قلت للقلم: واخجلتاه، كيف مرّت أيام وليالٍ على الثامن عشر من ديسمبر، اليوم العالمى للغة العربية، وأنت كأنك ابتلعت لسانك، فعدمت بيانك؟ قال، معاذ الله، فهى الحب ملء الجَنان، وهى الجنى والجِنان، إلاّ أننى خشيت أن تسلقنى بأحدّ من السنان. ماذا لو حملتُ إليها الورود، فقابلت الأشواق بالأشواك؟ كنت كل عام حريصا على موعد التهنئة، لكن كلما جئتها متغزلا»، «مطرت علىّ مصائبَا». ويح حظى كيف أنسى أننى قد زرتها، ومعى رضاب التهنئات وشهدها، وقد كنت أرجو ابتساما، فسلّت حساما، لو اطلعتَ عليها، ولّيتَ منها فرارا.قلت، أفصح ولا تتلكّأ. قال، أوقدتِ الحسناء وجنتها غضبا، وأمضت سهام لحظها، ومضت ترمى والنبال تهمى، قالت، أنا لا أتهم العرب بالأنانية والنرجسية وحب الذات، فهذه من صفات دول قمرة قيادة الكوكب، فإذا كان نكران الذات من طيب الخصال وجميل الشيم، فالأمة ضربت كل الأمثال فى التمسك بالتنسك، والزهد فى ما فيه جهد. كل عام تحتفل الأمّة بيومى بالجوقات والتخوت، حتى أرى فى ما يرى المغيَّبون عن الواقع، أنّ جلّ مضارب العرب ترفل فى حلل التنمية الشاملة، وأن النجوم باتت لديهم كرةً طائرة.فجأةً صدحت كأنها سوبرانو كولوراتورا (خارقة الإمكانات)، أنتم تحتفلون باليوم العالمى منذ سنين، وتبخلون بأن أحتفى بكم ولو مرة. كلّت يداى وهما مرفوعتان إلى السماء، لكن السماء لا تستجيب بلا سبب. ظللت قرونا ظامئةً، عيناى على الدروب تطلعا إلى اخضرار الخريطة العربية، بنهضة زراعية، إلى انسياب أنهار النضار بتنمية اقتصادية شاملة بينية، إلى توهج شموس المعارف والعلوم فى فضاء الرياضيات والفيزياء والكيمياء والبيولوجيا والرقمى والذكاء الاصطناعى، إلى هبة إشعاع فنون تتجاوب فيها اللحون والألوان ويسمو الإنسان. إنها قسمة ضيزى، فأنتم تظنون أنكم تحتفلون بعيد تكريمى، بل أنتم فى الحقيقة بماضى أمجادى تحتفلون. سيكون للاحتفال ألف معنى يوم ترفعوننى إلى ذرى إنتاج العلوم، يوم أقدر على فرض وجودى فى محافل البحث العلمى، وتتجلّى فى أرجاء الدنيا براءات الاختراع العربية. التنميات المتعثرة فى العالم العربى تكرهنى على الترهل، لكن ستظل مقلتاى ترنوان إلى القبّة الزرقاء فى انتظار رايات الريادة.لزوم ما يلزم، النتيجة التذكيرية، هل سمعتم بيقظة لغة وجل أهلها نائمون؟
مقالات اليوم حسن المستكاوي الشناوى والمناضلون.. و«هداف الأمة» عماد الدين حسين إسرائيل فى الصومال وباب المندب أحمد عبد ربه عام التوازنات الصعبة.. كيف تُدار السياسة المصرية فى ٢٠٢٦؟ داليا شمس مفرش سفرة البيت الكبير محمد عبدالشفيع عيسى عبد الناصر.. ذلك المجهول..! محمود عبد الشكور الحقيقة إلا قليلا! إيهاب الملاح «الرخاوى» قارئًا لنجيب محفوظ
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك