جدل كبير، وإلى حد ما قلق مشروع، يجرى فى عالم اليوم حول مفاعيل وتداعيات الحقبة التكنولوجية، العميقة والمتسارعة من سلسلة الثورات الصناعية التى لم يسبق للبشرية أن بلغتها من قبل.تطورات متسارعة فى القدرات الحاسوبية والبيانات الرقمية، نشهدها اليوم، وتتوسع فيها مجالات تطبيق الذكاء الاصطناعى لتشمل مجالات متنوعة فى الطب والرعاية الصحية والصناعة والاقتصاد والنقل والتعليم وأنظمة الأمان.. إلخ.تقف البشرية اليوم أمام فجر حقبة جديدة ستغير حياة الناس فى عدد كبير من المجالات، بدءا من حياتهم فى المنزل والأسواق والمصانع والتسويق وتجربة التعليم، وتحليل البيانات الضخمة، ودمج الذكاء الاصطناعى بجوانب كثيرة فى عمل الحكومات، ومن المقدر أن يتسع باضطراد حجم سوقه، ليصل إلى مئات المليارات من الدولارات.مستقبل البشرية ملىء بالمفاجآت، على وقع هذه التطورات التكنولوجية غير المسبوقة، وخاصة مع كون ذكاء الآلة وتقنيات تطبيقاتها الحديثة يجعلها قادرة على أداء مهام تتطلب ذكاء بشريا.«بشر رقميون»، سيحتلون مكان البشر الطبيعيين، بوظائفهم فى العقود القادمة.هذا ليس مجرد قضية اقتصادية وجودة حياة، إن إنشاء مليارات من «الروبوتات» يصل عددها بعد ربع قرن إلى عشرين مليار «روبوت» لأداء المهام اليومية المعقدة، وفهم الأوامر الصوتية، والتفاعل مع البشر.. أمر يدعونا للتفكر والتدبر.«جوجل» و«مايكروسوفت» و«أمازون» و«على بابا» و«ميتا» و«أوبن إيه آى» وغيرها، تقود زمام «الروبوتات» فى العقود القادمة، وبالتالى زمام الثورة الصناعية الخامسة، وعالما يتشكل بطريقة غير مسبوقة.من يستطيع تخيُّل العالم بعد ربع قرن، وفيه عشرون مليار «روبوت»، وماذا لو فقد البشر السيطرة على هذه «الروبوتات» وخوارزمياتها المعقدة مع مرور الوقت؟، وكيف يمكن «حوكمة» هذه الآليات، وتفادى مخاطرها وسلبياتها، ووضع قيود واضحة، تضمن استخدامها بشكل مسئول وإنسانى وأخلاقى وقانونى فى آن؟ أتذكر قولا لـ«الرجل الثانى» فى البيت الأبيض فى هذه الأيام إيلون ماسك قاله ذات يوم ليس ببعيد، وهو: «إن مخاطر الذكاء الاصطناعى، بدأت تهدد مستقبل الجنس البشرى»، وقولا آخر لبيل جيتس مفاده: «أشعر بالقلق إزاء الذكاء الاصطناعى»، وقال أيضا: «إن الأجيال الشابة يجب أن تقلق بشأن خمسة أشياء وهى: أزمة المناخ، الحرب النووية، انتشار الأوبئة، الإرهاب البيولوجى، الذكاء الاصطناعى غير الخاضع للرقابة».يتذكر جيلى أفلام الخيال العلمى، ومنها ما سُمِّى فى علم النفس بـ«عقدة فرانكشتاين»، والتى تتحدث عن خوف البشر من تمرد «الروبوتات» التى يصنعونها بأنفسهم، ولضمان عدم تمرد هذه الأجهزة الذكية، نشر العالم الكيميائى والروائى إسحق أزيموف، وهو من أسرة يهودية روسية، هاجر إلى أمريكا، وتوفى فى نيويورك عام 1922، قصة قصيرة بعنوان «التملص» بطلها «روبوت»، وقد تمت برمجته، وفق قواعد ثلاث، تضمن سلامة البشر، وطاعة مالك «الروبوت»، وسلامته من الأعطال. وكان هذا العالم أول من ابتكر مصطلح روبوت ROBOT فى رواية له نشرت فى مطلع أربعينيات القرن الماضى. وقيل إن إيلون ماسك قد تربّى على كتابات هذا العالم، واستلهم أفكاره.هل ستعيد هذه المليارات من «الروبوتات» تعريف الحياة البشرية، والوعى بالذات؟ وفى حال اشتغالها فى السياسة، وحينما تدرك «الروبوتات» قوتها وخصائصها وذكاءها، وقدرتها على قراءة أفكار الساسة، وصنَّاع القرارات، ربما تصاب بالجنون حينما تُسأل: ما البشر؟ وكيف يعم السلام فى العالم، من غير هيمنة، ولا تهميش لمجتمعات، أو عقاب لدول وشعوب بالعزل أو بالقوة المفرطة؟ قال صديق ظريف: «لعل الأمل المتبقى لحماية كوكب الأرض، ومعالجة التغير المناخى، هو الذكاء الاصطناعى بعد أن برهن الذكاء البشرى على فشله فى حماية الكوكب».• • •إن حوكمة الذكاء الاصطناعى ضرورة لازمة، إنسانيا وأخلاقيا، وضمان حياة، وحماية للبيانات وأمنها وموثوقيتها.نعم، الذكاء الاصطناعى هو أكبر حدث فى تاريخ البشرية، وحوكمته تحول دون أن يكون آخر حدث أيضا.
مفكر عربى من الإمارات
مقالات اليوم حسن المستكاوي أحاديث قرعة الدورى عماد الدين حسين النائمون فى شوارع وسط البلد أحمد عبدربه ترامب.. والاستقطاب الأمريكى داليا شمس صوتى هو أنا محمد عبدالمنعم الشاذلي يوم الشهيد إيهاب الملاح «الليث».. فقيه مصر وإمامها محمود عبد الشكور تركيبة توماس السحرية! صحافة عربية غرف تخص الكُتاب
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك