الليلة فيلم السوبر

السبت 8 نوفمبر 2025 - 6:20 م

** الأهلى والزمالك كلاهما يحتاج إلى لقب السوبر الليلة، والاحتياج للألقاب حالة تاريخية تلازم الناديين، فهما الأكبر والأكثر فوزا بالبطولات، وجماهيرهما تطالبهما بارتداء ثوب البطل، بما يليق بوزن القميص وألوان النادى. المسألة ليست أيهما يحتاج إلى البطولة بسبب التعثرات. ويمكن أن تسأل جماهير الأهلى والزمالك وكلاهما فى أفضل مستوى: أيهما يحتاج إلى البطولة ــ أى بطولة ــ؟ وأيهما يحتاج إلى الفوز ــ أى فوز فى أى مباراة ــ؟
الإجابة: كلاهما. هى ضريبة القوة والشعبية والتاريخ. فكل بطولة مهمة وحاسمة، وضرورية للأهلى وللزمالك. وهى ضريبة متوارثة من جيل إلى جيل.


** قبل انطلاق السوبر، كانت عروض بيراميدز وسيراميكا جيدة وترتيبهما فى جدول الدورى معروف. بعد 12 مباراة، سيراميكا فى الصدارة 26 نقطة، ثم الأهلى 23 نقطة، ثم الزمالك 22 نقطة ثم بيراميدز من 9 مباريات 20 نقطة. وقد يحقق انتصارات فى المباريات الثلاث الباقية له فيذهب إلى المقدمة.. لكن اختبارات القوة الفنية تنجلى فى مواجهة الأهلى والزمالك. فى مواجهة تاريخ عريق وبطولات عديدة.


** كان الأهلى أفضل من سيراميكا الذى كان يتحرك للهجوم كلما تقدم منافسه بهدف، ويهدد مرماه، وذلك فى إطار خطة نظن أن على ماهر لعب بها وهى عدم فتح المباراة أمام الأهلى، واللجوء للدفاع حتى يمر الوقت ويضغط الجمهور على فريقه. ورغم ضغط فريق سيراميكا فى نهاية المباراة، والشك فى حقه بضربة جزاء، أكد خبراء تحكيم أن قرار الحكم والفار كان صحيحا. أما الزمالك فلعب أمام فريق قوى مترابط ومنظم ولم يحسم الفوز سوى بركلات الترجيح.


** تلك ليلة لا يعلو فيها على صوت مباراة نهائى السوبر بين الأهلى والزمالك، وهى ليلة من تلك الليالى التى عشناها مع مهنة الصحافة منذ سنوات، وهو أيضا يوم من تلك الأيام الحلوة التى مضت من شبابنا ومن طفولتنا. فكل بيت تقريبا كان بداخله أهلى وزمالك. قد يكون الأشقاء فى المعسكر الأحمر والبعض الآخر فى المعكسر الأبيض. وقد يكون الأب أو الأم كذلك.. لكن فى النهاية هى أسرة واحدة. وهى عمارة سكنية واحدة، وهو حى واحد ومدينة واحدة وقرية واحدة ودولة واحدة، وكل هذا يبدو فى يوم الديربى منقسما إلى نصفين. نصف أهلى ونصف زمالك.


** وفى أبو ظبى، شاهدت من قبل حالة البهجة بين جماهير الأهلى والزمالك، إنهم يتحاورون ويتجاورون ، ويتحدثون، ويتندرون، ويداعبون ويتوعدون بعضهم البعض وهم يضحكون، فالمباراة نزهة، وترويح من ضغوط الحياة. المباراة 90 دقيقة لا يرى المشجع خلالها سوى الملعب والمباراة ولا يفكر فى أى شىء سوى الملعب والمباراة. وهكذا كانت دائما أيام الأهلى والزمالك. يوم مختلف. يوم جميل. يوم يتدفق فيه الأدرينالين فى الدماء.


** فى أيام وليالى الأهلى والزمالك تتدفق الجماهير نحو الملعب بالأتوبيسات والسيارات، وبالدفوف والأعلام. وبالأمل والحلم. وفى أيامنا كنا نتفق مع الأصدقاء (أهلى وزمالك) على الذهاب إلى الاستاد. نشترى التذاكر صباح يوم المباراة. وكنا نجدها. ومررنا بعدها بأيام لم نكن نجدها. كنا نحتل مقاعدنا، ولا يهم الموقع فالملعب كله بمدرجاته لجماهير الأهلى والزمالك من أجل الحفلة. كان يوم الديربى يوم عيد. فلا تقسيم للجماهير يرسخ القبلية. فلا غضب ولا كراهية.


** فى طفولتنا كانت مصر حائرة بين الفريقين مثل الفنانة صباح، وما زالت حائرة طبعا، وكنا نعشق أغنيتها التى تعبر عن عيد القمة الساكن فى وجدان المصريين، فحين يعلو صوت صباح بالحيرة، فإنها مباراة الأهلى والزمالك. تماما مثل «رمضان جانا».. لعبد المطلب، و«يا ليلة العيد» لأم كلثوم.


** نتوجه إلى الملعب فى الصباح، فالمباراة كان موعدها الثالثة. وندخل الملعب بنظام ونخرج منه بنفس النظام. وتبدأ المباراة.. وتتعالى آهات الإعجاب فالملعب مثل مسرح جميل، واللاعبون هم الممثلون، الذين يعرضون لنا البهجة والمتعة والترويح.


** خارج الملعب يسود الصمت والسكون، والسيارات تتوقف مثل ضربات القلب والصمت يحتوى كل شىء. نشجع ونهتف ونغنى بحماس أثناء اللعب وبصوت مثل صوت الرعد. نفعل ذلك قبل المباراة وأثناء المباراة وبعد المباراة. ويفرح من فاز ويحزن من خسر لكن المهم أننا تحمسنا وشجعنا واستمتعنا. الفائز أو الخاسر، وقد ذهب الحماس والانفعال بذهاب المباراة.. لا شىء يبقى سوى ذكرياتنا عن المباراة.


** كانت أيام جميلة وبريئة، فى تلك الأيام البعيدة.. التى تبدو اليوم كأنها من صنع آلة الزمن..!

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة