x قد يعجبك أيضا

«طوفان الأقصى».. لا تتعجلوا الحكم النهائى

الإثنين 20 أكتوبر 2025 - 7:05 م

ملاحظة مهمة للغاية.. السطور التالية ليست محاولة لتقييم ومحاكمة ومحاسبة المقاومة الفلسطينية على عملية «طوفان الأقصى» فى ٧ أكتوبر ٢٠٢٣.
بل هى محاولة لوضع أسس وقواعد لكل شخص يفكر فى إجراء عملية التقييم، حتى لا يصل إلى نتائج مضللة. وبالتالى فإن الأمثلة التى سأرويها لاحقا، لا تعبر عن نتيجة وصلت إليها، بل هى نماذج لقضايا مشابهة، اعتقد كثيرون أنها إيجابية جدا لحظة وقوعها ثم اكتشفوا فيما بعد أنها مدمرة، أو العكس تماما.
وبالتالى فإن الحكم الصحيح على أى حدث كبير مثل طوفان الأقصى أو العدوان الإسرائيلى هو الانتظار حتى تتضح التداعيات والنتائج السياسية بعيدة المدى عليه وليس فقط بحساب عدد الضحايا أو حجم الدمار.
النموذج الأول ما حدث فى ١١ سبتمبر ٢٠٠١، حينما قامت مجموعة من المتطرفين ومعظمهم من العرب باقتحام مركز التجارة العالمى فى نيويورك ووزارة الدفاع الأمريكية بالطائرات وهو أعنف هجوم تتعرض له أمريكا ربما منذ الهجوم اليابانى على بيرل هاربور مما قاد إلى تدخل أمريكا فى الحرب.
غالبية العرب والمسلمين فرحوا وهللوا لهجوم ١١ سبتمبر والسبب الانحياز الأمريكى المستمر لإسرائيل. الذين فرحوا للهجوم فكروا بعواطفهم فقط، ولم يدركوا أنهم وأوطانهم وبلدانهم سيدفعون ثمنا فادحا لهذه العملية، وأن المنفذين كانوا محض متطرفين أو إرهابيين أفادوا إسرائيل واليمين المتطرف فى أمريكا والغرب، بأكثر مما أفادوا بلدانهم وقضاياها. وظنى أن أكثر من ٩٠٪ ممن أيدوا هذه الهجمات فور وقوعها صاروا ضدها تماما حينما رأوا تداعياتها ونتائجها على المدى المتوسط والبعيد، بل وحتى على المدى القصير.
نموذج ثانٍ آخر عكسى ومرتبط بالنموذج السابق، وهو الغزو الأمريكى لأفغانستان بعد أقل من شهر على هجمات سبتمبر ٢٠٠١. اعتقد صانعو القرار أن هذا الغزو سيردع تنظيم القاعدة وحركة طالبان، ويقضى على التطرف، لكن ما حدث عمليا على أرض الواقع أن واشنطن غرقت فى المستنقع الأفغانى وتم استنزافها ماليا وبشريا ومعنويا وخرجت من هناك بطريقة مهينة جدا.
نموذج ثالث هو الغزو الأمريكى أيضا للعراق بعد أفغانستان بحجج واهية ثبت جميعا كذبها. أسقطت أمريكا نظام صدام حسين فى عام ٢٠٠٣ وكان جوهر دعايتها أنها ستحول العراق إلى بلد ديمقراطى. كانت لصدام أخطاء قاتلة ربما أدت إلى وقوع الغزو، لكن النتيجة الأساسية بعد الغزو أن الديمقراطية لم تتحقق، وصار الحكم قائما فى جوهره على النظام الطائفى، والأخطر أن أمريكا سلمت العراق هدية لإيران لتصبح صاحبة الكلمة العليا هناك.
فهل كانت أمريكا تدرك ذلك، أو حتى المعارضون لصدام يتصورون هذه التداعيات، أم أن أمريكا تحت حكم اليمين المحافظ بزعامة جورج بوش الابن وعصابة إسرائيل هناك أرادت بالأساس تدمير الجيش وتقسيم العراق وليكن ما يكون؟
نموذج رابع، وهو إسقاط نظام معمر القذافى فى ليبيا نهاية عام ٢٠١١، هذا النظام تسبب فى كوارث كثيرة للشعب اللليبى، لكن الذى حدث لاحقا أظن أنه كان أكثر مأساوية. حلف الأطلنطى قصف ليبيا وشاركته دول عربية للأسف الشديد. وانتهى الأمر بعد مرور ٢٤ عاما من إسقاط القذافى إلى أن ليبيا صارت مقسمة، وصارت طرابلس العاصمة تحت الحكم الفعلى للمرتزقة والميليشيات والسيطرة التركية.
نموذج خامس وهو إسقاط نظام بشار الأسد فى سوريا فى ديسمبر الماضى، ورغم أن الفترة قصيرة للحكم، فإن بعض ممن هللوا لسقوطه انتقاما من ظلمه أو حبا فى التنظيمات المتطرفة يقولون الآن إن إسرائيل احتلت المزيد من الأراضى السورية، وتركيا صارت اللاعب الأساسى، والنظام الجديد يجلس ويتفاوض مع الإسرائيليين.
النقطة المهمة التى أؤكد عليها أن سردى لنماذج صدام حسين ومعمر القذافى وبشار الأسد، لا يمكن أن يكون بأى حال من الأحوال دفاعا عنهم، فرأيى الواضح أنهم مستبدون، ولولا بطشهم وظلمهم ما تمكنت القوى الأجنبية من التدخل فى بلادهم وتحويلها إلى دول فاشلة.
كل ما أريد قوله إن علينا ألا نستعجل الحكم على القضايا الكبرى فور وقوعها وأن ندرك ونحن نحكم أنها تقييمات أولية حتى نرى التداعيات والنتائج السياسية النهائية.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة