ينشغل العالم بالحرب التجارية التى أشعلها الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، بفرض رسوم جمركية على صادرات دول العالم فى الغرب والشرق، بما يجعل مبدأ «دعه يعمل دعه يمر» يتبخر فى الفضاء الدولى، ضاربا أسس الرأسمالية فى مقتل، فى وقت تواصل فيه إسرائيل حرب الإبادة الجماعية والتهجير القسرى لنحو مليونى فلسطينى فى قطاع غزة، لم يعد الاهتمام بمعاناتهم يعنى شيئا كثيرا فى العديد من العواصم. تصدر المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، باعتباره مجرم حرب مطلوبا للعدالة، لكن المجر تفرش له السجاد الأحمر، وتستقبله بودابست بحفاوة منقطعة النظير، فى تجاهل فج لكل القيم الإنسانية والأخلاقية التى يجب أن تضع هذا الإرهابى خلف القضبان. تحدت المجر قرار المحكمة الجنائية الدولية الصادر فى مايو الماضى بحق نتنياهو، ورفعت راية الانسحاب من المحكمة للتهرب من المسئولية التى تقع على عاتقها لتوقيعها نظام روما الأساسى الذى أنشئت بمقتضاه المحكمة الجنائية الدولية فى عام 2002، وهو ما يلزمها باعتقال مجرم الحرب الإسرائيلى. تجاهل بودابست مذكرة التوقيف الدولية، وإعلان انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، فتح بابا للانقسام الأوروبى، وأعلنت دول مثل أيرلندا وإسبانيا، أنها ستعتقل نتنياهو إذا زار أراضيها، وأبدت دول أخرى، مثل فرنسا وألمانيا، حذرا، لكن رئيس الوزراء البلجيكى بارت دى ويفر استبعد توقيف بلاده لنتنياهو. بارت دى ويفر الذى استبعد فى الوقت ذاته انسحاب بلجيكا من المحكمة الجنائية الدولية أبدى ثقة فى عدم قيام الدول الأوروبية باعتقال نتنياهو، لكن إعلان رفضه تنفيذ قرار المحكمة الجنائية الدولية لقى انتقادا من رئيس الحزب الاشتراكى البلجيكى المعارض بول مانييت الذى قال: «عندما تصدر مذكرة توقيف دولية، وتقول العدالة الدولية كلمتها، يجب على بلجيكا أن تستجيب بشكل لا لبس فيه»، مشيرا إلى وجود «التزام قانونى وأخلاقى». ويبقى السؤال: هل يعفى إعلان المجر انسحابها من المحكمة الجنائية الدولية، من التزاماتها تجاه التوقيع على وثيقة تأسيس تلك المحكمة؟ تجيب أنياس كالامار، الأمينة العامة لمنظمة العفو الدولية: «بأن انسحاب المجر بمثابة محاولة عقيمة وسافرة للتهرب من العدالة الدولية وعرقلة عمل المحكمة». كالامار اعتبرت أن «هذا الإعلان الساخر (بالانسحاب) لا يغير من حقيقة أن المجر لا تزال ملزمة قانونيا باعتقال نتنياهو، وتسليمه للمحكمة الجنائية الدولية، حيث لن يدخل أى انسحاب حيز التنفيذ إلا بعد عام»، مطالبة الدول الأعضاء فى المحكمة الجنائية الدولية بالامتناع عن المشاركة فى تقويض عمل المحكمة من خلال استقبال نتنياهو أو أىّ من الهاربين الآخرين المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية. الموقف المجرى من مذكرة اعتقال مجرم الحرب، رئيس الوزراء الإسرائيلى، يترافق مع غطاء واسع يقدمه الرئيس الأمريكى، لحليفه نتنياهو، حيث استدعاه على عجل لزيارة كان مخططا القيام بها خلال عطلة عيد الفصح اليهودى أى بعد أسبوع على الأقل من زيارة الأمس، وهو ما أثار مخاوف فى تل أبيب من أن يكون اللقاء العاجل يستهدف فرض ترامب اتفاقا لوقف الحرب فى غزة والعودة إلى طاولة المفاوضات. نتنياهو، بحسب مراسل صحيفة الشرق الأوسط اللندنية فى تل أبيب، سارع إلى طمأنة المسئولين الإسرائيليين بأن موضوع الحرب على غزة ما هو إلا واحد من موضوعات عدة ستُطرح للبحث فى واشنطن، وأن مباحثاته مع ترامب سستناول الملف الإيرانى والعلاقات الثنائية، لكن الموضوع الأساسى سيكون التفاهم بشأن خفض الضرائب الجمركية الأمريكية على السلع الإسرائيلية إلى الحد الأدنى. الدعم الأمريكى غير المحدود لإسرائيل، والسماح لنتنياهو وعصابته اليمينية المتطرفة، من العمل تحت شعار «دعه يقتل دعه يمر» هو مربط الفرس فى حرب الإبادة الجماعية، وعمليات التهجير القسرى للفلسطينين الذين باتوا، للأسف، لقمة سائغة فى أفواه الإسرائيليين، بينما غالبية العرب، والعديد من دول العالم، يتفرجون!
مقالات اليوم حسن المستكاوي امتلاك الكرة لا يكفى! عماد الدين حسين 11 ملاحظة على زيارة ماكرون مصطفى الفقي حالة جديدة فى الشرق الأوسط مدحت نافع سنوات التيه الاقتصادى بشير عبد الفتاح يالطا الثانية ناصيف حتى دروس وعبر «الحروب» اللبنانية قضايا اقتصادية قنبلة الذكاء الاصطناعى الأولى من الصحافة الإسرائيلية ثلاثة مسارات محتملة لتحقيق أهداف الحرب.. واحد منها هو الأفضل
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك