لا مبرر للعنف.. لكن ماذا اعتقدتم أنه سيحدث حينما هتفتم ضد العرب فى أمستردام؟
الإثنين 11 نوفمبر 2024 - 6:20 م
بالنسبة إلينا، لم يبدأ الأمر يوم الخميس الماضي؛ فمنذ الأربعاء الماضي، شاهدتُ مقاطع لمشجعى فريق مكابى الإسرائيليين، وهم يتجولون فى أمستردام، ويهتفون هتافات عنصرية بأعلى أصواتهم، ويتسلقون أيضًا على جدران منازل، ويقومون بتمزيق الأعلام الفلسطينية، فجمدتُ فى مكانى من العار، وخفت. وكما هو الحال فى كل مكان فى العالم، خصوصًا منذ أحداث 7 أكتوبر، فقد صارت الحياة المشتركة معقدة فى أمستردام، وبصفتى مهاجرة يهودية تعيش فى حى ذى أغلبية مسلمة، فأنا أحب جيرانى، سواء أكانوا مسلمين أم مسيحيين، ولم أواجه أبدًا مشكلة أو تمظهرًا من تمظهرات اللا سامية، وحين أقضى وقتى فى المدينة مع أصدقاء إسرائيليين، لا أشعر أبدًا بالحاجة إلى إخفاء لغتى العبرية، ومع ذلك، ومنذ صعود حكومة اليمين المتطرف إلى الحكم فى هولندا، ارتفعت التوترات العرقية، ولم أرغب فى أن تأتى الكراهية إلى هنا من إسرائيل، يحملها مشجعو كرة قدم.
وفى صبيحة الجمعة الماضية، استيقظت على رسائل قلقة من أصدقاء وأفراد عائلتى فى إسرائيل، إذ سألونى: «هل أنت بخير؟»، و«ما الذى يحدث فى أمستردام؟» وحين فتحت مواقع الأخبار ورأيت أن العناوين الرئيسية تشير إلى حدوث «مذبحة معادية للسامية» فى المدينة، لم أُفاجأ، وطمأنت الجميع أننى بخير، وأرسلت إليهم مقاطع الفيديو من الليلة السابقة، يوم الأربعاء الماضى، والتى تُظهر مشجعى مكابى يتسلقون المنازل فى وسط أمستردام لتمزيق العلم الفلسطينى. يؤسفنى أن أقول هذا، لكن فى ضوء الأحداث التى شهدتها المدينة فى الأيام التى سبقت، الخميس الماضى، من جانب الإسرائيليين، لا يمكن تصنيف، مساء الخميس الماضى، على أنه «مذبحة معادية للسامية» ضد أبرياء، إنما كان ردة فعل من سكان المدينة تجاه زوار استفزوهم بلا داعٍ.
يشكل المسلمون فى أمستردام نحو 12% من السكان، وجاء المشجعون الإسرائيليون إلى المدينة، وهم يهتفون «الموت للعرب»، ويتهكمون على مقتل الأطفال فى غزة. تخيلوا لو أن مشجعى فريق أوروبى جاؤوا إلى تل أبيب أو القدس، وساروا فى الشوارع يهتفون «الموت لليهود»، ويستهزئون بموت الأطفال فى الهولوكوست. هل كان الإسرائيليون سيقبلون ذلك من دون ردة فعل؟ ألم تكن ستخرج مجموعات من الشباب لمهاجمة هؤلاء الناس؟
والأكثر خطورة من ذلك هو سلوك الشرطة الهولندية التى يبدو أنها لم تتعامل مع عنف المشجعين الإسرائيليين يوم الأربعاء الماضى. لماذا مُنح هؤلاء المشجعون الحصانة لترديد شعارات عنصرية فى مدينة أجنبية وتخريب الأملاك الخاصة؟ هل هذا قانونى؟ ربما لو كانت الشرطة قد ردت بصورة مناسبة على تصرفات المشجعين الإسرائيليين لَمَا شهدنا يوم الخميس الماضى هجمات من السكان المغاربة الذين ربما شعروا بأن عليهم التصرف بأنفسهم بسبب غياب ردة فعل السلطات.
والمسئولون عن الوضع أيضًا هم السياسيون المحليون الذين لم ينطقوا بكلمة ضد سلوك مشاغبى إسرائيل، وفعليًا اتخذوا موقفًا ولم يدافعوا عن المواطنين الذين انتخبوهم والذين من المفترض أن يخدموهم. كان من الواجب أن تكون هناك إدانة للعنف من الجانبين؛ الإسرائيليين والهولنديين العرب على حد سواء. وأنا أيضًا، كمواطنة فى أمستردام، شعرت بالقلق من عنف المشجعين الإسرائيليين والإخلال بالنظام فى المدينة الذى لم تتم معالجته، فهذا فشل للسلطة المحلية.
وإلى جانب ذلك كله، فأنا أخشى أن يؤدى استخدام وصف «معاداة السامية» بصورة متسرعة وعشوائية لوصف هذه الأحداث إلى تقليل صدقيّتنا كيهود عندما تحدث حوادث معادية للسامية تجاه يهود أبرياء من دون أى استفزاز من جانبنا. أعلم أن هذه الكلمات أصبحت جوفاء فى إسرائيل، لكن لدينا مسئولية وعلينا أن نتحملها، فسكان أمستردام لا يتجولون فى المدينة باحثين عن يهود عشوائيين لمهاجمتهم. وحتى آلاف السياح الإسرائيليين الذين أسمعهم يتحدثون العبرية فى وسط أمستردام طوال العام الحالى يثبتون أن الإسرائيليين لا يشعرون بالخطر فى أمستردام فى الوضع العادى.
ياردين سكوب
هآرتس
مؤسسة الدراسات الفلسطينية
مقالات اليوم
قد يعجبك أيضا