نشر موقع «Eurasia Review» مقالا للكاتب بينوى كامبارك، تناول فيه أن قانون السلامة على الإنترنت (OSA) ، وتحديدا قواعد التحقق من العمر، الذى أصدرته المملكة المتحدة يهدف ظاهريًا إلى حماية الأطفال، ولكنه فى الحقيقة يشكل تهديدًا خطيرًا على حرية التعبير وخصوصية المستخدمين على الإنترنت.. نعرض من المقال ما يلى:
يعتبر كاتب المقال بينوى كامبارك أن بريطانيا تعد - دائمًا - مصدرًا للأمور الغريبة، والمجنونة، والمغامرات السياسية المتطرفة. فمؤخرًا، قررت المملكة المتحدة شن هجوم على مستخدمى الإنترنت. وبذلك، فهى تنضم إلى تيارات الهستيريا القادمة من دول مثل أستراليا، حيث أصبحت قيود التحقق من العمر على المنصات هى الشغل الشاغل. الأمر كله يتعلق بالأطفال، وعندما يبدأ الكبار فى التدخل فى شئون الأطفال تنشأ جميع أنواع المشاكل.
فى هذا الصدد يوضح الكاتب أن قانون السلامة على الإنترنت (OSA) Online Safety Act الصادر من جانب المملكة المتحدة لفرض قيود التحقق من العمر على وسائل التواصل الاجتماعى، ومحركات البحث، وأى موقع أو خدمة أخرى تقريبًا، يدرج ثلاث فئات - يقال إنها - ضارة بالأطفال: المحتوى ذو الأولوية القصوى، المحتوى ذو الأولوية، والمحتوى غير المصنف.
المحتوى ذو الأولوية القصوى: هو المفضل لدى الطبقات المقموعة فى بريطانيا: المحتوى الإباحى، والمحتوى الذى يُزعم أنه يشجع على الانتحار، أو إيذاء النفس، أو اضطرابات الأكل المختلفة.
المحتوى الضار ذو الأولوية: يغطى الإساءات المتعلقة بالعرق، والدين، والجنس، والميول الجنسية، والإعاقة، أو تغيير الجنس، وأى محتوى يحرض على الكراهية ضد هؤلاء الأشخاص. وإلى ذلك، يمكن إضافة التنمر، والترويج للعنف إلى القائمة السابقة.
أما لوائح المحتوى غير المصنف (NDC) تشمل أى شىء على هذا الكوكب وما وراءه يراه المنظمون فى الوقت الحالى خطرًا.
يشير كاتب المقال إلى أنه يقع عبء التحقق من مدى سلامة هذا المحتوى ومناسبته للأطفال على عاتق مقدمى الخدمات عبر الإنترنت. بالتالى، يُطلب من المنصات تنفيذ عملية للتحقق من العمر تكون «دقيقة تقنيًا، وقوية، وموثوقة، وعادلة». تشمل هذه العملية، من بين مجموعة من الخيارات، التقدير العمرى للوجه، ومنح خدمة التحقق من العمر إمكانية الوصول إلى المعلومات المصرفية، وخدمات الهوية الرقمية، والتى تشمل محافظ الهوية الرقمية، والتحقق من العمر ببطاقة الائتمان، والتحقق من العمر عن طريق مشغل شبكة الهاتف المحمول، وتحميل بطاقات الهوية المصورة. وقد فرضت بالفعل منصات التواصل الاجتماعى مثل Reddit، وBluesky، وDiscord، وX عمليات التحقق من العمر.
كارل دونج، مؤسس VPN Obscura، لا يخجل من وصف القانون بأنه «قنبلة موقوتة لخصوصية المواطنين البريطانيين». لخصت بايج كولينجز، الناشطة البارزة فى مجال حرية التعبير والخصوصية فى مؤسسة Electronic Frontier Foundation، العواقب الأوسع لقانون السلامة على الإنترنت: هذا القانون ليس أقل من «تهديد لخصوصية المستخدمين»، وقيود على حرية التعبير من خلال التحكم فى الكلام عبر الإنترنت، وفرض «التمييز الخوارزمى من خلال التحقق من الوجه»، إضافة إلى استبعاد «ملايين الأشخاص الذين ليس لديهم جهاز شخصى أو شكل من أشكال الهوية من الوصول إلى الإنترنت».
هنا، يوضح الكاتب إحدى طرق التحايل على هذه اللوائح، فمن الممكن أن يثبت المستخدمون شبكة افتراضية خاصة (VPN) لتصفح الويب كما لو كان المستخدم من بلد آخر لا تنطبق فيه قواعد التحقق من العمر. يؤكد جرايم ستيوارت، رئيس القطاع العام فى Check Point Software، أن «هذه اللوجستيات شبه مستحيلة. يمكنك، من الناحية النظرية، حظر بيع معدات VPN، أو توجيه مزودى خدمة الإنترنت بعدم قبول حركة مرور VPN. ولكن حتى فى هذه الحالة، سيجد الناس حلولا بديلة. كل ما ستحققه هو دفع الشبكات الافتراضية الخاصة إلى السرية، وإنشاء سوق سوداء لمقاولى هذه الشبكات.
بدأت - بالفعل - حملة بحث عن أنسب شبكات VPN، فى حين اكتسبت عريضة تضم أكثر من 481,000 توقيع تحث على إلغاء قانون السلامة على الإنترنت زخمًا. لكن جاء رد الحكومة البريطانية بالسلب، فى 28 يوليو، بأنه «لا توجد لديها خطط لإلغاء قانون السلامة على الإنترنت». وبدلًا من ذلك، كانت «تعمل مع مكتب الاتصالات البريطانى Ofcom لتنفيذ القانون فى أسرع وقت ممكن لتمكين المستخدمين فى المملكة المتحدة من الاستفادة منه فى الحماية».
يجد منتقدو هذه «الجدران الرقمية» المليئة بالقيود والاستثناءات أنفسهم فى مواجهة رأى عام يجرى توجيهه والتلاعب به بمهارة. فقد مضت الأيام التى كان يستطيع فيها الجميع أن ينشروا، ويشيروا، ويتجادلوا، ويتنفسوا بحرية مطلقة وحماس صاخب. لقد تحولت طرق المعلومات السريعة إلى ساحات نزاع تسيطر عليها المجموعات الافتراضية والتنظيميون المتشددون الذين يرفضون أى نقاش. والأسوأ أن قطاعًا واسعًا من الجمهور بات يتطلع إلى الرقابة كبديل أبوى يمنحه شعورًا زائفًا بالحماية (حسب رؤية الكاتب)؛ إذ كشف استطلاع أجرته مؤسسة YouGov أن غالبية البريطانيين (69% حتى 31 يوليو) يؤيدون هذا القانون. ومرة أخرى، يجرى تبرير هذا التسلط باسم حماية الأطفال، الذين يُخشى أن يُحرموا من النضج الطبيعى ومن ثراء التجارب الحقيقية وتعقيدها.
مراجعة وتحرير: وفاء هانى عمر
النص الأصلى:
https://shorturl.at/ZO62N