اعتذار للفلسطينيات.. وهل ينفع الاعتذار؟ - صحافة عربية - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 12:20 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اعتذار للفلسطينيات.. وهل ينفع الاعتذار؟

نشر فى : السبت 9 مارس 2024 - 8:25 م | آخر تحديث : السبت 9 مارس 2024 - 8:25 م
نشرت جريدة المغرب التونسية مقالا للكاتبة آمال قرامى، تقول فيه إن الفشل فى اتخاذ رد فعل حقيقى ومسئول من قبل المنظمات النسوية فى العالمين العربى والإسلامى تضامنا مع الفلسطينيات إنما يؤكد أننا ما زلنا نسويات «عالم ثالث» منكسرات ضعيفات، نخضع لهيمنة نسوية «العالم الأول». تساءلت الكاتبة عن فائدة كل ما أنتج من سرديات حول تمكين المرأة طوال السنوات السابقة، وأمام أول اختبار حقيقى أثبتنا فشلنا!!... نعرض من المقال ما يلى:
تتكرر فى كل سنة محاولات تجريد اليوم العالمى للمرأة من رمزيته النضالية. فتتضاعف التظاهرات الثقافية والأيام الدراسية الأكاديمية والمؤتمرات النسوية المنعقدة فى الفنادق، ويكرم عدد من المناضلات والناشطات وغيرهن، وتتكثف التغطية الإعلامية والبيانات... وهو أمر يجعل عددا من الحقوقيات والمناضلات منخرطات فى عملية التصحيح والتعريف والتذكير بالتاريخ النضالى وما حدث للنساء والتأكيد على أن 8 مارس تاريخ تتجدد معه أشكال النضال فتنطلق المسيرات النسائية والمبادرات النسائية /النسوية، الفردية /الجماعية «الشجاعة» و«الثورية» وتتجاوز فيه أوامر المنع التى تفرضها بعض الدول، وهو ما حدث فى السنة الماضية(2023) فى باكستان.
ولم يختلف الوضع هذه السنة غاية ما هناك أن إبادة غزة أجبرت المنظمين والمنظمات على وضع بعض الشعارات والصور والأعلام المناصرة للفلسطينيات، ودفعا للإحراج، أو «جبرا للخواطر» أو اتقاء لشر المجموعات التى تشكلت أخيرا لمقاومة التطبيع ومناهضة سياسات الاحتلال وتواطؤ الأنظمة الامبريالية.. وتجاورت مع هذه المحاولات الموحية بأنها لا يمكن أن تنسى «القضية الفلسطينية» دعوات لتنظيم مسيرات هدفها الرئيس الاستمرار فى المقاومة.
وفى المقابل استمر الإعلان عن التظاهرات والندوات «النسوية» فى مقرات السفارات الداعمة للاحتلال والإبادة أو المؤسسات التابعة لها «وكأن شيئا لم يكن... ولا يستغرب موقف المثقفات فللمصالح أهميتها وللامتيازات أحكامها وللصمت دلالته فقد «تعطلت لغة الكلام» وأصيبت كل الأصوات الجريئة بالعطب ولربما هى محتاجة إلى «وضع المسافة» بينها وبين الأحداث إذ لا يمكن أن نكتب والوقائع مستمرة...
هى أجيال متعددة نشأت على القيم التى أذاعتها منظومة حقوق الإنسان للمرأة وآمنت بضرورة مناهضة سياسات التهميش والإقصاء والهيمنة وثقافة اللامساواة واللاعدالة وتفكيك بنى الاضطهاد وإقامة مجتمع إدماجى... ولم تتدخر جهدا فى سبيل تبنى المعجم الاصطلاحى والنظريات وإدماجها فى خططها وبرامجها (التمكين، امتلاك الصوت، كسر جدار الصمت، التقاطعية) وتنفيذ «نصائح» البنك الدولى وشعار الأمم المتحدة الأخير الخاص بأجندا 2030 «لا يجب أن تترك أى امرأة خلفنا» no woman must be left behind ــ وغيرها.
وهى أجيال اقتنعت بوجاهة التشبيك والمناصرة وبناء التحالفات فانخرطت فى العمل مع ممثلات «النسوية العابرة للقوميات» و«النسوية العابرة للثقافات» و«نسويات الجنوب« و«النسوية التقاطعية»...وتعلمت أهمية التضامن النسوى، و«الأخاوتية» sororité féminine، وإنشاء الفضاءات الآمنة للمرأة وتحدثت عن الكرامة الإنسانية والعيش معا باختلافاتنا والسلام من وجهة نظر المرأة... وتعلمت الصمود والمقاومة ووضع الاستراتيجيات وصياغة الخطط وتحديد الأولويات واحتياجات المرأة وأنشأت برامج دعم القدرات وبناء القيادات النسائية التغيرية ومحاربة الفقر والعنف والعنصرية والهشاشة والتغير المناخى...
اليوم، تضعنا حرب الإبادة والتطهير العرقى لغزة والتجويع أمام الاختبار.. هل كنا فى مستوى التوقعات والآمال المعقودة علينا؟ وهل كان أداء الحركات النسوية فى العالم العربى/الإسلامى/البلدان الناطقة بالعربية... على قدر المسئولية الأخلاقية؟ هل وضعنا كل هذه المعارف التى راكمناها والخبرات التى مررنا بها على ميدان الاختبار ونزلناها على الأرض؟ هل كانت ردود أفعالنا وبياناتنا ومواقفنا معبرة بالفعل عن قناعتنا بكل المفاهيم والمصطلحات والنظريات التى اشتغلنا بها وتنافسنا من أجل إثبات مدى تمكننا منها؟
فلنسائل أنفسنا قبل أن نطالب بمساءلة الآخرين ومحاسبتهم... ولنمارس النقد الذاتى قبل أن ننقد الآخرين. ولنقل بكل شجاعة أننا قصرنا وارتبكنا ولم نكن مستعدات. باغتتنا حرب الإبادة ولم نجهز عدتنا واستراتيجياتنا فلم نستطع أن نحلل كل الأبعاد.. وراعينا مصالحنا وامتيازاتنا واخترنا أشكالا من التبرير. فماذا عسانا أن نفعل؟ لا نملك شيئا أمام التحالف الدولى...
ولكن ما فائدة كل ما أنتج من سرديات حول التمكين وتنمية القدرات وفاعلية النساء والمرأة القوية صاحبة الإرادة والقيادة النسائية... ألا يعنى خطاب التنصل من القيام بأدنى فعل مقاومة تثبيت التمثلات الخاصة بالمرأة (الضعف، الجبن) وبررت أخريات بأن التمويل انقطع وليس بوسعنا تنظيم أية تظاهرة...
ولا معنى لهذا الموقف سوى ترسيخ فكرة التبعية وتحول بعض الجمعيات إلى مؤسسات مرتبطات بأجندا التمويل...كثيرة هى التبريرات التى تقدمها النساء/النسويات/الحقوقيات للتهرب من الموضوع الرئيس وهو لماذا عجزنا عن تنظيم حركة نسائية مقاومة ونحن اللواتى تباهين «بالربيع العربى ربيع المرأة» وكتبن سردية جديدة وتاريخا جديدا «ثورة المرأة العربية»..
لقد أثبتنا أننا ما زلنا نمثل «نسويات العالم الثالث»: عديمات الحيلة، تابعات، منكسرات وضعيفات وبذلك رسخنا هيمنة «نسويات العالم الأول» بينما أكدت أخريات ولاءهن للنسوية البيضاء الاستعمارية والمتواطئة مع الإمبريالية و«الرجل الأبيض» وسياسات القمع والاضطهاد واستغلال الشعوب...
حرب إبادة غزة كشفت عن مأزق النسوية فهل بالإمكان تحليل مواقف النسويات وإعادة تعريف الحركات النسوية وضبط توجهاتها فى ضوء هذا السياق الجديد؟
التعليقات