x قد يعجبك أيضا

الرجل المتلاعَب به أم شوكولاتة بالبندق؟

الجمعة 5 ديسمبر 2025 - 6:30 م

 

الكاتبة «إستر فيلار» ارتكبت ما تسميه النساء خيانة عظمى فى حق بنات جنسها عندما نشرت كتابًا اسمه «الرجل المتلاعب به» نسفت فيه خرافة المرأة الضعيفة المظلومة، وتجرأت على فضح الأسلحة الخفية التى تستخدمها المرأة لتدجين الرجل وسلبه حياته باسم الحب والرجولة. استر فيلار تقول إن المرأة بارعة فى إقناع الرجل بضعفها كى تحصل على أقصى قدر ممكن من الامتيازات دون مقابل حقيقى، وتضيف الكاتبة أن المرأة لا تحبك لكنها تحب ما تجلبه لها بغرض الحصول منها على كلمات تمجد رجولتك وشجاعتك.. وهى تُسمعكَ  هذه الكلمات دون أن تعنيها، وأنت تقنع نفسك بأنها صادقة لأنك لا تحتمل مواجهة الحقيقة!. الكاتبة هنا تدمر خرافة أن المرأة مضطهدة وتعلن بوضوح: المرأة ليست ضحية بل صياد ماهر لا يحتاج إلى سلطة سياسية أو عضلات لأنها تملك أدوات أخطر: الجنس والعاطفة والضعف المصطنع والمجتمع المبرمج على خدمتها. المرأة، حسب الكاتبة جعلت من العلاقة مع الرجل مشروع استغلال طويل الأمد تقدم فيه أقل مجهود مقابل السيطرة على الرجل وموارده. من أخطر ما كشفته الكاتبة أن المرأة تسوّق جسدها كجائزة وتقدم العلاقة الحميمة كرشوة مشروطة مقابل المنافع والخدمات. تفعل ذلك لأنها تعلم أن الرجل تربّى منذ الصغر على أن المرأة جائزة، وأن عليه أن يكدح ويتعب فقط ليحصل على رضاها، دون أن يتساءل: ماذا تقدم هى بالمقابل؟ لا يطرح الرجل على نفسه أبدا أسئلة من هذا النوع، ويتيح هذا للمرأة فى معركتها أن تتلاعب بتعريف الرجولة نفسه، فتربط رجولة الرجل بمدى خضوعه لرغباتها وتحقيقه لما تريد، وبهذا يتحول الرجل من كائن حرّ إلى عبد يسعى لإرضاء الملكة التى لا تعطى شيئا، بل فقط تجلس على العرش.

الكاتبة تسخر من صورة «المرأة الضعيفة» المنتشرة فى الثقافة والمجتمع، وتصفها بأنها خدعة محبوكة باحتراف، الهدف منها أن تُعامَل المرأة برقة وتُرفع عنها المسئولية. إنها لا تريد مساواة حقيقية، بل امتيازات مجانية. والكارثة الكبرى كما ترى هى الزواج.. هذه المؤسسة أصبحت اليوم وسيلة قانونية لاستعباد الرجل وسرقة أمواله وجهده دون مقابل يُذكر سوى الوهم العاطفى الذى يبيعونه له منذ طفولته.

إستر فيلار كانت مذهولة: كيف يقبل الرجل كل هذا؟ كيف يسكت على إذلاله؟ كيف يرضى أن يكون خادما باسم الحب؟ تذكر أيضًا الكاتبة أن الرجل يقيد من كل جانب.. تقنعه المرأة بالزواج باسم الشرع أو الواجب، ويطالبه الدين بالكرم والمروءة ويخوفه المجتمع من الحكم عليه بأنه قاسٍ أو أنانى، والتقاليد تطلب منه أن يكون قويًا لأجل الجميع، بينما المرأة تستغل كل تلك القيود لتربطه بها وتتحكم به كيفما شاءت وتُعفى أيضًا من كل مسئولية، بل وتُقدّم كضحية مهما فعلت!. إستر فيلار ترى أن المرأة استغلت تطور الحضارة لترويض الرجل بالأخلاق، بالقانون، بالعاطفة والأمومة.. وهى تعرف ما تريد جيدا، وما تريده هو السيطرة على الرجل، ولأجل ذلك فإنها تستخدم وسائل أخطر من العنف ومن السلطة المباشرة.. تستخدم الأخلاق لتقييده بالشعور بالذنب وتستعمل القانون لتحمى نفسها منه وتستعمل العاطفة لإضعافه كما تستغل المجتمع ليضغط عليه ويذكره بواجباته ويخيفه من صورته أمام الناس ثم تستخدم قناع الأمومة الفعال  لتحصين نفسها من المحاسبة والنقد، ومن ذا الذى يستطيع أن ينتقد أمًا ترضع صغيرها؟! ونتيجة لذلك فإن الرجل يكدح، ينفق، يحارب، يضحى، يخسر صحته ثم يُستغنى عنه إن لم يعد مفيدا بعد أن تُسلب قوته ثم يقال له: يجب أن تتجلد وتصبر فأنت رجل!

وفى مقابل هذا يوجد كتاب آخر يحمل وجهة نظر عكسية اسمه «شوكولاتة بالبندق» وهذا الكتاب يحمل سؤالا أو همًا أساسيا هو: هل صحيح أن المرأة كائن بائس؟ والمؤلف هنا يقدم عشرات الدلائل على بؤس المرأة الحقيقى مع تفاوت هذا البؤس من مجتمع لآخر، يكفى أن الرجل فى المخيلة الشعبية لأهل الشرق سيحصل فى الحياة الآخرة على 72 امرأة.. يؤمن الرجل بهذا كما تؤمن به المرأة، هذا فى الوقت الذى لا تحصل المرأة إلا على زوجها الأشكيف الذى كان يصاحبها فى الدنيا، وإذا اشتكت أو تذمرت قيل لها: عيب، وتم اتهامها فى دينها وفى شرفها، وربما أن هذا من عوامل اعتقاد المرأة فى مجتمعاتنا بعظمة الرجل حتى لو لم تكن ترى دلائل لهذه العظمة!. هى تقنع نفسها أنه طالما أن السماء تنظر للرجل هذه النظرة وتكافئه بهذا السخاء فلا بد وأن يكون هذا الكائن عظيمًا حقًا ولا بد أن تخضع له لإرضاء الإله الذى ميّزه وكرّمه. كما أن المرأة تكبح غضبها من فكرة السماح للرجل بالحصول على أربع زوجات، غير ملكات اليمين.. لا تسمح المرأة لنفسها بالغضب خشية أن يُدخلها هذا فى سكة الكُفر والعياذ بالله، فتضطر للتظاهر بالسعادة وتبرير كل هذا بما يقوله الكهنة فى التليفزيون. وحتى عدم اقتناعها بكلام الكهنة تنفيه داخليًا، فتمرض وتكتئب لعدم مطابقة عقلها وضميرها لما تشعر به. المرأة تضطر للموافقة قسرا على أن يكون زوجها هو نصيبها فى الآخرة ولا تجرؤ على الحلم برجل مثل آلان ديلون أو ليوناردو دى كابريو.. فقط تتمنى على بعلها الأنتيخ فى الآخرة أن يستحم ويغسل أسنانه!

من الواضح أن الكاتبة الأرجنتينية الألمانية إستر فيلار تتوجه فى كتابها للجمهور الغربى الذى لا تعرف غيره، بينما الكاتب المصرى أسامة غريب يتحدث فى كتابه مع جمهور آخر، ولا أرى تعارضًا بين وجهتى النظر، وإنما اختلاف زوايا الرؤية وتباين الموروث الثقافى يقود لتعدد الرؤى.

 

 

 

 

 

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك

بوابة الشروق 2025 - جميع الحقوق محفوظة