x قد يعجبك أيضا

الولايات المتحدة نحو حادثة مالية جديدة

الأحد 13 أبريل 2025 - 6:30 م

تتجه الولايات المتحدة تحت إدارة الرئيس ترامب بخطى ثابتة نحو حادثة مالية جديدة تماثل «الاثنين الأسود» عام ١٩٨٧ وسقوط «ليمان براذرز» فى ٢٠٠٨. ويظل السؤال إذا كان فات أوان التراجع؟ وإن لم يفت فهل ترامب وإدارته، التى يصفها محللون ومتابعون كثيرون بالحماقة، ستتراجع عن أسوأ قرارات اقتصادية اتخذتها دولة عظمى منذ أكثر من مائة عام عندما أوقعت الولايات المتحدة نفسها فى «الكساد الكبير» بسبب فرض التعريفة الجمركية المعروفة باسم «سموت هيلى»؟
فى عالم أسواق المال هناك ثوابت، وهى العلاقات ما بين الأصول المختلفة. من أهم هذه الثوابت أنه عندما ترتفع درجة المخاطر وتهبط أسعار الأسهم فالمستفيد الأول يكون أسواق السندات (بسبب هبوط معدلات الفائدة طويلة الأجل) وكذلك الدولار الأمريكى. وعندما تتكسر هذه الثوابت فهذا معناه أننا مقدمون على حدث جلل. شىء من هذا يحدث حاليا فى الأسواق الأمريكية، حيث تهبط الأسهم والسندات والدولار فى آن واحد مما يعكس انهيار الثقة العالمية فى الاقتصاد الأمريكى تحت قيادة رئيس زئبقى، وفى تقديرى رئيس موتور يجهل أبسط الأسس الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
يوم التاسع من أبريل الماضى حاول ترامب تهدئة الأسواق عن طريق تغيير تركيبة التعريفة الجمركية بتخفيضها على معظم البلدان وزيادتها على الصين. ولكن الصين هى ثالث أكبر شريك تجارى للولايات المتحدة، فنتج عند ذلك تغير محدود فى إجمالى حجم العبء الجمركى الجديد على الاقتصاد الأمريكى. والسبب الرئيسى في أن مستشاريه وضحوا له أهمية وجوب تهدئة الأسواق كان حركة سوق السندات الأمريكية التى استمرّت فى الهبوط مما يعنى أن المستثمرين يحتاجون عائدا أكبر لشراء السندات الأمريكية. هذا بدوره يُحَمِّل الخزينة الأمريكية أضعافا مضاعفة عما يرجو ترامب توفيره من العجز التجارى وهو ضرب من الجنون.
وبالرغم من ارتفاع الأسهم يوم التاسع من أبريل ارتفاعا قياسيا فالمتعاملون المحترفون يرون أن المشكلة الأكبر مازالت مستمرة وهى فى سعر السندات وسعر الدولار الذى يستمر فى الانهيار بالرغم من ارتفاع نسبة الفائدة. هى تركيبة قلما نراها فى الأسواق المالية وتنبئ عن وجود خطر حقيقى لحدوث كارثة مالية كبيرة فى الولايات المتحدة بالذات وإن كانت تبعاته ستطول باقى دول العالم.
فى تقديرى أن الإدارة الأمريكية سوف تتراجع وغالبا سيخرج الرئيس الأمريكى بتصريحات عن انتصاره فى الحرب التجارية دون أن يكون هناك أى مردود إيجابى على الاقتصاد. السؤال هو: هل ستتراجع الولايات المتحدة سريعا أم هل سيضطر العالم أن يعيش حادثة اقتصادية قبل أن تتراجع الولايات المتحدة ويلصق الرئيس الأمريكى تهمة تلك الكارثة بالبنك الفيدرالى؟
فى كل الأحوال، فالألم الاقتصادى المتوقع سينتهى فى غضون شهور قليلة -فى تقديرى - وسيضطر ترامب للتحول إلى أجندة نمطية ستعيد الولايات المتحدة إلى طريق النمو، ولكن مع تزايد المخاطر لدخولها فى فترة كساد اقتصادى قبل انتهاء ولاية ترامب الذى وضع ما يسمى بالاستثنائية الأمريكية American Exceptionalism موضع تساؤل ومعها الدولار الأمريكى كأهم عملة فى العالم. فى تقديرى أن ما فعله ترامب وتهديداته الهوجاء سيكون من الصعب وربما من المستحيل أن يتم التشافى منها على المدى المتوسط والبعيد.

مدير صناديق استثمار دولية

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة