زيارة الدولة التى قام بها الرئيس إيمانويل ماكرون الأسبوع الماضى كانت زيارة ناجحة بامتياز، فللجانب الفرنسى كانت ناجحة جدا لأن فرنسا عمقت علاقتها مع مصر أكثر وأكثر، فاهتمام الرئيس الفرنسى بالفرانكفونية معروف لذا كان اللقاء فى جامعة القاهرة وأنشطة أخرى مليئة بالثقافة والفن والتعليم. ومصر وفرنسا ارتبطتا ثقافيا منذ القرن الثامن عشر من خلال كتاب وصف مصر للعلماء الفرنسيين والآثار، كذلك تأثير الثقافة الفرنسية على كتابنا ومفكرينا على سبيل المثال الدكتور طه حسين وتوفيق الحكيم والشيخ محمد عبده وغيرهم كثر.أما بالنسبة لمصر، فكانت الزيارة أكثر من مهمة لأن الرئيس الفرنسى رأى بأم عينيه معاناة الشعب الفلسطينى الغزاوى وكيف أن مصر - رغم صعوباتها الاقتصادية – تتحمل جزءا كبيرا من تخفيف معاناة هذا الشعب الحبيب طبيا، ومحاولة إدخال المساعدات لغزة رغم تعنت الحكومة الإسرائيلية بعدم دخول المساعدات والإصرار على تجويع الشعب تماما والعمل على قتله أو تهجيره، ظنا منها أن القضية الفلسطينية ستنتهى ومن ورائها تجار الإثم فى الولايات المتحدة الامريكية.نعود لزيارة الرئيس الفرنسى لجامعة القاهرة، فى هذا الصرح الشامخ لأكثر من ساعة ونصف الساعة، ففى كلمته أعرب الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن اعتزاز بلاده بالشراكة مع مصر فى مجالات التعليم العالى والبحث العلمى، مؤكدا أن الشباب والابتكار هما مفتاح المستقبل المشترك بين البلدين قائلا: «نعمل على تعزيز التعاون مع مصر فى مجالات التعليم العالى والبحث العلمى»، لافتا إلى استمرار فرنسا فى العمل كشريك موثوق لدعم قطاع التعليم فى مصر، إذ يعد التعليم «الوجه المشرق» لفرنسا فى تعزيز الثقافة والتعاون بين البلدين.وأكد الرئيس الفرنسى أن «مصر فى طليعة الدول المتقدمة على مستوى البرامج الدراسية، ومن خلال التعليم نعمل معا لتعزيز القيم الثقافية والإنسانية بين فرنسا ومصر»، مشددًا على دور التعليم كأداة أساسية لتطوير الأفراد والمجتمعات.أشاد ماكرون بمصر، معتبرا إياها نموذجا للتنوع الثقافى والدينى، حيث تضم الكنائس والمعابد والمساجد، مما يعكس عمق تاريخها وقيمها فى التعايش والتسامح بين مختلف الثقافات والأديان، كما أشاد بالدور الرائد الذى تلعبه جامعة القاهرة كمؤسسة تعليمية عريقة على مستوى المنطقة، لافتا إلى أن هناك زيادة فى عدد الطلاب المصريين الذين التحقوا بالدراسة فى فرنسا، مضيفا أننا نعمل على تعزيز التعاون مع مصر فى مجالات البحث العلمى، واستطرد: «مصر من أقدم حضارات العالم وأكثرها شبابا، كما أنها مدهشة بإمكانياتها الأكاديمية، والجودة ومجال الابتكار».ووجه ماكرون نصائح هامة للطلاب المصريين قائلا: «مستقبلكم هو مستقبل القارة ومستقبلنا جميعا وأنتم من ستحددون طريقكم ومسئوليتنا توفير كل الفرص لكم فلا مستقبل للمستهلكين ولكن المستقبل للمبتكرين»، كما نصح الطلاب بالتعلم من خلال السفر مستعيرا مقولة أندريه شديد - الشاعرة والروائية والكاتبة الفرنسية من أصل لبنانى - التى عاشت فى مصر والتى جاء فيها: «السفر والتعلم هما أدوات أساسية لفهم العالم والنفس، ولا تنسوا أصلكم ومنشأكم». كما شدد ماكرون على الطلاب إلى عدم الاعتماد على وسائل التواصل الاجتماعى والذهاب للجامعات والابتكار وتعلم التفكير المنطقى والنقدى.كلمتان مهمتان (التفكير المنطقى والنقدى)، أى إن الطالب لا يأخذ بالمسلمات بل يعمل على البحث والتنقيب فى الأفكار وأهمية نقدها لفهمها أو تطويرها، المدارس المصرية التى دَرسّت باللغة الفرنسية مشهود لها بالتعليم الجيد المبنى على التفكير النقدى لذا علينا أن نشجع فى مدارسنا تعلم اللغة الفرنسية ورفع مستوى مدرسين اللغة الفرنسية، وأعتقد أن الحكومة الفرنسية لن تتأخر فى مد يد العون الثقافى والفكرى والتعليمى لمصر.إذا كانت اللغة الإنجليزية هى لغة الاقتصاد والأرقام والتكنولوجيا فمازلت اللغة الفرنسية لغة الفكر والثقافة والفن والأفكار والابتكار، لذا علينا أن نشجع ونعمل معا فى هذا الاتجاه.
مقالات اليوم حسن المستكاوي صلاح.. القصة الكاملة عماد الدين حسين العرب والأكراد .. واللغة داليا شمس جامعات غزة الشعبية أحمد عبدربه حينما كرّم الرئيس الطبيب البطل محمود سامى قنيبر إبراهيم عوض عالم ترامب والمحافظين الأمريكيين إيهاب الملاح من جامعة «أهلية» إلى جامعة «حكومية» محمود عبد الشكور البحث عن الدائرة المغلقة صحافة عربية بندقية وثلاث طلقات
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك