«القضاء - مسئولية - مبادئ - رجال - مهارات» -23- ضوابط القضاء أ- الشروط - التولية - العزل - جمال قطب - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 3:22 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

«القضاء - مسئولية - مبادئ - رجال - مهارات» -23- ضوابط القضاء أ- الشروط - التولية - العزل

نشر فى : السبت 17 يونيو 2017 - 9:00 م | آخر تحديث : السبت 17 يونيو 2017 - 9:00 م

تذكر كتب الفقه كثيرًا أن الاجتهادات مصدرها قياس منصب الحاكم على النبوة. وإذا تقبل البعض هذا القياس، فإن قيم العدالة والنزاهة تمنع ذلك.. فإذا تولى الحاكم القضاء!! فمن يحاكم الحاكم إذا أخطأ؟ ومن يصحح للحاكم خطأ قضاته؟ بل من هذا الذى يشكوه الناس إلى نفسه؟!! لذلك أدعو الله أن تتطهر كتب الفقه من ذلك القياس. وتأكيدا لما تزعم فإن ولاية أبى بكر وعمر وعثمان للقضاء بجانب الخلافة أيضا تصرف استثنائى لا سبيل للقياس عليه، ومصدر استثنائهم وجودهم بين جيل الصحابة ذلك الجيل المميز الذى تربى على يد الوحى والنبى وتعلم كيف يتوقف ويراجع كل كلام إلا ما جاء به الوحى. فالأفضل اعتبار القضاء ولاية مستقلة يجب تنظيمها بما يضمن استقلالها وحيادها، ودعمها بما يزرع الثقة فى المواطنين حتى يخضعوا لأحكامها. ولتكن مؤسسة رفيعة المستوى مرتفعة الحصون لا يسهل اختراقها.

ــ1ــ

وتقرأ فى شروط من يتولى القضاء كلاما عاما مثل: 1ــ يولى الأمثل فالأمثل 2ــ تولية غير الكفء خيانة لله وللشريعة 3ــ قضاء الضرورة جائز حيث لا يوجد مجتهد 4ــ تحسب قدرة القاضى بحسب ما يسند إليه ٥ــ السلامة من الآفات أوثق للقاضى 6ــ تحصين القاضى مما يهدد كرامته أو حكمه.. وهذه الضوابط رغم واجهتها فإنها لا تكفى ففى عصرنا الذى نعيشه لابد من وضع لوائح ومواثيق واضحة شفافة تصمد للتحايل، وخير معين على ذلك تخصيص مؤسسة لجميع شئون القضاء على أن تمارسه من خلال قوانين ومواثيق ولوائح وتقاليد يصعب اختراقها أو تجاوزها.

ــ2ــ

تتولى مؤسسة القضاء الإعلان عن حاجتها لمتدربين ــ وتختار أكفأ المتقدمين بشرط أن يكون المتقدم قد تخرج فى إحدى كليات الحقوق وحصل على تقديرات تؤهله لذلك مع حظر الاستثناء. وإذا وجدت صلة قرابة أو مصاهرة أو جوار بين عضو هيئة الاختيار وبين أحد المتقدمين، وجب تنحى عضو الهيئة عن المشاركة دفعا للحرج. ويتم تدريب المختارين على أيدى قضاة سابقين متفرغين لهذه المهمة، ويتم تدرج الترقى بانضباط تنظيمى مثل تنظيم ترشيح أعضاء محكمة النقض، فهذا هو الحد المقبول فى ترقية القضاة.

ــ3ــ

ويجب أن يضم هيكل مؤسسة القضاء قطاعا للترقيات وآخر للتفتيش والمراقبة. وأكرر هنا أن هذه القطاعات لابد وأن تكون جزءا من مؤسسة القضاء وليست إدارة أو قطاعا فى وزارة العدل.. فالوزارة وجميع الوزارات سياسية وحزبية وهى أولا وأخيرا جزء من السلطة التنفيذية فلا سبيل لتدخلها فى شئون القضاء والقضاة. ومع ضرورة اختصاص كل عمل بقطاع مثل 1ــ الاختيار 2ــ مدة التدريب 3ــ التقييم 4ــ المراقبة 5ــ التأديب والمحاسبة طبقا للعدالة القضائية فتكون جهة الاتهام غير جهة التحقيق غير جهة المحاكمة

ــ4ــ

كذلك ولابد وأن تهيمن مؤسسة القضاء بذاتها على تنفيذ العقوبات الصادرة بحق القضاة، وأرى أنه ليس من الرفعة ولا من الشفافية أن تصدر أحكام تأديب القضاة فى جلسات خاصة.. فهؤلاء كانوا يصدرون الأحكام فى جلسات عامة، فلماذا تكون محاكمتهم فى جلسات خاصة؟ فليبادر القضاة إلى استكمال تأسيس مؤسستهم وليجعلوا الحق رائدهم حتى ينالوا ثقة الناس واحترامهم فى الدنيا فضلا عن توفيق الله لهم فى الدنيا ورضاه عنهم فى الآخرة.

ــ5ــ

وكما تختص تلك المؤسسة بالتعيين، فهى المسئولة وحدها عن العزل لأن بقاء قاضٍ واحد بينهم على قصور أو خطأ أو شبهة إنما هو بقعة سوداء فى وشاح القضاء، فلنذكر جميعا أن القضاء فى أصله عمل إلهى، والعدل اسم من أسماء الله، فلا مهرب من الانضباط والاعتدال والاستقامة.
يتبع

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات