فجوة هائلة! - خالد سيد أحمد - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:52 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

فجوة هائلة!

نشر فى : الجمعة 28 سبتمبر 2018 - 9:35 م | آخر تحديث : الجمعة 28 سبتمبر 2018 - 9:35 م

البيان الذى أصدرته رئاسة الجمهورية، عقب استقبال الرئيس عبدالفتاح السيسى، بمقر إقامته بنيويورك، لرئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، مساء الاربعاء الماضى، يكشف بوضوح وبعمق عن حجم الفجوة الهائلة بين التطلعات العربية لعملية السلام، وبين الرؤية الإسرائيلية لإنهاء الاحتلال الصهيونى لأرض فلسطين العربية منذ عقود كثيرة مضت.
ففى هذا البيان، قال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية السفير بسام راضى إن «اللقاء شهد بحث سبل إحياء عملية السلام، حيث أكد الرئيس السيسى أهمية استئناف المفاوضات بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، بهدف التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية وفقا للمرجعيات الدولية ذات الصلة»، مشيرا إلى «ما ستسهم به التسوية النهائية والعادلة للقضية الفلسطينية فى توفير واقع جديد بالشرق الأوسط تنعم فيه جميع شعوب المنطقة بالاستقرار والأمن والتنمية».
وتابع البيان أن «رئيس الوزراء الإسرائيلى أعرب من جانبه ــ خلال اللقاء ــ عن تقديره لدور مصر الهام فى الشرق الأوسط وجهودها فى مكافحة الإرهاب وإرساء دعائم الاستقرار والسلام فى المنطقة».
واضح جدا – كما ذكر البيان ــ أن مصر وكذلك الدول العربية تسعى إلى وجود عملية تفاوض جدية بين إسرائيل والفلسطينيين، من أجل التوصل إلى اتفاق سلام حقيقى يعيد الأرض المسلوبة ويشيع مناخا من الاستقرار فى المنطقة، إلا أنه فى المقابل تظهر إسرائيل عدم اكتراث واضح بهذه التطلعات العربية المشروعة، وتدير ظهرها لأى تحركات ذات مصداقية تستهدف تحقيق السلام الشامل وإنهاء احتلالها للأرض العربية فى فلسطين.
هذا النهج الإسرائيلى الذى يجهض أى محاولة جدية لتحقيق السلام، تقف وراءه بالتأكيد أسباب كثيرة، أهمها على الإطلاق أن الجسد العربى الذى يفترض أن يكون سليما معافى من أجل استعادة حقوقه المشروعة، أصبح ممزقا مشتتا منهكا مريضا، والكثير من دوله تواجه خطر البقاء موحدة وتنهشها الحروب الأهلية والصراعات الطائفية، بل إن العلاقات بين الدول العربية أصبحت تخضع للأهواء والأمزجة و«تقلبات الطقس» السياسى الغائم فى أغلب الأوقات!.
كذلك تجد إسرائيل حاليا، أكبر عملية دعم من جانب إدارة الرئيس الأمريكى دونالد ترامب، والتى لم تسبقها أى إدارة أمريكية أخرى فى التعبير عن انحيازها الفج لشرعنة احتلال الأرض العربية فى فلسطين، عبر اتخاذ الكثير من القرارات والإجراءات مثل الاعتراف بالقدس عاصمة للكيان الصهيونى، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية فى واشنطن، ووقف المساعدات التى كانت تقدمها لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين
(الأونروا)، وذلك ضمن سلسلة من الخطوات فى إطار ما تسميه «صفقة القرن»، الهادفة إلى إنهاء القضية الفلسطينية إلى الأبد.
أيضا ما يفتح شهية إسرائيل على مواصلة احتلالها لفلسطين، هو ذلك الخلاف المرير الذى يمزق الجسد الفلسطينى، وغياب التوافق بين حركتى فتح وحماس، وعدم رغبتهما فى إنهاء الانقسام وإجهاض كل تحرك يستهدف تحقيق الوحدة الفلسطينية عبر وضع «العصا فى دواليب المصالحة»، وهو ما جعل البعض على قناعة بأن الخلافات بين رام الله وغزة، أصبحت أعمق وأكثر رسوخا من الخلافات مع العدو الصهيونى!.
هذه الأسباب مجتمعة تجعل إسرائيل غير مكترثة تماما بعملية السلام أو بأى جهد يبذل من أجل إعادة إطلاق مفاوضات التسوية لهذا الصراع، ولهذا فإنه إذا كان الفلسطينيون والعرب عازمين بالفعل على إجبار الدولة العبرية على إنهاء احتلالها، والجلوس على طاولة المفاوضات لتحقيق السلام، فإنه يجب عليهم أن يبدأوا أولا فى إعادة ترتيب البيت العربى والفلسطينى من الداخل، ووقف التراشق والانقسام والسياسات والمصالح الفردية وإطفاء نيران النزاعات الداخلية التى تحرق الأخضر واليابس فى هذه المنطقة، وإدراك أن إسرائيل كانت وستظل عدوا لا يؤتمن، ولن تكون فى يوم من الأيام صديقا يمكن الاستعانة به فى مواجهة الجيران!.

التعليقات