البطالة بين الشباب فى المناطق الحضرية: أزمة تلوح فى الأفق؟ - العالم يفكر - بوابة الشروق
السبت 27 أبريل 2024 5:03 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

البطالة بين الشباب فى المناطق الحضرية: أزمة تلوح فى الأفق؟

نشر فى : الخميس 10 مايو 2018 - 9:20 م | آخر تحديث : الخميس 10 مايو 2018 - 9:20 م

نشرت مؤسسة بروكنجز مقالا للكاتب «ليكس ريفيل» يتناول فيه قضية البطالة بين الشباب ــ خاصة فى المناطق الحضرية ــ باعتبارها قنبلة موقوتة على وشك الانفجار، بالإضافة إلى تناول العلاقة بين البطالة وانتشار العنف بين هذه الفئة، ويطرح الجهود الدولية التى بذلت فى هذا الإطار سواء على مستوى الحكومات أو على المستوى غير الرسمى ــ شركات القطاع الخاص ــ فى إطار ما يعرف بالمسئولية الاجتماعية للشركات.

يتحدث الكاتب عن مشكلة البطالة باعتبارها تحديا متصاعدا فى جميع أنحاء العالم وعلى الرغم من أنها قنبلة موقوته فإنها لم تصل إلى ذروتها حتى الآن ومع ذلك من المتوقع أنه عندما تنفجر الأزمة فمن المرجح أن تندلع بين شباب الحضر أولا. وعلى الرغم من أن التصدّى لمثل هذه الكارثة ومواجهتها لن يكون سهلا فإن الفوائد العالمية الناتجة عن مواجهة تلك الأزمة ستكون كبيرة جدا. وبوصفهم ــ أى شباب المستقبل ــ سيتحولون إلى أفراد منتجين ومسئولين اجتماعيا، فإنهم سيحولون كوكب الأرض إلى مكان أفضل للجميع.

ويضيف الكاتب أنه من خلال إجراء مسح سريع للأدبيات والدراسات السابقة، لن تكون هناك حلول بسيطة أو عالمية لمواجهة مشكلة بطالة الشباب فى المناطق الحضرية. حيث إن العوامل المسببة لهذه المشكلة تختلف من مدينة إلى أخرى، ويجب أن تكون الحلول المقدمة لمواجهة هذه المشكلة مصممة بشكل جيد يتوافق مع السياق الثقافى الذى أنتج المشكلة فى البيئات المختلفة.

الشباب هم الفئة الأساسية فى مشكلة البطالة عالميا لأن أعدادهم تنمو فى معظم البلدان ولأنهم أكثر عرضة للانجرار للعنف عن غيرهم من كبار السن الناضجين ــ لأنهم ليس لديهم ما يخسرونه ــ كما يقول الكاتب. وفى تصريح له قال أستاذ جامعة هارفارد صامويل هنتنجتون بنبرة صريحة فى مقابلة مع الصحفى مايكل شتاينبرغر فى مجلة «The Observer» فى 21 أكتوبر 2001 «بشكل عام، فإن الأشخاص الذين يقتلون أفرادًا آخرين بدون أسباب هم من الذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و 30 عامًا».

من المرجح أن تحدث أولى حالات اندلاع أعمال عنف كبيرة من قبل الشباب العاطل عن العمل فى المدن بسبب سرعة التحضر فى كل مكان. على عكس الريف حيث أن طموحات الأفراد وتوقعاتهم تبدو متدنية للغاية، كما أن تشتتهم أكبر من أن يخلق لحظة قابلة للاشتعال. فوجود الكفاف هو أمر طبيعى هناك.
***

لحسن الحظ، هناك عدد من التيارات المضادة التى تعرقل تصاعد هذه المشكلة بشكل أو بآخر. قد تكون الديموغرافيا هى الأكثر أهمية. الخصوبة تتناقص حول العالم. تحتاج الأسرة إلى طفل أو طفلين فى المتوسط للحفاظ على حجم مستقر من السكان. بعد الارتفاع السريع فى عدد السكان فى القرن العشرين بسبب الطب الحديث والصحة العامة، بدأت الخصوبة فى الانخفاض إلى ما دون 2.1 فى البلدان ذات الدخل المرتفع فى سبعينيات القرن العشرين وفى البلدان المتوسطة الدخل فى التسعينيات. ربما انخفاض عدد الشباب فى المستقبل يقلل من مخاطر الاضطراب الاجتماعى.

وفقًا للتوقعات السكانية العالمية لعام 2017 التى نشرتها الأمم المتحدة، فإن التوقعات متوسطة المدى لسكان العالم فى عام 2050 هى 9.8 مليار، ارتفاعًا من 7.6 مليار فى عام 2015. من المتوقع أن تظل الخصوبة فى الدول عالية الدخل دون مستوى الإحلال، تدور حول 1.80 فى عام 2050. سوف تكون الخصوبة فى البلدان ذات الدخل المتوسط الأعلى أعلى قليلا فقط عند 1.82. أما بالنسبة للبلدان ذات الدخل المتوسط، وهى الأكبر من هذه المجموعات الأربع، ستكون الخصوبة 2.25 فى عام 2050، أى أقل بشكل ملحوظ من 2.88 فى عام 2015. وهى الدول ذات الدخل المنخفض، خاصة فى أفريقيا، التى كانت وستظل المصدر الرئيسى للنمو السكانى العالمى، حتى مع توقع انخفاض معدل الخصوبة من 5.0 فى عام 2015 إلى 3.08 فى عام 2050. وعلى الرغم من هذا الهبوط المثير للإعجاب، فإن سكان هذه المجموعة من البلدان فى طريقهم إلى التزايد بأكثر من الضعف من 600 مليون فى عام 2015 إلى 1.4 مليار فى عام 2050.

ومن المحتمل أن تنخفض الخصوبة بشكل أسرع فى البلدان ذات الدخل المنخفض والبلدان ذات الدخل المتوسط الأدنى مما تتوقعه الأمم المتحدة. ونتيجة لذلك، بالاقتران مع الحرب والمرض، يمكن أن يتقلص حجم عدد الشباب فى العالم، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و 24 سنة، بحلول عام 2050. ومع استمرار هجرة الشباب من المناطق الريفية إلى المناطق الحضرية، فإن البطالة بين الشباب فى المناطق الحضرية قد ترتفع فى هذه الدول حتى مع انخفاض عدد الشباب العالمى.
***

أما التيار الرئيسى المضاد الآخر فهو أن الحكومات والقطاع الخاص يركزان على خلق المزيد من الوظائف المناسبة للشباب. المصادر الرئيسية للمعلومات والمناقشات حول عمالة الشباب هى منظمة العمل الدولية التى يوجد مقرها فى جنيف، سويسرا، والبنك الدولى ومقره واشنطن. يعمل كلا المصدرين على تشجيع الأبحاث لتقديم الحلول الفعالة لهذه المشكلة وتوسيع نطاق هذه الحلول.

يسلط البحث الأكاديمى الشامل حول بطالة الشباب الضوء على تعقيدات التحدى العالمى. على سبيل المثال تختلف توقعات الشباب وتعليمهم بشكل كبير بين البلدان ذات الدخل المرتفع والبلدان ذات الدخل المنخفض. فى نفس الوقت، تتفاوت قدرة الحكومات على وضع برامج فعالة بشكل كبير. علاوة على ذلك، فإن مصالح المنظمات الدولية غير الحكومية والشركات متعددة الجنسيات لا تتوافق دائمًا مع الدول الأكثر احتياجًا..

بالفعل يوجد العديد من البرامج التى تسعى إلى إعداد الشباب للعمل من خلال مجموعة متنوعة من أنشطة التدريب والتأهيل لسوق العمل. نجد أن معظم حكومات العالم تدعم على الأقل شكلا واحدا من برامج توظيف الشباب لخلق تواصل بين أصحاب العمل والشباب. وتعمل العديد من المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية فى هذا المجال. واحدة من أقدمها وأشهرها هى مؤسسة الشباب الدولية ومقرها فى ولاية ميريلاند الأمريكية. كما أن العديد من الشركات متعددة الجنسيات الرائدة وضعت عمالة الشباب فى قلب برامج المسئولية الاجتماعية للشركات، ومنها على سبيل المثالCiti Group، the Conrad N. Hilton Foundation، Mastercard Foundation McKinsey & Company.

وبتقييم هذه الحلول المقدمة نجد أنه لا يوجد إلا القليل منها الذى له تأثير كبير ومستدام على العمالة، وأحد الأسباب الرئيسية هى وتيرة التغيير التكنولوجى والاجتماعى من عام إلى آخر. إن مكان العمل يتغير أمام أعيننا، مع نمو الاقتصاد الصاعد بينما العمل بدوام كامل، طويل الأجل مع الفوائد راكد أو يتقلص.
***

وختاما يتساءل الكاتب قائلا: «هل تم عمل ما يكفى لتجنب أزمة بطالة الشباب فى المناطق الحضرية قبل عام 2030، وهو العام المرجعى لأهداف التنمية المستدامة التابعة للأمم المتحدة؟ وخاصة الهدف الخاص بـ «العمالة الكاملة والمنتجة والعمل اللائق للجميع» وﻣﺎ ھﻲ أﻧواع اﻟﺑراﻣﺞ اﻟﺗﻲ ﯾﺑدو أن ﻟديها اﻟﻘدرة ﻋﻟﯽ اﻟﺗﺧﻔﯾف ﻣن ﻣﺧﺎطر اﻷزﻣﺔ وﯾﻣﮐن ﺗوﺳﯾﻊ نطاقها أو ﺗﮐرارها ﻋﺑر اﻟﻣدن؟ هل يكفى التركيز على إعداد الشباب للوظائف أم سيكون من الضرورى التعامل مباشرة مع احتمالات تصاعد عنف الشباب فى المدن وحتى إعادة تعريف رؤيتنا للعمل؟

لابد من التأكد من أن مجتمع السياسات العالمى يعطى تحدى توظيف الشباب فى المناطق الحضرية الاهتمام الذى يستحقه.

إعداد: ريهام عبدالرحمن العباسى


النص الأصلي

التعليقات