مؤتمر «شرم الشيخ» أشياء ملهمة وأخرى مبهمة - محمد مكى - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 7:32 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤتمر «شرم الشيخ» أشياء ملهمة وأخرى مبهمة

نشر فى : الأحد 22 مارس 2015 - 12:50 م | آخر تحديث : الأحد 22 مارس 2015 - 12:50 م

فى ذروة أيام ثورة الخامس والعشرين من يناير، سارع عدد من المصريين، ومعهم وسائل الإعلام فى حساب الثروة، التى سوف تدخل جيوبهم من أموال النظام السابق، والتى قدرتها إحدى الجرائد البريطانية العريقة «الجارديان» بنحو 70 مليار دولار لمبارك وحده، وهو ما اعتذرت عنه لاحقا، ومن تلك الأيام وحتى الآن لم تسترد مصر جنيها واحدا، وسط أنباء يومية عن جلسات ومصالحات وتسويات واتفاقيات، الأرقام التى أطلقت فى وسائل الإعلام إبان الأيام الثلاثة لمؤتمر قمة مصر المستقبل الأسبوع الماضى، فيها شىء كبير من تلك الصورة غير الصحيحية، والتى ترفع مؤشر الأمل، لكن دون أرض ثابتة. وإن كانت تحتوى على أشياء ملهمة لو تحققت قادرة على صياغة خريطة جديدة لمستقبل ذلك الوطن.

فلا يمكن إنكار نجاح مؤتمر «دعم وتنمية الاقتصاد المصرى» السياسى منه قبل الاقتصادى، لكن جزءا كبيرا من المطروح سواء من حيث الأفكار أو حتى التعاقدات أو مذكرات التفاهم يحتاح إلى تفسير، وأحسنت الحكومة عندما أكدت أن إجمالى التعاقدات الفعلية لم يتجاوز الـ72.5 مليار دولار من مؤتمر دعم وتنمية الاقتصاد المصرى، متضمنة مشروعات واتفاقات دولية ودعما خليجيا. لكن الجزء المبهم فى تلك الاتفاقيات يتعلق بكيفية إبرام تلك التعاقدات، التى كان معظمها «تخصيصا» وأمرا مباشرا، وهو ما كان سببا كبيرا فى عملية النهب المنظم لكثير من ثروات مصر فى عهد حسنى مبارك، وأدت إلى محاكمة عدد من رموز نظامه «الوزراء رجال الأعمال» ممن حصلت شركاتهم على مزايا من الدولة، خاصة فى ملف الأراضى. فمشروع العاصمة الجديدة، والتى فازت به «إيجل هيلز» الإماراتية، التى يمثلها رجل الأعمال الإماراتى «محمد العبار» كان التوقيع بصفته الشخصية كما تردد لتنفيذ بمشروع تكلفته الاستثمارية نحو 90 مليار دولار فى مراحله الثلاث، كما أن شركة «إعمار»، التى يرأسها العبار أيضا أكدت أنها ليس طرفا فى المشروع، وهو ما فهم أن مخاوف مشروع شركة «أرابتك» الإماراتية حاضرة فى الأذهان، خاصة بعد تعثر مشروع المليون وحدة سكنية، بعد رفض الحكومة المصرية طلب الشركة الإماراتية أن يتم التمويل من البنوك المصرية، التى تعمل بفلوس المصريين.

ومن الأمور التى يجب التوقف عنها الفرق الكبير بين مذكرات التفاهم والتعاقدات، فالقطاع العقارى كان صاحب النصيب الأكبر من تلك الصفقات، لكن التوقيع الفعلى لم يكن إلا فى مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، وهو ما يجب أن يلاحظ، ويضع ضمن الأشياء المهمة خاصة مشروعات الطاقة التى كانت أزمة الاستثمار بمصر فى السنوات الأخيرة.

الأمر الثانى المحتاج إلى توضيح، وهو غياب القطاع الخاص المصرى فلا يتم الإعلان عن تعاقدات واتفاقيات كبيرة لصالح رجال الأعمال المصريين، على الرغم من ضخامة المشروعات ووجود شركات إقليمية مصرية كبرى، فلم يذكر سوى شركتين، الأولى «بالم هيلز» وجزء من مساهميها أجانب، والثانية «أوراسكوم للإنشاء» وهى كذلك والاتفاقيات كانت بالمشاركة مع شريك أجنبى، وهو ما فسر بأنه استبعاد للرأسمال الوطنى، وإن كان الرئيس السيسى تدراك ذلك بعد المؤتمر، وأعلن على أهمية القطاع الخاص المصرى ومشاركته فى تحسن الاقتصاد المصرى. مع تشكيل لجان متابعة للمشروعات التى تم إقرارها.

ويعد استبعاد القطاع الخاص المصرى استمرارا لما يُشاع عن سياسية «عض الصوابع» بين الدولة ورجال الأعمال، حيث لم يصلوا بعد إلى اتفاق، تبرعات صندوق «تحيا مصر» والخلاف حول البرلمان مثالاً. وما يؤكد الفجوة تراجع بورصة مصر بأكبر وتيرة يومية فى منتصف تعاملات اليوم التالى لنهاية المؤتمر، متجاهلة الاستثمارات التى جذبتها قمة شرم الشيخ الاقتصادية، ونزل المؤشر الرئيسى «إيجى إكس 30» بنحو 1.53%، وهى أكبر وتيرة تراجع يومية منذ منتصف فبراير الماضى، ليصل إلى 9577.52 نقطة، مع تعرض غالبية الأسهم على قائمته إلى عمليات بيوع واسعة. فى تكرار مماثل عندما أعلن السيسى ترشحه للرئاسة.

الأمر الثالث الدعم العربى وزيادة الاحتياطى بنحو 3 مليارات دولار شىء جيد، لكن حتى الآن لم نعرف ما الشروط والأحكام فى تلك الودائع، والفائدة، وسط أنباء تفيد بأنها قد تكون صفرية، أو بسطية من 1 إلى 2%، للتذكرة كان رد الودائع القطرية من أصعب الملفات، التى واجهت الاقتصاد المصرى منذ يونيو قبل الماضى، وتحملت الدولة وجهازها المصرفى صعوبات جمة لسداد تلك الأموال، وإلى زادت على 6 مليارات دولار، والأموال الجديدة تسد نحو 3 أشهر واردات. ويطرح موضوع الوادئع القدرة التمويلية للمشروعات الضخمة المعروضة فى المؤتم، ومدى إمكانية استعداد المستثمرين الأجانب على جلب تمويل من خارج الجهاز المصرفى المصرى، الذى تحمل عبئا كبيرا فى السنوات الأربع الماضية دون اهتزاز وسط طلبات يومية واستراتيجية للمواطن المصرى لم تنتهِ، وقد سبق أن حصلت مصر على أموال ضخمة مثل المعلنة، منها 14 مليار دولار من الإمارات وحدها لم يشعر بها المواطن.

من حقنا جميعا أن نفرح بالنتائج لكن لا نتعجل فى الحصاد فكثير من المشروعات تحمل بشائر خير مع اعترافنا بأن تنفيذها يحتاج وقتا أكبر بكثير من المتداول، والأهم أن يكون الثمر لصالح السواد الأعظم من أبناء هذا الوطن. وأن نبنى على الأشياء المهمة، ونبتعد عن غير الواقعية.
حفظ الله مصر

التعليقات