات محتملة لتحقيق أهداف الحرب.. واحد منها هو الأفضل
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك