دور فاعل للمصريين المقيمين فى الخارج - جورج إسحق - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 7:15 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

دور فاعل للمصريين المقيمين فى الخارج

نشر فى : الإثنين 29 أغسطس 2022 - 8:20 م | آخر تحديث : الإثنين 29 أغسطس 2022 - 8:20 م
إن المصريين فى الخارج يمثلون ثروة وقيمة كبيرة يجب الحفاظ عليها واستثمارها فى هذه الظروف الصعبة التى تعانى فيها مصر من أزمة اقتصادية شديدة.. يجب الاستعانة بالخبراء الحقيقيين الذين كان لهم دور فى الخارج وخاصة بعد الخبر الصاعق الذى نزل علينا وهو احتمال استبدال العمالة المصرية وغيرها من العمالة الأجنبية فى الكويت بعمالة من أهل البلاد، فاحتمال رجوع هذه العمالة أو بعضها سيؤدى إلى انخفاض فى العوائد والأموال التى تحول من الخارج. لذلك، وجب أن نسرع فى تحضير بدائل للاستفادة من المصريين المقيمين فى الخارج وليس الاعتماد فقط على المصريين فى الدول العربية.
هناك أطباء ومهندسون وباحثون ورجال إدارة يتمنون أن يخدموا مصر بكل الطرق، ويشترطون ثلاثة شروط مهمة للإسهام: العدالة النزيهة والسريعة، إلى جانب الصحافة الحرة، وأخيرا الاستقرار السياسى. كما أن هناك خبيرا لا يستهان به ــ عندما كان رئيسا للجالية المصرية فى باريس ــ منذ عهد مبارك يتحدث عن إتاحة الفرصة للاستثمار بقوانين جديدة، وكان لقاء الرئيس الأسبق مبارك بأعضاء الجالية المصرية ورجال الأعمال الفرنسيين الذين قالوا: «لما تبقوا جاهزين ستجدوننا مستعدين» وبعد ثلاثين عاما تكرر نفس الكلام للتعهد بحل أزمة المستثمرين.
فى الأسبوع الماضى، توجه 20 مستثمرا من ضمن 46 ألف حالة بمحافظة البحيرة مطالبين بعقود ملكية لأراضيهم التى استصلحوها وزرعوها وأنفقوا عليها، منهم من باع ميراثه فى الدلتا ليغزو الصحراء، ومنهم من عاد بمدخرات سنوات الغربة، طوال 20 سنة المحافظة تقول لهم: (غدا.. بعد غد.. طب ادفعوا حق انتفاع مؤقت لحين إصدار العقود.. دفعوا وكل يوم يسألون «فين عقد الملكية؟.. ولا مجيب»! وذهبوا إلى هيئة مشروعات التعمير بوزارة الزراعة بالدقى وفوجئوا بتطبيق القانون الغشيم والقرارات المتضاربة، وردوا عليهم بأن «اللى معاه عقد ملكية صادر من محافظة البحيرة يبله ويشرب ميته»، فهناك نزاع وخناقة قديمة بين المحافظة والوزارة.
يقول محمود عمارة، الخبير الاقتصادى، أن هذا البلد بسبب تشريعاته المتضاربة، فلا مكان ولا أمل للخلاقين المبتكرين أصحاب الرؤى أو الخيال، فهل بعد ذلك يحضر المصريون من الخارج ويستثمرون أموالهم؟!
انظروا حولنا حيث إثيوبيا تحقق نموا بمعدل 12% فى العام، وبوركينا فاسو تصدر لنا 40 ألف طن قطن سنويا، واكتفت ذاتيا من الحبوب. نريد شخصا متخصصا وليس نمطيا لتولى وزارة الهجرة.
يجب أن نعمل على استغلال هذا الكنز المفقود للمصريين فى الخارج الذى يحمل رصيدا هائلا من الخبرات والمعارف. ولو نظرنا فى مؤتمرات «مصر تستطيع» كان يجب على الدولة أن تستفيد من هذه العقول بالخارج لدمج خبراتهم وتجاربهم ضمن استراتيجية مصر للبنية المستدامة. فنريد أن يستخدموا مدخراتهم للمساهمة فى مشروعات تدر عائدا على الوطن وعلينا. ورأس المال البشرى يجب أن يهتم بتقديس السلوكيات والاهتمام بالعمل وتجريده واحترام الوقت والبحث العلمى والالتزام بالقانون ومعرفتهم بكيفية غزو الأسواق الخارجية، إلى جانب رأس المال الاجتماعى.
لو نظرنا فى الأرقام سنجد أن عدد المصريين بالخارج من 10 إلى 14 مليونا وهذا كنز لا نستفيد به.. منهم 1300 عالم فى تخصصات نادرة نووية وجيولوجية إلى جانب النانو التكنولوجى، و450 عالما فى وظيفة رئيس جامعة نصفهم فى كندا، فضلا عن 65% من المقيمين بالدول الأوروبية حصلوا على شهادات ما بعد التعليم الجامعى، 15% منهم حصلوا على الدكتوراه. ثم إننا لا نهتم إطلاقا بأن 700 طبيب سنويا يخرجون إلى بلاد أخرى للبحث عن موارد مالية أفضل، والمفقود فى هذه الجهود عدم توافر خريطة واضحة للاستثمارات ووجود العدالة الناجزة، وصحافة حرة وليست نمطية إلى جانب الاستقرار السياسى بأن تقوم الدولة بفتح مجال الحريات والإفراج عن المحبوسين السياسيين.
هل نستطيع أن نقوم بهذا العمل؟ هل هناك فى الأفق من يريد أن يشارك فى هذا الأمر؟
ناهينا عن أن هناك مجموعة من الأطباء العلماء يريدون الحضور إلى مصر وتقديم خدمات للبلد ولكن لم يهتم أحد.. يجب أن تكون هناك دراسة موثقة بعدد المصريين فى الخارج وخبراتهم للاستفادة منهم.
وأنا أعتقد أنه لا يوجد مصرى فى الخارج لا يريد أن يساعد فى بناء هذا الوطن بشرط تواجد الثقة.. الثقة مفقودة الآن، فيجب أن نعزز فكرة الثقة واللقاء المثمر الفعال للمصريين فى الخارج وليس قعدات المصاطب التى لا تغنى ولا تسمن من جوع.
كل هذه العوامل المتاحة يجب استثمارها عن طريق متخصصين وليس هواة.. وزير من هؤلاء المصريين يكون قد عايش مشاكلهم ومعرفة مواقعهم للبدء فى الاستفادة من خبراتهم.
يجب أن توجه دعوة لكل من له أقارب فى الخارج أن يرسل إليهم دعوة للحضور إلى مصر واستثمار أموالهم وإن كان عالما يضع علمه فى خدمة هذا الوطن الذى يعانى من أزمة طاحنة، نرجو أن تمر على خير وأن تحل مشاكلها كما قلنا عدة مرات بالعلم وليس بالفهلوة.
أتمنى لمصر كل ازدهار وحل مشاكل الفقراء الذين يعانون هذه الأيام من مشاكل كثيرة، حتى ننطلق لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة.
جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات