من الظلمات إلى النور.. 14ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال الطيب (6) - جمال قطب - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 8:43 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من الظلمات إلى النور.. 14ــ أنوار الفقه المالى ــ المال الحلال الطيب (6)

نشر فى : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:50 م | آخر تحديث : الخميس 14 فبراير 2019 - 11:50 م

رأينا أن «المال الطيب» يطيب بإخراج حق الله (الصدقة والزكاة) ثم إخراج حق القرابات المتعددة، ويبقى شرط آخر وهو «سداد أقساط التأمين». نعم تأمين حفظ المال وعدم ضياعه، وتأمين «ضمان وجود المال عند احتياجه» وأقساط هذا التأمين أقساط دائمة متعددة الأبواب متغايرة القيمة تشهد لصاحبها بأنه «غير شحيح النفس».
ــ1ــ
وقد عرف الإنسان فكرة التأمين من شركات التأمين التى تحصل منه أقساطا محددة بشرط أن تقدمها له وقت الحاجة، أو تدخرها له فى نهاية مدة التأمين. وهذا هو التأمين البشرى، ونعم ما فعل هؤلاء الاقتصاديون خبراء التأمين، وهو تفكير شرعى جيد لا ينقصه إلا شرط حسن استخدام الأقساط فى أعمال غير ضارة وغير ممنوعة شرعا.
ــ2ــ
أما «التأمين الإلهى» الذى يتم عبر (المال الطيب) فإنه يفوق ويمتاز على التأمين البشرى. فالتأمين الإلهى أقساطه متغيرة (يقبل القليل والكثير) ومجالاته متنوعة (الأقارب – الجيران – الأصدقاء – ذو الاحتياجات الخاصة – ضحايا الكوارث... إلخ) كما أنه يُدفع نقدى أو عينى (قديم ومستعمل أو جديد). كما يمتاز هذا التأمين الإلهى «بميزة كبرى» تفوق جميع نماذج التأمين البشرى. ومن أبرز فوائد التأمين الإلهى أنه ليس فقط تعويضا عن الحوادث والظروف بل كثيرا ما يمنع وقوع الحوادث والظروف، فهو ليس تعويضا فحسب، بل تأمينا مانعا حائلا بينك وبين الكوارث. وبعد ذلك يحصل الإنسان على جميع مدخراته وأكثر.
ــ3ــ
فإذا بادرت وساعدت (المحتاج)، لك أن تطمئن أن الأقدار لن تحوجك لبشر. إذا سارعت بفك الكرب عن المكروب فلك ضمان ألا تتعرض لمثل ما تعرض له المكروب.
ــ4ــ
وضح القرآن: ((وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفا))، فالقسمة ليست قسمة الميراث فحسب، ولكن كل تقسيم لأى نوع من أنواع الخير، فكما قدر الله لك أن تحصل على الخير عليك أن تمنح الحاضرين بعضا من هذا الخير حتى يزيد الله لك فى الخيرات ويجنبك العثرات.
ــ5ــ
كما يوضح القرآن الكريم «التأمين الإلهى» ويعددها مثل قوله تعالى ((وَلْيَخْشَ الَذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِيَة ضِعَافا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَقُوا اللَهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلا سَدِيدا))، فالتقوى أن تساعد المحتاجين تأمينا لذريتك ألا تحتاج، فحينما تفك كربة محتاج أو تزيل هم إنسان مهموم يدخر الله لك ذلك فلا تصيبك حاجة ولا يقابلك هم.
ــ6ــ
كذلك فالمبادرة إلى اقتراح وتنفيذ المصالح النافعة (مدرسة – مستشفى – مركز تدريب – إنارة طريق ــ تمهيد طريق – توصيل الصرف الصحى – مسجد.... إلخ).. كل ذلك بمثابة أقساط تأمين إلهى يحسبها الله لك فيحفظك من مصائب الدنيا كما يطمئنك على الأبناء والأحفاد فضلا عن عظيم الثواب فى الآخرة.
يتبع،

جمال قطب   رئيس لجنة الفتوى الأسبق بالأزهر الشريف
التعليقات