عن البطالة نكتب ونحذر - إكرام لمعي - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 1:46 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

عن البطالة نكتب ونحذر

نشر فى : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:45 م | آخر تحديث : الجمعة 22 سبتمبر 2023 - 7:45 م
البطالة ظاهرة اقتصادية بدأت بشكل ملموس مع ازدهار الصناعة، إذ لم يكن للبطالة معنى فى المجتمعات الريفية التقليدية.
طبقا لمنظمة العمل الدولية فإن تعريف العاطل هو كل شخص قادر على العمل وراغب فيه، ويبحث عنه، ولكن دون جدوى، ومن خلال هذا التعريف يتضح أنه ليس كل من لا يعمل عاطلا، فالتلاميذ وذوو الهمم والمسنين والمتقاعدون ومن فقد الأمل فى العثور على عمل، وأصحاب العمل المؤقت، ومن هم فى غنى عن العمل لا يتم اعتبارهم عاطلين عن العمل.
ومن مشاهد البطالة المعروفة فى بلادنا وجود شباب فى عشرينيات العمر وهم جلوس على المقاهى غير عابئين بشىء يدخنون ويتحدثون فى لا شىء كما نرى بعض الشباب جالسين على الأرصفة ماسكين بأدوات العمل منتظرين ليعملوا باليومية فى أى شركة أو عند أى صاحب ورشة يحتاج لزيادة فى العمالة.
كما تُعرف البطالة بأنها التوقف الإجبارى لجزء من القوى العاملة برغم قدرة ورغبة هذه القوى العاملة فى العمل والإنتاج، أما القوى العاملة فهى عبارة عن جميع السكان القادرين والراغبين فى العمل (بدون احتساب الأطفال دون الخامسة عشرة، الطلاب، كبار السن، ذوى الهمم، وربات البيوت).
معدل البطالة هو نسبة عدد الأفراد العاطلين إلى القوى العاملة الكلية وهو معدل يصعب حسابه بدقة. وتختلف نسبة العاطلين حسب الوسط (حضرى أو قروى) وحسب الجنس والسن ونوع التعليم والمستوى الدراسى.
• • •
لا يقتصر تأثير البطالة السلبى على الوضع المادى للفرد والأسرة والمجتمع المحلى فحسب، بل يتجاوز ذلك ليؤثّر على الناحية الصحيّة، ومعدّل الوفيات أيضا، لا سيّما أن آثارها تمتدّ لسنوات لاحقة، هذا فضلا عن كونها تمسّ القطاع الاقتصادى المحلى، وتؤثّر سلبا بارتفاعها على مستوى الإنتاج، إذ إنّ زيادة 1% من نسبة البطالة تقلّل الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 2%.
يعدّ وجود العمل فى حياة الفرد ضروريا وذلك من خلال زيادة مكانته اجتماعيا، وتحقيق الأمن المادى، واكتساب مهاراتٍ وقدراتٍ عالية ومتنوّعة أثناء العمل، بالإضافة إلى إمكانية الفرد فى تسيير نمط حياته، وتحسين مهارات التواصل مع الآخرين، وعليه فإنّ فقدان الوظيفة يُفقد الفرد جميع المزايا المذكورة سابقا، مما يؤدّى إلى ظهور العديد من الآثار السلبيّة سواء من الناحية النفسيّة أو الجسديّة، نذكر منها ما يأتى:
المرض: إن البطالة طويلة الأجل تؤدى إلى الأمراض العقليّة والبدنيّة، كما تقلّل من العمر الافتراضى، وذلك كما أشارت الكثير من الدراسات.
الاكتئاب: يعدّ العاطل أكثر عرضةً للشعور بالقلق والاكتئاب، كما قد ينخفض تقديره لذاته، خصوصا إذا كان يمتلك الرغبة القوية فى الحصول على وظيفة، بالإضافة إلى زيادة التوتر عنده، والضغط الجسدى. وقد يزيد الشعور باليأس لديه فى حال عدم الرضا عن ذاته، وعدم قدرته على الإنجاز.
الانتحار: إنّ ارتفاع نسب البطالة يزيد نسبة الانتحار فى المجتمع، فإن البطالة تعد سببا فى زيادة الفقر لقلة المال، والحرمان من أقل مستويات الرفاهية، واليأس من وجود وظيفة تناسبه، وزيادة المشاكل الأسرية، وهى عوامل رئيسية ترفع من نسب الانتحار.
الإدمان: تعتبر البطالة سببًا أساسيًا فى اللجوء إلى الإدمان، فبرغم أن فقدان الوظيفة يجعل من الصعّب توفير المال، إلا أنّ فقدان الوظيفة أيضا يؤثّر سلبا فى تقدير الهوية، واحترام الذات، وكلّما طالت هذه الفترة زاد الاكتئاب الذى يحفّز الشعور بالإدمان.
الإحباط: كثير من الشباب العاطل الباحث عن العمل تنتابهُ مشاعر الإحباط واليأس، لأنّه فقدَ حقّه فى الحصول على وظيفة، خاصةً فى حال وجود من يمتلكون مهارات ومؤهلات مماثلة له يشغلون موقعا وظيفيا، الأمر الذى يؤدى إلى تولد مشاعر عدم الانتماء، وقد تتطور هذه المشاعر ليتحول العاطل عن العمل إلى شخص عدوانى – وقد يصل لإرهابى – تجاه الآخرين وتجاه المجتمع بسبب تعطله عن العمل غير المبرر من وجهة نظره.
عدم تقدير الذات: يحتاج الفرد إلى التّواصل مع أشخاصٍ خارج نطاق أسرته لكسب المزيد من المعلومات والخبرات المتنوّعة، لا سيّما أنّ الفرد يرى نفسه بمنظور الآخرين، وعليه فالعاطل عن العمل قد لا يرى لنفسه مكانةً فى كثير من الأحيان، لأنّه لا يملك عملًا يُظهر فيه نفسه ومهاراته، هذا بالإضافة إلى أنّه بحاجة لتبادل منفعةٍ جماعيةٍ يشارك بها الآخرون، بحيث يشعر بأنّه مفيد وفعّال فى المجتمع، هذا فضلا عن كونه يعانى من عدم مقدرته على إشغال وقته بما هو مفيد على نحو ينمى قدراته، ومهاراته المتعددة، ما يؤدى إلى ظهور الملل فى مناحى حياته المختلفة.
الانطواء والعزلة: يعانى الشخص العاطل من العُزلة والوحدة، لعدّم انخراطه مع أقرانهِ والخروج من المنزل لأسباب العمل، والذى يزيد لديه شعور القلق، ويفقده الثقة بالمجتمع، مما يؤدى به إلى الانعزال عن المجتمع الخارجى والانطواء على نفسه.
أما الآثار الاجتماعية فيوجد العديد منها والذى يؤثّر سلبا على العاطلين عن العمل:
انخفاض فرصة الحصول على وظيفة: لا تفضّل الكثير من الشركات توظيف العاطلين عن العمل منذ فترة زمنية طويلة، على الرغم من امتلاكهم المهارات والمؤهّلات التى تناسب الوظيفة المُتَاحة، هذا فضلا عن كون البطالة تؤدى إلى فقدان الكثير من المهارات التى اكتسبت أثناء فترة العمل السابقة، لعدم الاستمرار فى استخدامها، الأمر الذى يصعّب فرصة الحصول على وظيفة جديدة، وقد أشارت دراسةٌ سويديةٌ فى عام 2008م إلى أنّ مهارات فهم القراءة انخفضت عند العاطلين عن العمل لمدّة عام بنسبة 5%.
التطرّف والعنف: تعتبر فئةُ الشباب العاطل عن العمل هى الأكثر عُرضةً لعملية غسيل المخ والانضمام إلى الجماعات المتطرّفة، فمن السهل إقناعهم بأهداف هذه الجماعات، خاصةً أنّهم لا يمتلكون أهدافا محددةً فى حياتهم، فيعتبرون كلا من التطرّف والعنف طريقة للتّعبير عن غضبهم من المجتمع وظلمهم إياه لهم.
الهجرة: إنّ عدم القُدرة على إيجاد حلولٍ لمشكلة البطالة، أجبرت الكثير من الشباب على التفكير بالهجرة إلى خارج البلاد بطرق مشروعة وغير مشروعة عن طريق البحر وغالبًا ما يدفع هؤلاء الشباب العاطل أرواحهم ثمنًا للبحث عن العمل، أما العاطل الذى يستطيع أن يصل وبمجرد نزوله على أرض دولة غير بلده الأم التى كان من الصعب إيجاد عمل ولو بسيط سوف يجد عملا لم يتخيله من قبل.
الجريمة: قد تؤدى البيئة غير المستقرة للعاطل، وشعوره بالوحدة لابتعاده عن المجتمع الخارجى الذى يعيش فيه إلى ظهور الجريمة وتفشّيها بالمجتمع، ولكن لا يعنى هذا أنّ جميع العاطلين هم أصحاب جرائم وأسبقيات، لكن البطالة، والفقر، وانخفاض مستوى الاقتصاد العام تعتبر من أسباب وقوع الجرائم.
• • •
تتنوع الطرق التى يمكن عن طريقها حل مشكلة البطالة ومن أهم هذه الطرق:
ــ اهتمام الدولة بفئة الشباب وذلك عن طريق إيجاد المشاريع التى تستوعب طاقاتهم، والتى يستطيعون من خلالها الإبداع فى عملهم والاستغناء عن العمالة الوافدة من الدول النامية وتوظيف العمالة المحلية بدلًا منها.
ــ تطوير التعليم فى الدولة إلى مستويات تناسب احتياجات ومتطلبات السوق المتطورة والمتلاحقة لتواكب العصر.
ــ حل مشكلة الانفجار السكانى عن طريق توعية السكان بتنظيم النسل.
ــ تخفيض نسبة الضرائب حيث يشجع ذلك المستثمرين على مزيد من الاستثمار والناس على العمل لأن ذلك يزيد من نسبة أرباحهم التى سيحتفظون بها، وزيادة عطاءات الحكومة فى المشاريع الاستثمارية يؤدى إلى خلق فرص عمل بشكل أكبر وأفضل، وفرض حد أدنى للأجور والمراقبة على ذلك حيث يرفض بعض العمال والموظفين العمل بسبب تدنى الأجور مقارنة بالجهد المبذول.
إكرام لمعي  أستاذ مقارنة الأديان
التعليقات