مراجعة.. لا تراجع -2- براءة القرآن من أي نسخ - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 8:11 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مراجعة.. لا تراجع -2- براءة القرآن من أي نسخ

نشر فى : الخميس 20 يوليه 2017 - 9:35 م | آخر تحديث : الخميس 20 يوليه 2017 - 9:35 م
لا يستقيم ذهن المسلم وقلبه أن يكون فى القرآن الكريم أى لفظ أو حرف أو حتى حركة من حركات الضبط والإعراب قد أصابها شىء مما يسمونه نسخ. فبدعة النسخ قد شقت طريقها للمناخ الإسلامى بعد بداية عصر التدوين. والقرآن الكريم من أوله إلى آخره هو هو القرآن الذى أنزله الله على خاتم المرسلين لا يتضمن آية أو كلمة منسوخة، بل جميع الآيات بجميع ألفاظها كاملة غير منقوصة، فليس بينها آية منسوخة تلاوة أو حكما.. وكتب النسخ الموجودة تدلك على هذا الشطط، إذ لم يتفق كتابان منها على أكثر من 5 % مما ذكروه دون سند من الوحى أو من صحيح السنة.
ــ1ــ
ومع أن القرآن الكريم استخدم لفظ «النسخ» كما جاء ((ما نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا ۗ أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَ اللَهَ عَلَىٰ كُلِ شَيْءٍ قَدِيرٌ))، فلا يمكن اعتباره دليلا على وقوع النسخ فى القرآن، وذلك لسببين واضحين. أولهما أن القرآن الكريم لم يصرح باستبدال نص بنص آخر، بمعنى: أن القرآن الكريم لم يقل استبدلوا حكم كذا بحكم كذا، فضلا عن أن مراجع الحديث النبوى الصحيح لم تسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أى توجيه أو تعليم يفيد تعطيل حكم من أحكام القرآن أو استبداله.. وما ورد فى بعض الروايات بهذا الشأن واضح الضعف وظاهر الوضع، ولا يستأهل من مسلم عاقل أدنى نظر..
ــ2ــ
وقراءة القرآن ومدارسته تؤكد لك خلو النص القرآنى الكريم من أى نسخ سواء كما يدعون فى التلاوة أو فى الحكم. فها هو القرآن الكريم يقرر صراحة ((..كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَ فُصِلَتْ مِن لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)) فهل يتصور عاقل أن ما أحكمه الله يجوز أن يعتريه النسخ؟! وقوله تعالى: ((الْحَمْدُ لِلَهِ الَذِى أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجا )) فهل ما ضمن الله عدم اعوجاجه يتسرب إليه نسخ؟!! وكذلك قوله تعالى: ((وَالَذِى أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ هُوَ الْحَقُ..)) وأيضا ((اللَهُ الَذِى أَنزَلَ الْكِتَابَ بِالْحَقِ وَالْمِيزَانَ..)) فهل ما وصفه الله بأنه جاء بالحق ثم وصفه بالحق والميزان يمكن أن يضم منسوخا لاغيا؟!
ــ3ــ
وفى القرآن دلالات كثيرة على عدم حدوث أى تغيير أو تبديل فى القرآن منذ أنزله الله وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.. ومن ذلك قوله تعالى: ((وَإِذَا بَدَلْنَا آيَة مَكَانَ آيَةٍ وَاللَهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِلُ قَالُوا إِنَمَا أَنتَ مُفْتَرٍ..)).. هذا القول الواضح اعتبره البعض دليلا على النسخ، والآية واضحة تشير إلى دوام تغيير ترتيب الآيات كما أقر جميع الصحابة والعلماء من بعدهم أن ترتيب نزول الآيات كان يواجه الوقائع والحادثات كما قال الله تعالى: ((..كَذَلِكَ لِنُثَبِتَ بِهِ فُؤَادَكَ..)).. أما ترتيب الجمع والتدوين فهو ترتيب آخر فدائما أثناء زمن تنزيل الوحى كان ترتيب الآية يتغير بأمر الوحى فتوضع آيات قبل ما سبقها أو بعد ما لحقها... لذلك كان الكافرون يعتبرون هذا افتراء، فهل يعقل عاقل أن نلوى عنق هذا الحق الواضح ونعتبره دليلا على النسخ؟!!
ــ4ــ
وكثيرا ما طلب الرافضون المنافقون والكافرون تبديل بعض آيات القرآن، وقد سجل القرآن طلبهم ((..قَالَ الَذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَٰذَا أَوْ بَدِلْهُ..)).. فهل يمكن أن يطاوع الوحى هذا العبث الكافر ويحدث تبديلا أو تغييرا؟!
ــ5ــ
وقد أتى القرآن الكريم بدلالات واضحة على عدم وقوع أى تغيير أو نسخ، فمن ذلك قوله تعالى: ((مَا يُبَدَلُ الْقَوْلُ لَدَيَ..)) وأيضا يقول بوضوح: ((..لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَهِ..))، كما يقول فى غاية الوضوح: ((وَتَمَتْ كَلِمَةُ رَبِكَ صِدْقا وَعَدْلا لا مُبَدِلَ لِكَلِمَاتِهِ وَهُوَ السَمِيعُ الْعَلِيمُ))...
ــ6ــ
لابد من سرعة العودة إلى كتاب الله وعدم هجره وعدم الرضا بأقوال وروايات لا سند لها، ولابد من تأكيد أن إيمان المسلم لا يتم إلا باعتقاده وإقراره أن هذا الكتاب الكريم كله ليس فيه آية ولا حكما مبطلا أو لاغيا. كذلك لابد من التفكر: ما الذى دعا هؤلاء إلى القول بالنسخ؟

 

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات