مطار القاهرة.. والجمهورية الجديدة - أحمد عبدربه - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 11:47 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مطار القاهرة.. والجمهورية الجديدة

نشر فى : السبت 12 أغسطس 2023 - 9:45 م | آخر تحديث : السبت 12 أغسطس 2023 - 9:45 م
لا أعلم لماذا، رغم أن مصر تغير بها الكثير من الأمور الاجتماعية والاقتصادية والسياسية على مدى السنوات العشر الماضية، ورغم أن الشعار الذى ترفعه قنواتنا الفضائية هو شعار «الجمهورية الجديدة»، إلا أن مطار القاهرة يبقى بلا تغيير منذ سنوات فى أوضاع لا يمكن لشخص محب للبلد أن يرضاها أو يعتبرها تليق بتلك «الجمهورية الجديدة»! وإذا كانت مصر بالفعل جادة فى تنشيط السياحة، فلماذا يسقط من حسابات المسئولين فيها موضوع مطار القاهرة ومشاكله الظاهرة للعيان؟!
المطار هو عنوان أى بلد، وكل تفصيلة به تعكس الوضع الحضارى والاجتماعى والثقافى لهذا البلد، وتعطى فكرة أولية للسياح عما يمكن توقعه من زيارة هذا البلد! المطار فى العصر الحديث ليس مجرد مكان لإقلاع وهبوط الطائرات، ولكنه أيضا أصبح مكانا للتسوق، ومكانا للترويج السياحى، ومكانا لعقد الأحداث الفنية والثقافية، ومكانا لزيارة المتاحف، ومكانا للترفيه. وفى ظل ثورة تطبيقات التواصل الاجتماعى، فالمطار بكل ما فيه من خدمات أصبح مسرحا مكشوفا للعالم بأثره يخضع للتحليل وللتقييم ومن ثم تصبح بلد هذا المطار محل جذب أو طرد للسياح بحسب تقييم مطاراتها!
• • •
زرت عشرات المطارات، قطعا لم تكن كلها تعمل بنفس الكفاءة، ولكن على الأقل كانت كل الدول التى زرتها من آسيا إلى أمريكا اللاتينية مرورا بأوروبا تحرص على أن يكون لديها مطار واحد على الأقل ــ إن لم يكن أكثر ــ منافسا للمطارات الدولية الأخرى على عدة أصعدة، أهمها الإنشاءات والترفيه وسهولة ويسر حركة السفر والترانزيت.. إلخ.
فى مصر يظل مطار القاهرة هو الأكبر والأهم فى أفريقيا ولا يمكن لأحد أن يرضى عن أوضاعه الحالية التى هى فى حاجة إلى تغيير! هذا التغيير لن يكون فقط هدفه إرضاء السياح، ولكنه تغيير يحترم المواطنة والمواطن المصرى أيضا، ويرسم عنوانا جيدا للبلاد التى عليها أن تنافس وبقوة فى السنوات القادمة لاستقطاب السياح والمستثمرين فى ظل بيئة شديدة التنافسية وفى ظل منافسين إقليميين يتعاظم أدوارهم بشكل سريع، ولا يعجبنى أن نقف موقف المتفرج عليهم تحت دعوى نقص الإمكانيات أو الموارد، عفوا لا ينقصنا هذا ولا ذاك، ولكن ينقصنا الإرادة والإدارة والقرار الحاسم لتغيير هذه الأوضاع!
على سبيل المثال وليس الحصر، يحتاج مطار القاهرة إلى تغيير كامل فى إنارته الداخلية، فهذه الإنارة الباهتة لا تليق بالمطارات الحديثة، لابد من إنارة أكثر قوة ولا تخلو من الشكل الجمالى الموجود فى الكثير من فنادق الخمس نجوم، بل والأربع نجوم فى القاهرة والإسكندرية، والغردقة، وشرم الشيخ، وغيرها! لابد أيضا أن يتم فصل الأشخاص القادمين والمغادرين بحسب الجنسية! أدعى أنى لم أرَ مطارا فى العالم يوحد إجراءات وأماكن الوصول لجميع الأشخاص المسافرين دون مراعاة جنسيات القادمين وفى مقدمة هؤلاء ممن يحملون جنسية بلد الوصول! لابد أن يكون هناك أماكن منفصلة للمصريين وغير المصريين، هذا ليس على سبيل ممارسة العنصرية أو التمييز، ولكنه إجراء معتاد فى كل المطارات التى سافرت بها لتسهيل إجراءات الوصول على الجميع!
لا يمكن أبدا أيضا القبول بالوضع الحالى فيما يتعلق بالأفراد حاملى بطاقات الامتياز عند الوصول والمغادرة بحيث تزدحم أماكن دخولهم وخروجهم بشكل أكبر من باقى الأماكن المخصصة لباقى الأشخاص المسافرين، باختصار لأنه لا يوجد نظام ويتم السماح لأى أحد ــ بمن فيهم المسافرون القادمون بتوصيات أو بمعارف من العاملين فى المطار ــ بمزاحمة أصحاب بطاقات الامتياز! قال لى مسافر فرنسى جمعتنى به طيارة واحدة حطت فى مطار القاهرة إنه ندم على الوقوف فى طابور «بطاقات الامتياز» لأن ذلك عطله أكثر، ومرافقيه على نفس الرحلة تمكنوا من الخروج قبله رغم عدم امتلاكهم تلك البطاقة!
الأمر ينطبق أيضا على إجراءات مغادرة البلاد! بوابات التفتيش الأمنى المخصصة للأشخاص حاملى بطاقات الامتياز مفتوحة للجميع وبدون تمييز وبالتالى ورغم أن هذه ميزة يحصل عليها بعض المسافرين من بعض شركات الطيران، ورغم أنها أحد أهم عناصر تقييم تجارب السفر عبر المطارات فى المواقع المخصصة لذلك بين المهتمين بالسفر، إلا أن مطار القاهرة به حالة إهمال لتلك الميزة، المكان المخصص متاح، واللافتات متوفرة، ولكن القائمين على الإدارة لا يلتفتون لكل ذلك والسبب مجهول!
فى كل مطارات العالم توجد ساعات الذروة حيث تصل بعض الطائرات بشكل متزامن مما يجعل صالات الوصول مكتظة، الحل بسيط وخصوصا فى المطارات الكبيرة، يتم تخصيص عدد أكبر من سير الحقائب لتعمل فى نفس الوقت فلا تتكدس الحقائب والمسافرين من أكثر من رحلة فى نفس الفترة الزمنية! مطار القاهرة بصالاته المختلفة يوجد به أكثر من سير لوصول الحقائب، ولكن عددا منها لا يعمل حتى فى حالات الذروة مما يعطل الكثير من المسافرين عن تسلم حقائبهم ومن ثم الخروج من المطار!
وأخيرا وليس آخرا، فى كل مطارات العالم التى رأيتها من حق المودعين للمسافرين والمستقبلين لهم أن يكونوا داخل المطارات بين قاعات الوصول والاستقبال، إلا مطار القاهرة الذى يتعامل مع المستقبلين للمسافرين أو المودعين لهم بشكل مختلف! فغير مسموح للغالبية العظمى من المودعين والمستقبلين للمسافرين ــ باستثناء من يمتلكون توصيات أو وساطات ــ الوصول إلى داخل القاعات! بل وليس مسموحا لهم الوقوف أمام القاعة، عليهم الانتظار فى حرارة الشمس فى الشارع المقابل لصالات الوصول أو المغادرة خلف سياج حديدى كبير بلا أى خدمات ولا مظلات ولا حتى لوحات تساعدهم فى معرفة الطائرات التى وصلت أو التى غادرت!
الأسباب بحسب بعض المطلعين على الأمور تتنوع بين كونها أسبابا أمنية، أو أسبابا لوجستية! ولا أعلم ما هى الفائدة الأمنية من منع جمهور المستقبلين والمودعين من دخول القاعات؟ تستطيع أن تشدد الإجراءات الأمنية كما يحدث فى كل دول العالم بما فيها الدول المهددة دوما بالإرهاب ــ كالولايات المتحدة ــ دون منع الناس من الوصول إلى القاعة! أما عن الأسباب اللوجستية فيقال إن الأشخاص المسافرين دائما ما يستقبلهم عدد كبير للغاية من ذويهم ولهذا يتم منع الدخول إلى القاعات! هذا أيضا ليس سببا وجيها، وهو أشبه بالعقاب الجماعى للمسافرين لمجرد أن بعضهم قد يتصرفون بشكل خاطئ، الحل بسيط، يمكن إعادة النظام القديم الذى كان معمولا به منذ سنوات، فيتم دخول القاعات بتذاكر بأسعار متنوعة بحسب عدد ساعات المكوث فى القاعات، وليكن هذا دخلا إضافيا للمطار، لكن أن يقف الناس بهذا الشكل المهين أمام صالات الوصول والمغادرة بغض النظر عن ظروف المناخ وبدون خدمات وخلف سياج حديدى، فهذا أمر غريب ومسىء لمصر وللشعب المصرى!
• • •
أوجه هذا الكلام للمسئولين عن مطار القاهرة والسيد وزير الطيران المدنى، هذه السطور بين أيديكم للتحقيق والتطوير واتخاذ قرارات التغيير، فمصر «الجديدة» ومطاراتها وأبناؤها وبناتها فى الداخل والخارج يستحقون أفضل من ذلك!
أحمد عبدربه مدير برنامج التعاون الدبلوماسي الأمريكي الياباني، وأستاذ مساعد العلاقات الدولية بجامعة دنفر.