مؤشرات خطيرة على تراجع الديمقراطيات - العالم يفكر - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 9:55 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

مؤشرات خطيرة على تراجع الديمقراطيات

نشر فى : الأربعاء 4 أبريل 2018 - 9:20 م | آخر تحديث : الأربعاء 4 أبريل 2018 - 9:20 م

نشرت مؤسسة بروكنجز مقالا للكاتبين Bruce Jones&Torrey Taussig يتناولان فيه تحليل أهم التحديات الداخلية والخارجية التى تواجه الدول ذات الديمقراطيات الراسخة. فمن أهم التحديات الخارجية صعود بعض الدول غير الليبرالية فى النظام الدولى مثل الصين وروسيا، فى حين تكمن أهم التحديات الداخلية فى فقدان الثقة فى المؤسسات الديمقراطية مما أدى إلى صعود الأحزاب الشعبوية اليمينية واليسارية، فضلا عن انتشار الفساد والانقسامات الطائفية والعنف فى البلاد واستخدام أدوات غير ليبرالية مثل قمع المجتمع المدنى والنقاش العام وحقوق الأقلية.
استهل الكاتبان حديثهما بالإشارة إلى التحديات الداخلية والخارجية التى تواجهها الدول الديمقراطية. خارجيا، هناك صعود لعدد من الدول غير الديمقراطية فى النظام الدولى. فعلى سبيل المثال؛ صعود الصين اقتصاديا وسياسيا وعسكريا على المستوى الإقليمى وكذلك العالمى. كما أن روسيا تقوم بالضغط على الغرب فى عدد من القضايا بالرغم من فرض الغرب العقوبات عليها، فلقد استولت روسيا على شبه جزيرة القرم مما أدى إلى زعزعة الاستقرار فى أوكرانيا، وتدخلت فى سوريا، فضلا عن تدخلها فى الانتخابات الأمريكية والأوروبية. وتوضح هذه التطورات عهدا جديدا من الجغرافيا السياسية التى تنطوى ــ فى جوهرها ــ على التنافس على الأنظمة السياسية الداخلية. أما داخليا، فتشهد العديد من المناطق والدول فى العالم حالة من تراجع الديمقراطية الليبرالية. حيث تواجه هذه الدول العديد من التحديات الداخلية منها: التفاوت الاقتصادى والاضطرابات الاجتماعية والفوضى السياسية والتى أدت إلى صعود الأحزاب الشعبوية. ولقد أظهرت الانتخابات الأخيرة فى عدد من الدول الأوروبية مثل فرنسا وهولندا وألمانيا وإيطاليا والنمسا صعود الأحزاب اليمينية الشعبوية.
مؤشرات تراجع الديمقراطية:
يشير الكاتبان إلى أن هناك من يرى أن تحقيق النمو الاقتصادى والاجتماعى يقوض فرضية تراجع الديمقراطية، ولكن وجهة النظر هذه خاطئة لأن هناك العديد من الدول السلطوية استطاعت تحقيق نمو اقتصادى واجتماعى مثل الصين وفيتنام، ويرى فريق آخر أن الانقلابات والتمرد تمثل التهديد الأكبر للدول الديمقراطية. ومن بين التحديات الداخلية أيضا نجد، فقدان الثقة العامة فى المؤسسات الديمقراطية والتى مهدت الطريق لصعود الأحزاب الشعبوية، واستخدام القادة غير الليبراليين لبعض الأدوات التى تبدو ديمقراطية لتحقيق مصالحهم الخاصة مثل الاستفتاءات والتعديلات الدستورية، فضلا عن انتشار الفساد والعنف والانقسامات الطائفية. ولكن هذه التحديات لا تعد مؤشرا قويا على تراجع الديمقراطية مقارنة بالانقلابات العسكرية أو الانتخابات المزيفة.
أولا: تراجع الثقة فى المؤسسات الديمقراطية
ربما كان تزايد الدعم الشعبى للأحزاب والمرشحين الشعبويين فى الدول ذات الديمقراطيات الراسخة قد صدم العديد من المعلقين. وإن الاستياء من المؤسسات السياسية الديمقراطية أخذ يتزايد تدريجيا على مدى العقود الثلاثة الماضية. حيث تراجعت الثقة فى المؤسسات مثل الأحزاب السياسية السائدة، والمسئولين المنتخبين، ووسائل الإعلام مما أدى إلى ضعف إقبال الناخبين وتأييد الأحزاب الشعبوية.
ثانيا: صعود الأحزاب الشعبوية
شهدت الدول الديمقراطية تزايدا فى دعم المواطنين للأحزاب الشعبوية اليمينية، نظرا لفشل العديد من الأحزاب المعتدلة فى حل عدد من القضايا مثل الهجرة. ومع ذلك، فإن الأحزاب الشعبوية اليمينية ــ مثل حزب البديل من أجل ألمانيا وحزب الحرية النمساوى ــ تشكل تهديدا خطيرا للمؤسسات الليبرالية. فهذه الأحزاب تتبنى برامج سياسية عنصرية تقوم على أساس العرق والدين، وعدم التسامح مع الآخر المختلف. وتوضح مواقفهم كيف أن الشعبوية اليمينية ليست فقط من أعراض نقاط الضعف المؤسساتية، ولكنها أيضا تشكل تهديدا للمبادئ التى تمثلها المؤسسات الديمقراطية.
ثالثا: انتشار الفساد والعنف والانقسامات الطائفية
هناك عوامل أخرى تهدد المؤسسات الديمقراطية وتعزز من صعود الشعبوية وهى الفساد والعنف الإجرامى والانقسامات الطائفية. يبرز التاريخ الحديث فى عدد من الدول مثل المكسيك والبرازيل والهند وإندونيسيا أن توقعات المواطنين للحكم الرشيد قد ارتفعت مع تحسن الأوضاع الاقتصادية فى بلدانهم. ومع ذلك، فإن التقدم نحو صعود المؤسسات الديمقراطية قد توقف فى العديد من الدول بسبب الاضطرابات السياسية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال: على الرغم من التقدم السياسى والاقتصادى للبرازيل، إلا أنه لا تزال هناك مستويات عالية من عدم المساواة وارتفاع البطالة والفساد السياسى.
رابعا: مجموعة الأدوات غير الليبرالية
هناك عدد من الدول ــ مثل تركيا وبولندا ــ يقوم قادتها غير الليبراليين باستخدام وسائل تبدو ديمقراطية مثل الاستفتاءات والتعديلات الدستورية من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة، كما يقومون بقمع المجتمع المدنى والنقاشات العامة وحقوق الأقليات، ويبذلون جهودا لإضعاف المؤسسات الديمقراطية الليبرالية مثل النظم السياسية التعددية، ووسائل الإعلام المستقلة. فعلى سبيل المثال، تحرك الرئيس التركى «رجب طيب أردوغان» لتعزيز سلطاته الرئاسية بعد محاولة الانقلاب فى يوليو 2016، من خلال استفتاء إبريل 2017 والذى خول له سلطات واسعة.
خامسا: تغير ميزان القوة
هناك تغير فى ميزان القوة حيث هناك منافسة من جانب دول سلطوية للهيمنة على النظام الدولى مما له آثار خطيرة على الديمقراطية. ولا سيما الديمقراطيات الضعيفة والدول حديثة العهد بالديمقراطية. والدليل على ذلك الصين. فبسبب قوتها السياسية والعسكرية أصبحت نموذجا أكثر جاذبية للقادة الذين يسعون إلى اغتنام فرص لتحقيق النمو الاقتصادى بدون فرض قيود على سلطتهم.
ختاما يذكر الكاتبان أن هناك العديد من التحولات المقلقة فى النظام الدولى والتى تعزز من تراجع الديمقراطية الليبرالية، فمن هذه التحولات تراجع دور الولايات المتحدة فى قيادة العالم وإفساح المجال لعدد من الدول السلطوية للصعود مثل الصين. وفى ظل هذا الواقع الجيوسياسى، فإن الفوضى السياسية تمكن من نمو القوى غير الليبرالية وتسمح لهم بأن يكونوا فاعلين بارزين فى المسرح الدولى، ولكنهم لا يستطيعون سد الفجوة الذى خلفتها القوى الليبرالية. فمن الجدير بالذكر أن العصور التى تميزت بتراجع الدول الليبرالية القوية ــ فى العشرينيات والثلاثينيات ــ أثبتت أن لها آثار كارثية ليس فقط على الديمقراطية فى جميع أنحاء العالم، ولكن أيضا على الازدهار الاقتصادى، والسلام العالمى، والاستقرار. نحن بعيدون عن هذا الواقع، ولكن يجب علينا الاهتمام بالمؤشرات التى من شأنها أن تضعنا على حافة الهوية.

إعداد: زينب حسنى عزالدين
النص الأصلى  

التعليقات