يعتبر «دق أو لمس الخشب»، عند سماع خبر سعيد أو صعب التصديق، أو عند تعلق الخبر بتحقيق ثروة أو بنجاح غير متوقع، رغبة فى طرد الحسد. فهذه الحركة البسيطة تعتبر لدى الكثيرين تميمة ضد سوء الحظ، ودرءًا للخطر.
عادة ما يقول الإنجليز والأمريكيون «المس أو امسك الخشب» Touch Wood، وهى أكثر شيوعًا عالميًا من «اطرق أو دق على الخشب»، المستخدم فى دولنا، وفى جميع الأحوال الدافع هو حماية صاحب الحظ السعيد، أو منع وقوع الضرر عليه، وهو تمنٍّ أو عبارة مُفعمة بالأمل. لكن من أين أتت هذه الخرافة الغامضة؟!يشير أحد أكثر التفسيرات شيوعًا إلى عادة الطرق على الخشب إلى معتقدات وثنية قديمة، خاصة بين الشعوب السلتية، الأوروبية القديمة، إلى أن بعض الأشجار المقدسة، كالبلوط والبندق، كانت تُعتبر أماكن تسكنها أرواح مقدسة. ربما كان الطرق على جذعها وسيلة لإيقاظ تلك الأرواح وطلب الحماية منها. لكن لا دليل يربط تلك الممارسات القديمة بالخرافة الحديثة.كما يربطها البعض بالمعتقد المسيحى، لأن صليب يسوع كان مصنوعًا من الخشب إلا أن علماء الفولكلور يُشيرون إلى هذه التفسيرات مبنية على تكهنات، حيث لم يرد لها ذكر فى أى كتابات أو عظات العصور الوسطى، وبالتالى من المرجح أن التفسير يكمن فى أن أول ذكر مُسجل لعبارة «طرق أو مسك الخشب» ظهر عام 1805، حيث ارتبط تاريخيًا باللغة الإنجليزية، منذ القرن الـ19، لعلاقته بلعبة أطفال بريطانية تسمى «تيجى تاشوود»، حيث كان لمس الخشب يمنح الماسك «الأمان» من الخروج من اللعبة، وهى عبارة عن مطاردة الأطفال بعضهم لبعض. ومن بريطانيا، انتشرت لمستعمراتها، ولغيرها، ولهذا السبب أصبح العرف شائعًا الآن فى كل من المملكة المتحدة والولايات المتحدة، ومرادفات قريبة منها فى لغات وثقافات عديدة، ويتفق قاموس أكسفورد للفولكلور الإنجليزى مع هذا الرأى. كما لم يعثر محررو القاموس على أى أثر لهذه العادة قبل القرن الـ19، رافضين نظريات روح الشجرة والصليب المسيحى باعتبارها اختراعات رومانسية.مع الوقت انتشرت هذه الخرافة أو مقولة أو عادة «المس الخشب» أو «أطرق الخشب» فى جميع أنحاء العالم، تقريبًا. ففى تركيا، يطرق الناس الخشب مرتين أو يسحبون شحمة أذن واحدة، بغية درء سوء الحظ. أما فى إيطاليا، فالمرادف هو «المس الحديد». حتى من يدّعون عدم إيمانهم بالخرافات، غالبًا ما يجدون أيديهم تمتد إلى أقرب طاولة أو إطار باب أو مكتب بعد الإدلاء بتعليق متفائل، أو سماعه من قريب.قد لا يكشف استمرار هذه العادة الكثير عن الدين القديم، بل عن علم النفس البشرى. سواء كنا نتخيل أرواحًا فى الأشجار أم لا، فإن القيام بشىء، مهما كان صغيرًا أو غير ذى أهمية، لحماية أنفسنا أو أحبتنا من سوء الحظ، يدخل السعادة على القلوب، فالطرق أو لمس الخشب، أو الإمساك به، يُعطى وهمًا طريفًا أو ضئيلًا بالسيطرة، فى عالم ملىء بالمخاطر.. والحظوظ.
أحمد الصراف جريدة القبس الكويتية
مقالات اليوم حسن المستكاوي هل الخطة ترك الاستحواذ؟ محمود محي الدين مؤشرات ومشاعر! وليد محمود عبد الناصر هل تنجح كرة القدم فى توحيد العرب؟ خالد عزب العقل النقدى.. التراث العربى والمنهج النقدى والمناظرات العلمية محمد عبدالشفيع عيسى بين الحماقة والجهالة.. وماذا بعد..؟ معتمر أمين أحمد الأحمد يقلب الموازين قضايا اقتصادية السيارة الكهربائية.. مراحل التطوير قضايا تكنولوجية باكس سيليكا.. التحالف التكنولوجى الجديد
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك