بالعلم نستطيع محاصرة الزيادة السكانية - جورج إسحق - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:16 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

بالعلم نستطيع محاصرة الزيادة السكانية

نشر فى : السبت 12 مارس 2022 - 8:25 م | آخر تحديث : السبت 12 مارس 2022 - 8:25 م

تردد فى الآونة الأخيرة كلام كثير عن الزيادة السكانية، ولكن ما هى الخطة البديلة لمحاصرة هذه الظاهرة واستبعاد أى عقوبات أو التقليل من حق الناس فى الاستفادة من الدعم؟ فيجب فى التوعية العملية التى سوف نطرحها النزول المباشر للطبقات كثيرة الإنجاب وتوعيتهم بمخاطر الزيادة السكانية.
للدكتورة عبلة الألفى دراسة شديدة الأهمية يجب أن يؤخذ بها لمحاصرة هذه الزيادة. فمعدل المواليد الحالى 2.2% والمطلوب تخفيض معدلات المواليد إلى 400 ألف فى السنة أى تخفيض بنسبة 80%، إلى جانب التطلع إلى وصول معدل النمو الاقتصادى 6.6% سنويا، ويعد تمكين الأسرة والاهتمام بالتعليم إحدى الوسائل لتنظيم الأسرة.
وتذكر الدكتورة السنوات الذهبية العشرة الأولى فى تاريخ الطفل، وتقسم الـ1000 يوم ذهبية إلى؛ تسعة شهور حمل، سنتين بعد الولادة، سنة قبل الحمل الجديد، وحق كل طفل فى المباعدة بين الحملين 4 سنوات.. كيف يتحقق ذلك؟!
هناك أدوات مهمة لإقناع الطبقات الدنيا بتقليص سنوات الحمل وذلك باتباع الوسائل الآتية:
توعية الأمهات بأن 50% من نمو حجم المخ يحدث عند عمر 6 شهور، 75% عند عمر سنة، 90% من وزن المخ عند البالغين من 2 إلى 6 سنوات، 95% من وزن المخ عند سن من 6 إلى 8 سنوات. وهذا يتطلب عناية بالطفل لأن ما يفقده من قدرات فى هذه المرحلة لا يستطيع أحد أن يعوضها له.
فهل نستطيع أن نوصّل هذه المعلومة إلى الأمهات من خلال متطوعين متعلمين مؤمنين بالفكرة.. فثبت أن الحفاظ على هذه النسبة فى المجتمع المصرى بين المهتمين وغير المهتمين بالطفل تتراوح ما بين 3:1.
ذكرت الدكتورة عبلة الألفى أيضا نقلا عن عالم فى الأشعة «مايكل فيليب» أن سنوات التطور هذه ليست فقط فرصة للتعليم، ولكنها فى الحقيقة فرصة وواجب لتكوين مخ الطفل، ولو تم تفويت هذه الفرصة سنفقدها للأبد.
ناهينا عن أن المردود الاقتصادى لهذه الفكرة يوفر 13 جنيها فى الخدمات الاجتماعية و35 جنيها فى الخدمة الصحية و45 جنيها للطفل فى التعليم.
وهذه القضية السكانية من منظور حقوق الطفل تقوم على أن من حق الطفل الحصول على الرعاية دون مشاركة أى طفل آخر فى الـ 1000 يوم الذهبية الأولى، وتأجيل الحمل الأول على الأقل سنة، وتأجيل الحمل الثانى على الأقل لمدة سنة بعد تمام الطفل الأول عمر سنتين.
وتقول الدكتورة عبلة أنه تم تطبيق فكرة المبادرة على 1000 سيدة حامل فى الشهر الثانى والثالث فى الدقهلية من حيث التعريف بالـ 1000 يوم الذهبية الأولى، ودعم صحة الحمل ثم الطفل خلال هذه الفترة حتى يبلغ الطفل عامين، وإقناع الأسرة بفكرة المباعدة من 4 إلى 5 سنوات من أجل الحفاظ على صحة الأم والطفل.
