x قد يعجبك أيضا

العالم ليس رهنًا بمشيئة ترامب

الأحد 17 نوفمبر 2024 - 7:55 م

العالم ليس رهنا بمشيئة الرئيس الأمريكى المنتخب دونالد ترامب، أو رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو.

صحيح أن إسرائيل تمارس أقصى وأقسى أنواع البلطجة والإجرام والإبادة الجماعية بحق فلسطين ولبنان وسوريا، وصحيح أن أمريكا تدعمها بكل ما تملك، لكن الصحيح أيضا أن هناك رقما مهما فى المعادلة وننساه دائما وهو الشعوب.

أعرف أن بعض من سيقرءون العبارة الأخيرة سوف يسألون متهكمين: هل أنا حالم حتى أراهن على الشعوب العربية التى انتهى أمرها منذ زمن بعيد؟!! ولكن الإجابة العملية عن هذا اليأس المطبق هو أن إسرائيل تحاول منذ عام ١٩٤٨ إخضاع فلسطين. صحيح أنها حققت نجاحات كثيرة وتوسعت وبلطجت وطبعت مع عدد كبير من الدول العربية، لكنها لم تتمكن من إنجاز وإكمال مشروعها حتى الآن بفعل مقاومة الشعوب لمشروعها الاستعمارى الاستيطانى.

ليس معنى ما سبق أن نطمئن ونقول إن مشروع ترامب ــ نتنياهو سيفشل لمجرد أن هناك شعوبا ترفض. إفشال المشروع يتطلب عملا شاقا ومضنيا وتضحيات كثيرة، وإذا لم يحدث ذلك، فسوف يحقق المشروع الصهيونى العديد من القفزات والخطوات التى تجعله قابلا للتجسيد الدائم.

نتذكر أن أمريكا وهى القوة العسكرية الأولى فى العالم ولديها ترسانة نووية هى الأضخم، واقتصادها هو الأقوى فى العالم قد احتلت فيتنام فى ستينيات القرن الماضى. لكنها أجبرت على الانسحاب المهين، واحتلت أفغانستان عام 2001 ومرة أخرى أجبرت على الانسحاب المهين.

ونتذكر أيضا أن إسرائيل التى تقول إنها الأقوى فى المنطقة، أجبرت على الانسحاب من شبه جزيرة سيناء بعد هزيمتها النكراء فى أكتوبر ١٩٧٣، وأجبرت على الانسحاب من جنوب لبنان بعد المقاومة البطولية والتى تكللت بالتحرير عام ٢٠٠٠،  وأجبرت على الانسحاب من قطاع غزة عام ٢٠٠٥.  كما أن المقاومة اللبنانية أجبرت قوات المارينز الأمريكية على الانسحاب من لبنان أيضا عام ١٩٨٤.

وخلال إعدادى لهذا المقال قرأت ملخصا مترجما لمقال للكاتب البريطانى مارك أوربان فى صحيفة الصنداى تايمز يقول فيه ما خلاصته أن العالم ليس رهنا بمشيئة ترامب فقط، وأن هناك عدة عوامل قد تعرقل خطط ترامب فيما يتعلق بوعوده الخارجية كما جاء فى حملته الانتخابية.

صحيح أن ترامب حقق انتصارا انتخابيا كاسحا فى الانتخابات الرئاسية ضد منافسته الديمقراطية كامالا هاريس، مما يجعل له الكلمة العليا فى معظم الملفات المحلية، لكن الوضع مختلف إلى حد كبير حينما يتعلق الأمر بالسياسة الخارجية، والسبب كما يقول أوربان أنه لا يستطيع السيطرة على جميع العوامل المرتبطة بأهدافه الخارجية، وبالتالى فهناك عوامل وأحداث غير متوقعة لديها القدرة على إسقاط كل الوعود التى أطلقها.

على سبيل المثال فإن الأوضاع فى المنطقة بأكملها قد تشهد اشتعالا مما يحبط التعهد بوقف الحرب وإحلال السلام فى المنطقة.

كما أن الاعتقاد بأن ترامب سيمنح نتنياهو الضوء الأخضر فى تنفيذ كل مخططاته قد لا يكون قدرا محتوما.

وإذا كان ترامب سيحاول أن ينفذ تعهداته وأهدافه فهناك لاعبون آخرون لديهم أهداف مختلفة ومتناقضة مثل الصين وروسيا. خصوصا أن ترامب سيجد صعوبة فى التوفيق بين إقناع بوتين بوقف الحرب وبين عدم هزيمة أوكرانيا والغرب بصورة استراتيجية وهو أمر قد لا تسمح به الدولة الأمريكية العميقة.

هناك عامل آخر قد يؤثر فى خطط ترامب مثل قلة المخزون من الأسلحة الرئيسية بسبب ما تم تقديمه لكل من أوكرانيا وإسرائيل.

هناك عامل آخر هو أن الديون الأمريكية الحكومية بلغت ٣٥ تريليون دولار أى حوالى ١٢٣٪ من ناتجها المحلى الإجمالى، وسوف تشهد ارتفاعا كبيرا إذا نفذ ترامب وعده بخفض الضرائب مرة أخرى.

 كما أن وعده بفرض رسوم جمركية قدرها ٦٠٪ على السلع الصينية و٢٠٪ على السلع الأوروبية قد يتسبب فى العديد من التبعات والمشاكل للاقتصاد الأمركى.

مرة أخرى أمريكا قوية جدا وتدعم إسرائيل بكل الطرق ولديهما مشروعات خطيرة لإعادة رسم المنطقة، لكن إذا واصلت الشعوب العربية الرفض وقاومت بكل الطرق النضالية السلمية، فسوف تفشل هذا المخطط، كما أفشلت غيره، أما إذا تقاعست فقد لا نستبعد حدوث نكبة كبرى أسوا من نكبة ١٩٤٨.

مقالات اليوم

قد يعجبك أيضا

بوابة الشروق 2024 - جميع الحقوق محفوظة