الثقة.. احتياج ضرورى للشعب المصرى - جورج إسحق - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 4:28 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الثقة.. احتياج ضرورى للشعب المصرى

نشر فى : الأحد 11 سبتمبر 2022 - 7:45 م | آخر تحديث : الأحد 11 سبتمبر 2022 - 7:45 م

الثقة هى الحالة التى يكون فيها الإنسان متأكدا من كفاءة أو دقة أمر ما يتعلق به أو بشخص، وعادةً يكون صاحب الثقة ذا موقف ووجهة نظر ثابتة ولا فرق إن كان ذلك الموقف صحيحا أو خطأ. ومن الملاحظ أيضا أن الذى يحلف كثيرا لتحقيق شىء هو بالتأكيد فاقد للثقة، لأنه يريد أن يؤكد شيئا ليس باستطاعته. وعلى كلٍ، من الخطأ أن تضع ثقتك الكاملة تجاه شخص ما، فقد تتعرض لنتائج مؤلمة نتيجة لثقتك الزائدة فى رأى من ليس أهلا للثقة.
يوجد التباس لدى البعض فى مسألة معرفة الفرق بين الثقة فى النفس والغرور بل إن البعض يصف الثقة بالنفس الزائدة غرورا، ويقول إن هناك شعرة فاصلة بين الثقة بالنفس والغرور، فيما يرى آخرون أن الفرق بينهما كبير؛ فالثقة بالنفس صفة حميدة يجب على أى شخص عاقل أن يتحلى بها، أما صفة الغرور صفة سيئة يجب أن نبتعد عنها، فهى ليست من صفات الأشخاص الناجحين. والغرور هو حب الإنسان لنفسه بطريقة تزيد عن الحد الطبيعى وهو شعور الشخص بالعظمة وتوهمه بأنه وصل إلى الكمال الذى ينتج عنه قيام الشخص بالعديد من التصرفات غير الصحيحة تُشعر الأشخاص الآخرين من حوله بالنقص.
كما أن الغرور يصيب الإنسان بالضرر لأنه يصبح مكروها غير مرغوب بوجوده بين الناس؛ لأنه أشعر الناس بقلة مستواهم. بينما الثقة بالنفس تجعل من صاحبها إنسانا متواضعا لا يتكبر على الآخرين، على عكس الغرور الذى يجعل صاحبه متكبرا متعجرفا على الآخرين. إذًا الغرور يفقد الإنسان مصداقيته.
تنشأ مشاعر الثقة أيضا تجاه السياسات والمؤسسات والأنظمة. لكن نحن الآن نعيش فى مرحلة التشكك فى كل شىء، حيث تآكلت الثقة بين المؤسسات الأساسية للدولة والأحزاب.
وقد خلصت دراسة البروفيسور «لويجى دجينغاليس» على أنه حيثما تنشأ الثقة فى السياسات والمؤسسات والأنظمة وتقوم على أساس متبادل، ستتمكن الاقتصاديات من تحقيق مزيد من الإنجازات.
بينما عندما يصبح الاعتقاد السائد لدى الناس أن النظام لا يعبر عن قيمهم ولا يخضع لسيطرتهم وأنه لم يعد يعمل لصالحهم سينخفض مستوى أداء الاقتصاديات.
هناك ثلاثة أسباب واسعة النطاق لتآكل الثقة؛ الأول يكمن فى حالة فقدان الوظائف، والثانى أنه لا توجد مساءلة كافية للقياديين وأولئك الذين حققوا أكبر المكاسب من ورائها، والثالث أن المؤسسات أصبحت حكرا للمصالح الخاصة وأن الفساد أصبح متوطنا بينما تركت الطبقة العاملة وحدها لتتحمل العواقب، وبالتالى ظهرت مشاعر الغضب نحو المؤسسات المصرفية وخصوصا عندما انتشرت الميديا.
العالم أوضح عواقب انهيار الثقة فى ازدياد الحركات والأحزاب السياسية والشعبية وتحولها إلى حالة من الغضب، والحل هو اللا مركزية والقدرة على التأثير على المستوى المحلى فكلما زادت الثقة فى المستويات المحلية واللا مركزية انخفضت صلاحية من هم على رأس السلطة فى معالجة وحل المشكلات التى تطلب لطبيعتها جهود سلطة مركزية، وفى حالات متزايدة التعاون على المستوى الإقليمى والعالمى.
انخفضت الثقة فى بعض المؤسسات الأوروبية، وعدم الثقة ليس بالأمر الجديد بالنسبة لصندوق النقد الدولى، وتعرضنا مرارا لضغوط من أجل الإصلاح، واتخذ الصندوق خطوات مهمة لجعل عملية صنع القرار فيه أكثر تعبيرا عن التغيرات المشاهدة فى الاقتصاد العالمى.
فى كل الأحوال، من الجهود التى يجب أن تسود التصدى لقضايا الفساد، وأن تكون المؤسسات حريصة على التعلم والتطور، ومن الضرورى تأهيل العمل وتعدد الأطراف لعالم أصبحت الثقة والسلطة فيه أكثر لا مركزية. فالمؤسسات متعددة الأطراف هى الآن بالغة الأهمية أكثر من أى وقت مضى، وطريقنا فى بناء إعادة الثقة تتمثل فى ضمان أن يؤدى التعاون إلى مكاسب ملموسة يجنى ثمارها كل الناس، وأن هذه المكاسب يمكن تقسيمها على نطاق واسع ومن ثم سيكون بوسعنا استعادة الثقة فى المؤسسات.
من جانب آخر، أصبحت الدول على استعداد لتحديث القواعد والمؤسسات على نحو يتناسب مع تزايد تطور وتعقيدات الاقتصاد العالمى ومع التغيير الذى تحدثه التكنولوجيا فى المشهد الاقتصادى، وينبغى لكل البلدان العمل على تحسين سياستها والعمل معا لمراعاة حالات فقدان الوظائف الناجمة عن العولمة والتكنولوجيا.
إن العالم يتغير والأساليب التقليدية القديمة لم تعد تجدى نفعا، فيجب أن نواكب هذا التطور لكى نستطيع أن نخرج من أزماتنا وتكون التصريحات ليس فيها مبالغة أو غير حقيقية حتى نستطيع أن نستعيد الثقة فى كل من فقدنا فيهم الثقة لبناء دولة مدنية ديمقراطية حديثة..

عضو المجلس القومى لحقوق الإنسان

جورج إسحق  مسئول الاعلام بالامانة العامة للمدراس الكاثوليكية
التعليقات