ما هو واقع الصحف القومية وتحدياتها، وما هو مستقبلها، وهل يمكن ضخ دماء جديدة فى شرايين هذه الصحف ومواقعها الإلكترونية أم أن الصحف الورقية بأكملها إلى زوال فى العالم كله وليس فقط فى مصر؟!
هذه بعض الأسئلة التى سألها أعضاء لجنة الثقافة والإعلام والسياحة والآثار للمهندس عبدالصادق الشوربجى، رئيس الهيئة الوطنية للصحافة خلال جلسة مهمة بعد ظهر يوم الأحد الماضى، ترأسها وأدارها الدكتور محمود مسلم رئيس اللجنة.
حضرت هذه الجلسة وأراها شديدة الأهمية لأن الشوربجى يتحدث بلغة واقعية عملية والصورة لديه واضحة.
أكتب عن هذا الموضوع اليوم من دون تهويل أو تهوين حتى تكون الصورة واقعية وليست قائمة على التمنيات والأحلام.
وقبل الحديث عن البيانات والأفكار والحلول التى قدمها الشوربجى أشير اليوم إلى وجود رؤى ومداخلات للعديد من أعضاء اللجنة، خصوصا الدكتور عبدالمنعم سعيد، وسوف أركز عليها لأنها قدمت أفكارا يمكن البناء عليها.
الدكتور سعيد أشاد بنهج الشوربجى القائم على التوازن بين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية. هو عاد إلى الوراء قليلا وقال إن جريدة الأهرام كانت توزع مليون نسخة يوميا حتى عام 2000، ويزيد العدد بمقدار مائة ألف فى عدد الجمعة، وحينما ترأس هو مجلس إدارة الأهرام عام 2009 فإن التوزيع بلغ 220 ألفا، ثم زاد التوزيع إلى نصف مليون نسخة ومعه بقية توزيع الصحف المختلفة مع ثورة 25 يناير 2011 لوجود إقبال كبير من الناس على معرفة الأخبار.
سعيد قال: «لا نريد أن نتحول إلى صحافة تعليمية، بل أيضا نسأل عن المحتوى، وعلينا أن نسأل أنفسنا كم عدد مراسلى الصحف المصرية فى مواقع الأخبار المهمة مثل غزة وأوكرانيا؟
ملاحظة د. سعيد مهمة وصحيحة، لكن أيضا فيما يتعلق بغزة فإن إسرائيل أغلقت القطاع تماما أمام الإعلام، حتى تتمكن من تنفيذ مجازرها وإبادتها فى الظلام، ويسمح فقط بدخول بعض الصحفيين الإسرائيليين بصحبة جيش الاحتلال ورقابته.
الدكتور سعيد طالب بالتركيز على «شركات الإعلام» أو «الميديا كومبانى» كما قال، هذه الشركات هدفها أن تحقق إيرادات مالية للمؤسسات. فى تقدير د. سعيد «فإن كل حتة فى الأهرام كنز» مثل استغلال ملايين الصور، والأرشيف أو استغلال اللوحات، المهم هو عدم ترك الكنوز لتتحول إلى رأسمال ميت، كما هو الحال فى حاجات كثيرة بمصر، بحيث نجد فى بعض المؤسسات أجهزة كاملة مركونة لم تستخدم إطلاقا!!
وبالتالى فالمطلوب إضافة للجانب التحريرى أشخاص يفهمون فى البيزنس لتشغيل شركات الإعلام متعددة الوسائل.
الدكتور سعيد قال إن عدد العاملين فى الأهرام خلال توليه المسئولية بلغ عشرة آلاف شخص، إضافة إلى ألفين آخرين كانوا يعملون بعقود واليوم هناك ثمانية آلاف شخص.
الدكتور سعيد اقترح ضرورة «فصل الأثقال الاقتصادية عن الأثقال الاجتماعية»
طلبت الكلمة وسألت المهندس الشوربجى: هل يمكن الحديث عن تقدم واستقرار اقتصادى للمؤسسات بعيدا عن وجود هامش حرية معقول لهذه المؤسسات، أو على الأقل وجود دورات تدريبية مستمرة للعاملين ليتمكنوا من تقديم محتوى صحفى جذاب.
وسألته أيضا: كيف يمكن الحديث عن تطوير فى ظل عدم ضخ دماء جديدة فى شرايين الصحافة القومية الموقوف فيها التعيينات منذ 2013؟
قلت للمهندس عبد الصادق أيضا: إن المهم للصحافة المصرية عموما وليس فقط القومية، هو وجود محتوى صحفى جيد وجذاب بغض النظر عما إذا كان هذا المحتوى موجودا فى صحافة ورقية أو فضائية أو إلكترونية، وعلينا ألا ننشغل بالوسيلة على حساب المضمون، خصوصا أن تكلفة النسخة الواحدة من الصحف القومية تتكلف نحو 25 جنيها، فى حين تباع بثلاثة جنيهات فقط، وبالتالى إذا تم زيادة الكميات المطبوعة، فقد يزيد التوزيع فعلا، لكن الخسارة ستكون كبيرة خصوصا فى ظل الأزمات المالية العديدة التى يواجهها الإعلام عموما والصحافة القومية خصوصا.
المهندس الشوربجى استمع إلى كل هذه الأسئلة وإلى كل مداخلات الزملاء أعضاء اللجنة وقدم إجابات مهمة مدعومة بالأرقام، سوف أعود إليها لاحقا إن شاء الله.