لم يكمل المتابعة 124 حالة، أما الباقى فاقتنع بالفكرة. 43% من الأمهات قامت بالمباعدة بين الحملين المتعاقبين إلى أكثر من 4 سنوات، 22% من الأمهات قامت بالمباعدة بين الحملين المتعاقبين من 3 إلى 4 سنوات، 10% من الأمهات قامت بالمباعدة بين الحملين المتعاقبين إلى 3 سنوات، 25% من الأمهات لم تنجب طفلا آخر بعد وجودها فى العينة العشوائية.
هل هذه التجربة لا تستحق منا الاهتمام بها وتطبيقها؟ ورغم أن وزارة التضامن رفعت شعارا أو مشروع 2 كفاية، فإن هذا لن يحد إطلاقا من زيادة السكان، بل يجب أن يترجم هذا إلى التوعية الكافية التى ذكرناها فى السابق.
• • •
إلى جانب الالتزام بمبدأ عام هو حق الأسرة فى تحديد عدد أبنائها، لماذا نتكلم الآن عن زيادة عدد السكان؟ لأن التوازن بين معدلات النمو الاقتصادى ومعدلات النمو السكانى مفقودة! لذلك يجب أن يبدأ مشروع وزارة التضامن بحملات طرق الأبواب وتوعية الأمهات بكيفية تطبيق الـ1000 يوم الذهبية الأولى. وتجنب أساليب الوعظ والتخويف، بل من خلال استخدام التوعية العلمية لكيف يكون بناء الطفل سويا، هذا إلى جانب الوسائل الأخرى مثل وسائل تنظيم الأسرة. ورغم أن وزارة التضامن بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان وبتمويل من الاتحاد الأوروبى تم تدريب العديد من الأطباء والممرضات ولكن لم نرَ مردودا لهذا على أرض الواقع. هذا إلى جانب ضرورة إصدار القوانين وقانون سن الزواج، وإصدار قانون تجريم زواج القاصرات وتغليظ عقوبة الزواج المبكر للفتيات.
ورغم أن الدولة دخلت فى مواجهة مع المشكلة السكانية منذ عام 1965 أى من حوالى 60 سنة، لكننا لم نجد مردودا لخفض الزيادة السكانية. فقد سجل عدد سكان جمهورية مصر العربية بالداخل 102 مليون نسمة يوم الإثنين 5 يوليو 2021. والخطورة فى عدم مواجهتنا المشكلة بشكل جاد وعملى تكمن فى أن مصر سيصل عدد سكانها إلى 192 مليون نسمة عام 2052! وإذا بدأت مصر الآن فى تكثيف محاربة الزيادة السكانية بالإقناع والنزول إلى المستويات الدنيا سيقل العدد إلى 143 مليون نسمة.
يجب على جميع الوزارات والهيئات الحكومية المعنية بقضية الزيادة السكانية مواجهة هذه الظاهرة، وتوفير استثمارات محلية لتصنيع وسائل منع الحمل فى الداخل بدلا من الاعتماد على الاستيراد، بالإضافة إلى تدريس القضية السكانية فى المناهج التعليمية.
• • •
إذا واجهنا الزيادة السكانية بشجاعة وبفاعلية دون الكلام عن التداعيات التى لا تثمر سوف نستطيع أن نعبر هذه المشكلة التى تؤرق الناس وتؤثر على التنمية والاقتصاد، أما إذا لم نواجهها بشكل حسن سوف تؤثر تأثيرا بالغا على المواطنين والمواطنات فى مصر.
نقطة أخيرة، يجب متابعة ما يحدث الآن من عوامل المواجهة بدقة، وأن كل البرامج الممولة من الخارج لم تؤتِ ثمارها لعدم المتابعة الجادة.. نحتاج مزيدا من الجدية والفاعلية والاحترافية.

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات