الأهلى حديد إلا قليلًا - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 7:29 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الأهلى حديد إلا قليلًا

نشر فى : السبت 23 نوفمبر 2013 - 7:00 ص | آخر تحديث : السبت 23 نوفمبر 2013 - 7:00 ص

بفوز الأهلى على نادى أورلاندو فى نهائى كأس أبطال الدورى الأفريقى أثبت أنه ما زال حديدا، حيث كنا منذ نعومة أظافرنا نهتف فى الستينيات من القرن الماضى «الأهلى حديد.. الأهلى حديد» وكان لنا كل الحق لأنه كان النادى الذى تتحطم أمامه معظم الأندية المنافسة، ويعتبر النادى الأهلى نموذجا لأى مؤسسة تتطلع إلى النجاح الحقيقى وسأركز مقالى فى الإجابة عن سؤالين:

أولا: لماذا الأهلى حديد؟! ثانيا: لماذا إلا قليلا؟!

أولا: لماذا الأهلى حديد؟

(1) تاريخ عريق:

لقد فتح جيلنا عينيه على عبدالمحسن كامل مرتجى كرئيس وكان الانضباط العسكرى واضحا داخل النادى وخارجه، والالتزام التام بقواعد الأخلاق والرؤية الجماعية، لذلك اشترى الأهلى أرض النادى فى صحراء مدينة نصر ومن بعده جاء المايسترو صالح سليم والذى كان حاسما وفى ذات الوقت محبوبا من الجميع وفى عهده كان النادى يسير بأحدث طرق الإدارة «الإدارة بالأهداف» بينما الأندية المنافسة تسير بإدارة «إطفاء الحرائق».

(2) القدرة على الصمود:

منذ الثلث الأخير من القرن العشرين وحتى اليوم ومصر تتعرض للانهيار لأسباب عديدة، وقد ساندت الدولة التطرف الدينى فى السبعينيات حيث أخرجت الجماعات الإسلامية من السجون وسلحتها للتخلص من الشباب اليسارى فى الجامعات وانتهى الأمر بمصرع السادات، ومنذ 25 يناير 2011 وحتى اليوم انهارت مؤسسات رياضية واقتصادية واجتماعية، وتوقف النشاط الرياضى تماما، وفى وسط هذه العواصف سار الأهلى فى طريقه معتمدا على مبادئه محتفظا بطريقته فى حسم الأمور، فاستطاع إدخال البهجة للمصريين جميعا بانتصاراته فى وقت الإحساس العام بالهزيمة.

وبهذا نستطيع القول إن الأهلى ما زال حديدا

 

ثانيا: لماذا إلا قليلا؟

إذا كانت سياسة الأهلى منذ نشأته الحرص على المبادئ الرياضية والدينية المعتدلة وعدم الخلط بين الرياضة والدين أو الرياضة والسياسة، إلا أننا لاحظنا ــ كجمهور الأهلى ــ أن المستوى الثقافى والتربوى قد انخفض عند معظم اللاعبين، فمن مميزات الأهلى أنه كان هناك شخص بعينه يجول فى حوارى القاهرة والمحافظات ويلتقط أصحاب المواهب، وكانوا يبدون عادة من البسطاء ولأنهم يهتمون بالكرة كثيرا، فهم بالتالى لا يستكملون دراستهم، وهنا يأتى خبراء الأهلى ويدخلونهم إلى مدرسة الأهلى وبعد عدة سنوات نلاحظ أن تغييرا عظيما حدث فى شخصياتهم، فطريقة كلامهم تحسنت، ودرجة ثقافتهم ارتفعت. وكان السر فى ذلك أن النادى يصر على أن هؤلاء الأطفال لابد وأن يستكملوا تعليمهم العالى كحد أدنى ثم بعقد ندوات لرجال الفكر والثقافة وكان الاهتمام الأكبر هو تكوين عقل رياضى لهم بمبادئه العظيمة والذى يحتوى على الروح الرياضية فى قبول الهزيمة وعدم الغرور عند النصر، وقبول الآخر المختلف دينيا وسياسيا وثقافيا، وكان نجوم الأهلى عندما يظهرون فى وسائل الإعلام ويتحدثون تراهم أفضل كثيرا من نجوم الأندية الأخرى فى اعتدال الفكر واحترام الفن والأدب، ومن الواضح أن هذه الندوات وخطة التثقيف قد ضعفت ثم توقفت منذ أكثر من عشرين عاما، لأننا رأينا مدربين ومساعدين مدربين يهتمون بالدين بطريقة سطحية ساذجة مما أخرج جيلا معظمه يخلط بين الدين والرياضة وبين الدين والسياسة، ولقد استمعت بأذنى للاعبين أفارقة كانوا يلعبون فى الأهلى ومنهم من كان متميزا جدا يحكى كيف أن زملاءه اللاعبين يدعونه للإسلام مما دعاهم لترك النادى والبحث عن فرصة رغم حبهم الشديد للنادى بل وقبلوا صفقات فاشلة أو ضعيفة، وهناك من وافق على تغيير عقيدته واتخذ اسما إسلاميا وبعد ترك النادى وسفره تنازل عن ذلك الاسم علنا بل سمعت أن هناك من دعا مانويل جوزيه للإسلام وأن إجابة مانويل جوزيه كانت رائعة، ولقد ذكرنى ذلك بدعوة القذافى للبابا شنودة وهو يسلمه جائزة القذافى إن دعوة الإنسان المؤمن لدينه هو من أشرف وأعظم الدعوات لكن السؤال هو كيف أدعو الآخرين ومتى؟! إننا ننتقد كثيرا الدعاة المسيحيين الذين يدعون الآخرين بإغرائهم بالهجرة أو الضغط عليهم فى بلاد المهجر كأقليات، لأن هذه ليست دعوات دينية حقيقية بقدر ما هى انتهازية لا ترضى الله بأى شكل من الأشكال، عندما قام أبوتريكة من عدة سنوات بإظهار فانلته الداخلية مكتوبا عليها «تضامنا مع غزة» كان هذا عدم فهم لعلاقة الرياضة بالسياسة وعندما رفع أحمد عبدالظاهر يده بعلامة رابعة أيضا كان هذا خلطا للرياضة بالدين والسياسة وقد أوضح ذلك التكرار التقصير الكبير فى معالجة ابو تريكة وزملائه والمشكلة هنا فى الجيل الذى قام بتربية الجيل الحالى.

إن ما فعله أبوتريكة وأحمد عبدالظاهر هو عدم فهم للحرية والديمقراطية، فالناس فى مصر يفكرون أن الحرية والديمقراطية أن تعلن رأيك حتى لو كان معارضا للجماعة التى تنتمى إليها، ونرى كثيرا من الوزراء بعد اتخاذ قرار ما فى الوزارة بالأغلبية، يخرج الوزير الذى كان معارضا للقرار إلى الإعلام قائلا أنا لم أكن موافقا على هذا القرار!! وهذه ليست حرية ولا ديمقراطية هذه ندالة وعدم فهم، إن الحرية والديمقراطية هو أن تقول رأيك أثناء مناقشة الأمر داخليا لكن بعد اتخاذ القرار المخالف لك عليك أن تصمت على الأقل وعلى الأكثر تدافع عن رأى الجماعة أو البديل أيضا لممارسة الحرية والديمقراطية أن تستقيل أثناء الجلسة أو بعدها مباشرة ثم تخرج للإعلام وتقول رأيك منفردا، إن ما فعله ابناء الأهلى لا هو حرية رأى ولا ديمقراطية والعيب كل العيب على الذين شجعوهم على ذلك.

إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات