لم يسبق أن شهدت إسرائيل مثل هذا الحدث. أن يقوم رئيس وزراء إسرائيلى، فى ذروة حرب متعددة الجبهات، تمتد على سبعة ميادين، وعلى مشارف هجوم إيرانى آخر، بإقالة وزير دفاعه. يبدو أن بنيامين نتنياهو لم يتعلم شيئا. ومثلما حدث فى أكتوبر الماضى، فإن الانقسام الداخلى الذى يثيره نتنياهو فى إسرائيل قد يؤدى إلى كارثة أمنية جديدة.لكن التأثير هنا فى الأمن أعمق كثيرا. لكى ندرك سبب الإقالة، يكفينا الاستماع إلى يوآف جالانت، الذى أظهر نزاهة استثنائية منذ 7 أكتوبر: ابتداء من معارضته محاولات نتنياهو تمرير قانون تمويل التهرب من التجنيد لأسباب سياسية بحتة، مرورا بإصراره على التوصل إلى صفقة لتحرير الأسرى، ووصولاً إلى دعوته إلى تشكيل لجنة تحقيق حكومية فى أحداث السابع من أكتوبر. بفضل جالانت، هبّت الولايات المتحدة إلى دعم إسرائيل من الجوانب العسكرية والدفاعية والهجومية، فى الحرب التى «فُرضت» عليها. فعلى مَن سيعتمد وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن الآن، بعد أن نسج مع جالانت علاقات من الثقة والفهم المتبادل على مدار عام من الحرب الشديدة؟هل توجد شخصية أمنية قادرة على إدارة حوار مهنى وصريح مع وزير الدفاع الأمريكى الحالى، ومع مَن سيخلفه فى الإدارة القادمة، بشأن قضايا مصيرية، مثل تحركات إيران فى الشرق الأوسط وبرنامجها النووى الآخذ فى التوسع، فى وقت يميل ترامب إلى إنهاء الحروب وتجنُّب التدخل العسكرى فى الشرق الأوسط، بل حتى شطب هذه القضايا من جدول الأعمال؟ يسرائيل كاتس ليس على دراية بالشبكة المعقدة للعلاقات الأمنية بين إسرائيل والولايات المتحدة، ولا بالوضع المعقد فى ساحات القتال المختلفة، وهو لا يملك حتى خبرة أمنية أساسية سوى الجلوس فى الكابينيت.عاد نتنياهو إلى الكذب، بوقاحة. كان هناك ادعاء واهٍ وزائف بشأن «سوء علاقات العمل مع جالانت». وماذا بعد؟ إقالة رئيس الشاباك والمستشارة القضائية للحكومة، بهدف إجهاض التحقيقات ضد نتنياهو، والمضى قدمًا فى الانقلاب الدستورى؟ إقالة رئيس الأركان من أجل الاستمرار فى إغفال قضية الأسرى، واستمرار الحرب بلا نهاية؟ينكر نتنياهو أنه يعتزم إقالة رئيس هيئة الأركان، ورئيس جهاز الشاباك، والمستشارة القضائية للحكومة، حسبما تشير مصادر مقربة منه، لكن لم يعد فى الإمكان الوثوق بأى كلمة تصدر عن هذا الرجل، ما دامت مسألة تشبّثه بكرسى الحكم هى أولويته القصوى.لا يمكن لشعب إسرائيل أن يسمح لنفسه بأن يظل غير مبالٍ، فى وقت يقوم رئيس الوزراء بإقالة وزير دفاع ناجح فى ذروة الحرب؛ ويسعى لتمرير قانون للتهرب الجماعى من التجنيد، بينما يعانى الجيش نقصًا بالآلاف من الجنود. لا يمكن لشعب إسرائيل أن يتجاهل أفعال رئيس وزراء تصدر عن مكتبه توجيهات خادعة تهدف إلى إفشال صفقة الأسرى، مع التلاعب بمواد استخباراتية حساسة جرى تسريبها بشكل غير قانونى من الجيش وتعريض المصادر الاستخباراتية للخطر، والتلاعب بمحاضر الاجتماعات فى الأيام التى تلت السابع من أكتوبر.إسرائيل بحاجة إلى قيادة ذات بوصلة أخلاقية واستراتيجية لا إلى قيادة تركز على ضمان بقائها السياسى وتدمير ما تبقى من أنظمة الضوابط والتوازنات التى تفصل بين تحوّل نظام الحكم فى إسرائيل إلى نظام ديكتاتورى. إن الجيش الإسرائيلى مطالَب بحماية إسرائيل من التهديدات الخارجية. أمّا الشعب، فتقع على عاتقه مسئولية التصدى للتهديد الداخلى، الذى يعززه فوز ترامب ونزعاته المعادية للديمقراطية. إسرائيل تعيش فى أيام مصيرية.عاموس يادلينقناة N12مؤسسة الدراسات الفلسطينية
مقالات اليوم حسن المستكاوي الملك المصرى يستمر فى حكم شعب ليفربول يوسف الحسن تغيير الخرائط.. وصندوق «باندورا» سامح مرقص تواصل الحضارات.. والعصر المحورى من الصحافة الإسرائيلية الخبث المطلق.. هكذا تتقدم إسرائيل نحو حُكم عسكرى فى غزة مواقع عربية هل ستوقف «إسرائيل» حربها على لبنان؟
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك