نشرت جريدة عكاظ السعودية مقالا للكاتب أحمد الجميعة تناول فيه تحول الخوارزميات من أدوات لتحسين تجربة المستخدم إلى آليات هيمنة رقمية تشكّل وعى الأفراد وسلوكهم عبر التحكم فى المحتوى المعروض، مما أدى إلى ظواهر مثل «غرف الصدى» التى تعزل المستخدم عن التنوع المعرفى وتحاصره فى آراء أحادية ومضلّلة، وهو ما يستوجب وعيًا نقديًا ومراجعة مستمرة للمصادر والمحتوى من أجل تفادى الاستلاب الفكرى والانحياز غير الواعى.. نعرض من المقال ما يلى: الخوارزميات باختصار هى مجموعة تعليمات وأوامر توجه من قبل المختصين إلى أجهزة الحاسوب ومحركات البحث وشبكات التواصل؛ لكى تختار للمستخدم المحتوى الذى يصل إلى شاشته، وذلك بناءً على تحليل اختياراته السابقة، ونوع المحتوى الذى توقف عنده، أو استهلكه بشكل أكبر، أو نقر عليه خلال عملية تصفحه، حيث تعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعى من خلال برمجيات «التلقين الآلى» على إبقاء المستخدم وقتا أطول على المنصات، وتحديدا مع التنافسية الكبيرة بين تلك المنصات للوصول إلى عدد أكبر من المتابعين.كان هدف الخوارزميات فى البداية نبيلاً لمعرفة سلوك المستخدم وتفضيلاته ورغباته، واستخدامها لأغراض تسويقية، وأخرى ذات علاقة بالقياس والأثر للحملات الإعلامية، ولكن مع مرور الوقت اتضح أن الهدف أكبر من ذلك بكثير؛ فهى باختصار محاولة لبسط النفوذ والسيطرة على المستخدم، من خلال تحكم تلك الخوارزميات بكم ونوع المحتوى (البحث، الإنتاج، النشر)، إلى جانب التحكم فى الجمهور الذى يتلقى ذلك المحتوى، والأخطر حينما يصل ذلك التحكم إلى عزل الجمهور عن الواقع، وذلك فيما يُعرف بـ«غرف الصدى» التى يصبح فيها المستخدم معزولاً عن أى محتويات أو آراء مغايرة لرأيه أو تفضيلاته.اليوم الخوارزميات هى المطلوب رقم واحد فى سرعة نشر الأخبار الكاذبة، وعدم القدرة على تصحيحها، مما يؤدى إلى تحيّز علنى لوجهة نظر وحيدة وغير دقيقة، إلى جانب التحدى الآخر وهو مسئولية الخوارزميات فى توزيع واستهلاك الأخبار بسبب تحكمها فيما يصل وما لا يصل، وبالتالى سلبت تلك الخوارزميات من المؤسسات الإعلامية سلطتهم ومنحتها لمجموعة صغيرة من المبرمجين فى مواقع وحسابات التواصل الاجتماعى، مما جعل الأمر يزداد تعقيدا مع تحول الجمهور إلى تلك الحسابات التى تقع تحت «سلطة الخوارزميات»، وتُحدد للمستخدم ما تعتبره مناسبا له.الواقع يشير إلى أن «أيديولوجيا الخوارزميات» أشد خطرا على وعى وسلوك المستخدم، من خلال «غرفة الصدى» التى يتواجد فيها، وتحجب عنه الحقائق، والأولويات والاهتمامات، وتجعل ما يراه واقعا يجب تصديقه، والإيمان به، بل والمشاركة فيه، وهذا يقودنا إلى معرفة المؤشرات التى من خلالها نتعرّف عن مدى تواجد المستخدم فى غرفة الصدى التى وضعتنا فيها تلك الخوارزميات، وأولها التأكد هل ما يتم عرضه من محتويات يُعبّر عن وجهة نظر واحدة؟، وهل وجهة النظر هذه مدعومة بشائعات وأخبار غير دقيقة؟، وهل يتم تجاهل الحقائق التى تتنافى مع وجهة النظر تلك؟، وأى إجابة للمستخدم بنعم عن تلك المؤشرات؛ فهذا يعنى وجوده فى غرفة الصدى التى تحاول أن تُمارس عليه محتوى الاستقطاب وربما الاستلاب الفكرى، وهو ما يتطلب وعيا غير مسبوق للخروج من «غرفة الصدى المظلمة»، والبحث عن الحقائق والمعلومات من مصادرها، والانسجام مع المواقف الرسمية فى التعاطى مع تلك المحتويات للحد من تأثيراتها السلبية فكرا وسلوكا.
مقالات اليوم حسن المستكاوي الهلال أمام فلومينينسى.. مباراة مختلفة محمد المنشاوي ترامب.. ومبدأ «عدم ضبط النفس» محمد بصل متلازمة الغرفة المظلمة إبراهيم العريس مثقفو «الهزيمة الثالثة» والتمسك بحبال الهواء أيمن النحراوى حسابات النصر والهزيمة فى الحرب الإسرائيلية الإيرانية قضايا يهودية هل تصمد حكومة نتنياهو بعد الحرب مع إيران؟
قد يعجبك أيضا
شارك بتعليقك