النفط الصخرى.. دوره فى صناعة النفط والغاز العالمية
الأربعاء 17 سبتمبر 2025 - 8:15 م
تم اكتشاف تقنية إنتاج النفط الصخرى خلال عقدى الثلاثينيات والأربعينيات للقرن العشرين. لكن لم يتم الإنتاج التجارى للنفط الصخرى حتى عام 2014، علمًا بأن أسعار إنتاجه مرتفعة.
توسعت صناعة النفط الصخرى عالميًا خلال السنوات العشر الأخيرة، لتشمل نحو 41 دولة، من ضمنها الولايات المتحدة، التى لا تزال تحتل المنزلة الأولى فى ضخامة الاحتياطى والإنتاج، بينما يستمر إنتاج النفط الصخرى فى كثير من دول العالم الأخرى بمعدلات محدودة نسبيًّا بالنسبة إلى إنتاج الولايات المتحدة، بالإضافة إلى كميات محدودة نسبيًّا فى أمريكا اللاتينية، وأوروبا، وآسيا، وجنوب إفريقيا.
اكتشفت «أرامكو السعودية» حقل الجافورة العملاق فى عام 2014. ويعتبر «الجافورة» أكبر حقل غاز صخرى فى السعودية والشرق الأوسط، حيث تقدر احتياطاته نحو 229 تريليون قدم مكعبة من الغاز و75 مليار برميل من المكثفات. بدأت «أرامكو السعودية» فى تطوير الحقل عام 2020 بتكلفة نحو 100 مليار دولار.
من المتوقع أن يزود «الجافورة» نحو 60 فى المائة من خطة «أرامكو السعودية» لتطوير وزيادة اعتمادها على الغاز بحلول عام 2030 لتشارك «الجافورة» مع «خطة الغاز الرئيسية» التى طوّرتها السعودية خلال عقد السبعينيات بالاستعمال المكثف للغاز المصاحب لتقليص حرقه. وتدل المؤشرات على أن «الجافورة» سيصبح المصدر الأساسى والأعلى لإمدادات الغاز لشركة «أرامكو»، التى ستشكل مع الإمدادات الحالية من الغاز الحر والغاز المصاحب المتوافر لديها تلبية الطلب المتزايد من قطاع البتروكيماويات ومحطات الكهرباء المحلية، الأمر الذى يعنى الاستمرار فى تلبية الارتفاع المستمر للطلب على الغاز محليًّا، بالإضافة إلى تقليص الانبعاثات فى السعودية.
• • •
سوقيًا، استطاع كل من النفط والغاز الصخرى أن يلعب دورًا مهمًا خلال السنوات العشر الماضية. فبالنسبة للنفط، ارتفع كل من الاحتياطى والإنتاج الأمريكى إلى معدلات قياسية، حيث أدى ارتفاع إنتاج النفط الصخرى إلى تحويل الولايات المتحدة من دولة مستوردة مهمة للنفط إلى دولة مصدرة له، بحيث ارتفعت صادرات النفط الخام الأمريكية فى عام 2024 إلى 4.1 مليون برميل يوميًا، الأمر الذى عالج تحديًا كبيرًا ومزمنًا للولايات المتحدة، وهو التخلص من الاستيراد والاعتماد الواسع على استيراد النفط والوصول إلى «الاكتفاء الذاتى»، حتى تصدير النفط الخام، بدأت على إثره تلعب الولايات المتحدة دورًا أكبر فى التأثير على الأسواق والأسعار العالمية، طبعًا مع التحفظ على انخفاض كبير فى الأسعار نظرًا لتأثيرها السلبى على إنتاج النفط الصخرى.
أما بالنسبة للغاز الصخرى، فقد أدى اكتشافه وزيادة احتياطاته إلى تشييد صناعة تصدير الغاز المسال الأمريكى، بدلًا من استيراده، وقد بدأت الولايات المتحدة بالفعل تصدير الغاز المسال للأسواق العالمية، منها الصين. وهناك منافسة جيوسياسية متوقعة مع روسيا حول تصير الغاز إلى السوق الأوروبية الضخمة بعد انتهاء حرب أوكرانيا واحتمال رفع الحظر الأوروبى عن النفط الروسى.
تعنى العقود الغازية الطويلة المدى ضرورة الاستمرار بالاستيراد من دول متعددة، لكن محدودة. وهذا الأمر يطرح السؤال؛ ماذا عن إمكانية الاستيراد المستقبلى من كل من الولايات المتحدة أو روسيا؟ وما ردود الفعل المتوقعة من الدولتين الكبريين؟ لقد عبّرت واشنطن عن رأيها بالموضوع عند محادثات التعريفة الجمركية مع السوق الأوروبية مؤخرًا، إذ طالبت أن تستورد أوروبا سنويًّا بضاعة إضافية عما تستورده الآن بقيمة مئات الملايين من الدولارات، وهذا أمر غير ممكن لأوروبا دون استيراد الغاز المسال الأمريكى الأعلى ثمنًا من غاز الأنابيب الروسية.
ستكون أقطار السوق الأوروبية أمام خيارات محدودة وصعبة؛ الاستمرار فى العقود الحالية ذات المصادر المتعددة، أو استيراد إمدادات ضخمة من الغاز المسال الأمريكى، أو غاز الأنابيب الروسى. فى كل الأحوال ستواجه أوروبا ضغوطًا من إحدى الدولتين الكبريين أو صعوبات فى التعامل مع الدول ذات العقود الطويلة الأجل (نحو 25 عامًا) وكيفية الاستمرار بها.
وليد خدورى
خبير اقتصادى عراقي
جريدة الشرق الأوسط اللندنية
النص الأصلى:
https://tinyurl.com/47zxfkre
مقالات اليوم
قد يعجبك أيضا